إنتهازية وحرب نوايا تنتظر ‘المشتركة’
تاريخ النشر: 19/11/16 | 9:03نُقبل خلال العامين المُقبلين على انتخابات الكنيست وتنتظرنا تحديات ومواجهات جديدة تتطلب نضالاً عقلانياً، حكمةً واتزاناً وتتطلب الوحدة. التحديات الاكبر التي سنشهدها تزداد حدة داخل المجتمع العربي وستكون حامية الوطيس،بعيدة عن الوحدة وهذا بالمقابل سيخلق تصدعات وصراعات جديدة داخل القائمة المشتركة والمركبات السياسية في المجتمع العربي وسنشهد ايضا تعددية ليست بالمفهوم الايجابي وتعددية لا تخدمنا كأقلية عربية في دولة اسرائيل.. التعددية عنصر مهم وأمر حيوي في الطابع الديمقراطي لكنها طابع خطير يواجه اقليات كثيرة، اَي بمعنى اخر تعددية الأحزاب داخل المجتمع العربي قد تمنعنا من تجاوز نسبة الحسم في انتخابات الكنيست وهنا لا اقصد فقط تعددية الأحزاب داخل المشتركة، إضافةً لكل المركبات الحزبية العربية في الحلبة السياسية من المتوقع انضمام قوائم ومركبات عربية جديدة من مختلف التيارات السياسية الى الحلبة الحزبية والتي من المؤكد ان تنافس المشتركة في انتخابات الكنيست القادمة. لا نستبعد أيضا تفتت وتفكك المشتركة ، فقد قامت بعض مركباتها وقياداتها بإجراء احصائيات حول مدى قوتها ووزنها في الشارع العربي وقد يقود هذه الإحصائيات جنون العظمة وبالتالي حتماً ستتفتت المشتركة وهذا ما اسميه ب “حرب النوايا”.
قمة الانتهازية ان تنضم احزاب جديدة للحلبة الحزبية والسياسية في ظل ظروف مركبة قد تساعدها وتُكون لها ارضاً خصبة وبنى تحتية متينة وفذة، ومثال على ذلك التصدع الموجود داخل القائمة المشتركة وفشل الخطاب السياسي، وايضا اخفاق المشتركة في حل قضايا كقضايا العنف المستشري في الشارع العربي، قضايا التعليم، قضايا الارض والمسكن، البيوت الغير موصولة بالكهرباء، القرى الغير معترف بها .. في المُستقبل القريب انا على يقين ان الأحزاب التي ستنضم الى الحلبة الحزبية ستستخدم اساليب محنكة وذكية بالرغم من انها لا تشكل بديلاً ولا تملك خطاباً سياسياً واضحاً وقد يكون هدفها فقط وضع المشتركة في وضعية الضغط من اجل الانضمام الى مركباتها تحت مسمى الوحدة وقد تكون من الأساس هذه القوائم فقط عبارة عن “فقاعة اعلامية”، لكن الأساليب المتوقع اتباعها وانتهاجها في هذه المعركة ان صح التعبير كثيرة، منها انتهاز فرصة جذب الاعلام العبري لشن حرب وهجمة إعلامية شرسة على القائمة المشتركة وعلى رصيدها السياسي، وقد نشهد تحالفات سياسية مع احزب قد تنشق عن المشتركة او مع احزاب يهودية، ومن المؤكد انتهاز مواقف بعض مركبات المشتركة كموقف المشاركة في جنازة بيرس وغيرها من المواقف ..
في ظل الظروف القاسية التي تعصف بالمجتمع العربي وفي ظل ضعف واقع قيادتنا العربية وفِي ظل السياسات والممارسات العنصرية وفِي ظل حضور مسلسل العنف الدامي والمسشتري داخل مجتمعنا، في ظل تناثر القضايا الكبرى والهموم اليومية، في ظل انعدام الأفق وغياب الامل لدى المواطن العربي وفِي ظل غياب وضياع القضية الاساسية والمصيرية التي تكمن باقتراح حل الدولتيين نرى ان المجتمع العربي مستاء جدا من هذا الواقع الشرس الذي يتطلب منا الوحدة والتكتل ويتطلب التفاف جماهيري، شعبي ومؤسساتي كبير، يتطلب ان نعي جيدا ماذا تعني مصلحة عامة !
صحيح ان البرلمان الاسرائيلي يشكل منصة مهمة، مصيرية للمواطنين العرب وانه من الضروري التعامل مع هذه المنصة خصوصا في ظل هذه الفترة التي يتم بها تمرير وشرعنة قوانين لا تنسجم مع المحيط الديمقراطي، لكن من الخطأ ان نسيء استعمال هذه المنصة لما لا يَصْب في مصلحتنا. على الأحزاب التي من المقرر ان تنضم للحلبة الحزبية ان تعيد صياغة وترتيب اوراقها وان تتأنى قبل اتخاذ اَي قرار ، عليها ان تبتعد عن الأسلوب والفكر الانتهازي، النرجسي، الاستعلائي والعدواني.
على المشتركة ان تجابه هذا الأسلوب بأسلوب نير، سلمي، انساني وعقلاني وعليها ان تحتضن الموقف على الفور قبل فوات الاوان وقبل انطلاق القطار وايضا عليها التخلي عن الخطاب الارتجالي ووضع خطة عمل واستراتيجية مدروسة لضمان نجاعة عملها واستمراريتها وضمان نسيج صحي يجمع كافة مركباتها وانا اتحدث هنا من منبر العتب والغيرة على اداء المشتركة وانا اريد للمشتركة ان ترتقي بإنجازاتها وايضاً ان ترتقي بتوجهها ،هناك تحرك وتقدم نوعي لكن نحن نتوقع الكثير من قيادتنا لان وحدتهم آنذاك جعلتنا نتجاوز سقف التوقعات وحبال الامال المُعلقة.
على الجماهير العربية ان تنظر من منظار واسع النطاق وعليها ان تتصرف بحكمة بشأن تحديد هوية ممثليها وعليها اعادة صياغة مفاهيم شمولية جديدة بما يخص القضايا الانية والحاضرة في الشارع العربي وعلينا ترسيخ مفهوم الوحدة والتكتل. هيا بِنَا نقود سويةً نضال سلمي يدفع بعجلة تقدمنا وتحقيق مطالبنا وتحصيل حقوقنا العادلة بأمتياز، هيا نتكاتف من اجل انهاء الجزء الأخير من مسلسل العنف الذي تعددت أجزاءه وطالت حلقاته وهيا نبتعد عن التصدعات والصراعات القائمة في صفوفنا. الماضي قد تم تدوينه ومن الصعب تعديله لكن أمامنا فرصة حقيقية من اجل رسم مستقبل وهذا يكمن بأيدي هؤلاء الذين يعدون له آليوم، هيا نعد له كي نتقن فن التدوين.