قصة أصحاب الفيل
تاريخ النشر: 13/12/16 | 4:37كان في اليمن رجل يسمى أَبْرَهَة الأشرم، وكان عنده جيش عظيم، وكان أهل اليمن كل عام يخرجون في موسم الحج؛ ليحجوا حسب التقاليد الموجودة في ذلك الوقت، لما سأل أَبْرَهَة عن هذا قيل له: إن العرب لهم بيت يعظمونه ويحجون إليه كل عام، وهو في مكة، فأراد أبرهة أن يصرف الناس عن مكة، ويأتوا إلى اليمن، فبنى كنيسةً وبالغ في زخرفتها، وأطلق عليها اسم القُلَّيس وأمر جنده وأتباعه أن يدعوا الناس إلى الحج إلى القُلَّيْس بدل من الكعبة، لكن العرب عندما عَلِموا بذلك سخروا منه، وتسلل أحدهم خُفية، فَأَحْدَثَ فيها ولطَّخها بالنجاسة، ولما علم أَبْرَهَة غضب غضبًا شديدًا، وأقسم أن يهدم الكعبة وجَهَّزَ جيشًا عظيمًا منه الفيلة والخيول والإبل، واصل أَبْرَهَة المسير بجيشه حتى بلغ مكانًا قريبًا من مكة في الجبال، ورجعت بها غنيمة إلى معسكر الجيش، فهم لا يملكون جيشًا منظمًا، وكان عددهم قليلاً، فأقام فيها وأرسل فرقة من جيشه، فهجمت على الإبل والأغنام التي كانت ترعى.
كان العرب يركنون إلى شيء واحد وهو أن الكعبة بناء مقدسٌ، وأن العناية الإلهية ستتدخل في الوقت المناسب لحمايتها، أرسل أَبْرَهَة إلى زعيم مكة عبدالمطلب بن هاشم يدعوه للقائه، فجاء عبدالمطلب وكان رجلاً مهيبًا وقورًا، فلما رآه أبرهة نزل عن عرشه، حتى استقبله وجلس معه، وبدأ يسأله قائلاً: ما حاجتك؟ قال له عب المطلب: إن جندك أخذوا مائتي بعير لي، وأريد أن تردوها عليَّ، فقال أَبْرَهَة: قد كنت عظمتك حين دخلت عليَّ، ولكني الآن زهدت فيك، قال عبدالمطلب: ولِمَ أيها الملك؟ قال أَبْرَهَة: لقد أتيت لأهدم هذا البيت الذي هو دينك ودين آبائك وأجدادك، وها أنت لا تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير!
قال عبدالمطلب: أما الإبل فأنا ربها؛ أي: صاحبها، وللبيت رَبٌّ يحميه، فرد أَبْرَهَة الإبل إليه، وذهب عبدالمطلب يدعو الله أن يحمي بيته، وفي الصباح تهيأ أَبْرَهَة وجنده؛ ليُغِيرُوا على مكة ويهدموا الكعبة، وبينما هم كذلك؛ إذ برك الفيل الأكبر على الأرض، وكانت بقية الفيلة لا تمشي إلا ورائه، فحاول الجند أن ينهضوه لكنه أبى، فلما وجَّهوه نحو اليمن قام يهرول، ثم وجهوه نحو مكة ثانية، فبرك على الأرض، وانشغل الجند بهذا الفيل، وفي أثناء ذلك أرسل الله سبحانه وتعالى عليهم طيرًا أبابيل تأتي مسرعة، وتمر من فوقهم، ومعها حجارة صغيره تلقيها عليهم، فكلما أصابت أحدهم سقط على الأرض ميتًا، فلما رأى الجند ذلك، هربوا راجعين إلى اليمن، وخسروا قائدهم وأكثرَ جنودهم، واستشعر أهل مكة هذه النعمة العظيمة، وعادوا يطوفون حول الكعبة بإجلال وتعظيم، واتخذ العرب من هذا العام تاريخًا يؤرخون به، وقد حدث في هذا العام أعظم حدث، وهو ولادة النبي صلى الله عليه وسلم.