وجوه وملامح (23)
تاريخ النشر: 03/12/16 | 11:33لقد تركت المرآة المسلمة عبر صفحات التاريخ صفحات مشرقة حافلة بالمواقف الرائعة التي تظهر فيها معاني هامة تحتاج المسلمة المعاصرة التعرف عليها من خلال نساء دخلن التاريخ من أبواب شتى ، وسأستعرض من خلال هذه السلسلة بعض المواقف سريعة التأثير في القلوب مواقف نستعرض من خلالها ملامح كل شخصية عبر التاريخ .
أم المقريزي .. امرأة لم تر وجه أجنبي قط …!
يقول عنها المقريزي في كتابه ( درر العقود الفريدة ) :
” كانت أفضل نساء زمانها ديناً وعفة وصيانة وعقلاً وصبراً وخبرة وقال : ما رأت قط وجه أجنبي ، كانت تديم قيام الليل وصيام الاثنين والخميس وتواظب على الأوراد من الذكر والقراءة ، أقامت بالحمى إحدى وعشرين سنة وماتت بها وهي صابرة غير جازعة ولا متسخطة ” .
تأملي أختاه تلك السطور التي دونها لنا التاريخ عن تلك المرأة الفاضلة المسلمة التي أخرجت للأمة أحد الأئمة الأعلام وهو المقريزي من أكبر مؤرخي القرن التاسع ، ومن علماء زمانه في مصر . وقد كانت رحمها الله كما قال ابنها على حياء شديد حتى أنها لم تكن تنظر إلى وجه أي رجل أجنبي عنها . وأي صفة وفضل ذلك الفضل لقد تذكرت مع هذه الكلمة قوله سبحانه وتعالى عن الحور العين { قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } [ الرحمن : 56 ] أي أنهن لا يتعدى نظرهن أزواجهن فهن ينظرن إليهم فقط .
وأي فضل نالته تلك المرأة حين رزقها الله الحياء ؟ وأين بنات المسلمين اليوم من هذا الحياء وهذا الستر وأين هن من المداومة على الذكر وقراءة القرآن الكريم وخشوع مع سكون وراحة ؟ فإن القرآن الكريم شفاء للقلوب من أهوائها وأمراضها مما يجعل القلوب لا تتعلق بزخارف الدنيا وترجو ما عند الله ولذلك صبرت رحمها الله على المرض إحدى وعشرين سنة . وأي صبر هذا ؟ إنه صبر نبع من إيمانها بالله سبحانه واستسلامها لأمره وطمعها فيما عنده من الأجر والفضل .. رزقنا الله الصبر والرضا ، وزان بنات المسلمين بالحجاب والحياء .
فكوني كمثل هذه المرأة الفاضلة يا أختاه والتزمي بالستر والحياء ورحم الله من قال :
فليقولوا عن حجابي …. لا وربي لا أبالي
شيمتي دوماً حيائي …. واحتشامي رأس مالي
بقلم: محمود عبد السلام ياسين