التلقيم والتطيين
تاريخ النشر: 10/02/17 | 8:36اسمع كلامكك يعجبني ..اشوف افعالك اتعجب, فعندما تشاهد او تستمع لنشرات اخبار وسائل الاعلام العربي وخاصة الرسمي منه, فتستمع كثيرا ويوميا لحدوثة ” الوطن الغالي و”امن الوطن” و” الدستور” وضرورة الالتزام به بندا بندا فيما الحقيقه ان اكثر الدساتير العربيه مجرد عباءه خاصه فُصلت خصيصا على مقاس انظمة حكم تخترق القوانين العالميه والانسانيه يوميا ولا تكترث لا بأمن الوطن ولا بحقوق الشعب ولا بقضايا العدل والمساواه والعكس هو الصحيح وهو ان كل ما سُن من قوانين وتشريعات جاءت لتثبيت نظام الحكم وتجذيراساليب القمع والظلم والفساد وتعميق الفجوه بين الشعب والطبقه الحاكمه ومشتقاتها لابل تعميق الفجوه داخل الشعب الواحد بين اكثريه فقيره واقليه قليله تنعم في بحر من الغنى الفاحش من جهه وتحتكر موارد ومدخرات و اقتصاد الدول العربيه من جهه ثانيه وبالتالي ماهو جاري منذ عقود في العالم العربي هو تجهيل وتضليل مبرمج تقوده الطبقات الحاكمه بهدف تأمين استقرارها واستمرارها في الحكم على حساب الشعوب المقموعه والمضطهده لابل ما نلحظه بجلاء هو ان شعوب كامله تُقتَل وتُهَجَر قسريا بحجة تمردها على حاكم يزعم انه انتخب دستوريا وقانونيا, وفي الوقت نفسه نرى بوضوح ظاهرة استيلاء الميليشيات الطائفيه وغيرها على مقاليد الحكم في الدول العربيه عبر انتخاب رموز لها في عمليات انتخابيه يُزعَم انها دستوريه وقانونيه فيما الحقيقه انها عمليات قرصنة وعربدة مدعومه من قبل عصابات وميليشيات مسلحه تستهدف وجود مكونات طائفيه وعرقيه الى حد انها تقوم بتدمير قرى ومدن كامله وتهجير اهلها بحجة التحرير وفرض القانون والدستور التي صاغته بالاصل إما قوى رجعيه وظلاميه او طائفيه استعانت بقوى اجنبيه لتمرير دستور يخدم مصالحها ويهضم حقوق الشعب… حتى قانون محاربة ” الارهاب” التي سنته معظم الدول العربيه هو قانون مهلهل تستعين به الطبقه الحاكمه والقوى الامبرياليه وقوى وميليشيات ارهابيه من اجل تشريع عملية قتل الناس وتهجيرهم والتنكيل بهم تحت لافتة كونهم “ارهابيون” ينتمون لمنظمات ارهابيه., ونحن هنا سنطرح قضية في غاية الحساسيه والانسانيه وهي : هل كل هذا العدد الهائل من الشباب العربي الذين قتلوا بحجة انتماءهم الى “داعش” كانوا فعلا ” ارهابيون”؟؟ وحتى لو كانوا متهمين! فلماذا لا توفر لهم او بعضهم محاكم عادله بدلا من ابادتهم وقتلهم جماعيا بتهمه وبدون تهمه؟ ولماذا يسقط العشرات والمئات من المدنيين في كل عمليه عسكريه تستهدف عدد محدود من مقاتلي ” داعش”؟؟
.. للتذكير هنا : قتل التحالف الغربي والعربي الرجعي عشرات الالاف من الشباب المنحدر من المشرق والمغرب العربي بتهمة الانتماء الى تنظيم ّ داعش” او ” القاعده” ونحن نظن ان الحرب هي الحرب بكل فظائعها لكننا نظن ايضا ان عدد كبير من بين القتلى استحق ويستحق فرصه ثانيه للحياه لكنه لم يحصل عليها حتى لوكان شابا حدثا صغيرا ومضللا به, فالجاري هو اباده مقونَنه بقوانين غابه وقتل متعمد دون اي محاكمه…
الملاحظ والواضح هو ان الاعلام العربي يلقم جمهوره تلقيمة قانونية الحرب على “الارهاب” التي تشرعن عمليا قتل وهدم وتشريد حاره وحي ومدينه كامله من اجل قتل بضعة عشرات او مئات من مقاتلي ما يسمى ب ” الحركات او المنظمات “الارهابيه”…الجمهور العربي والشعوب العربيه يتلقون الاخبار بتلقيمات جاهزه وهي ان جميع هؤلاء الضحايا والقتلى “ارهابيون” وذلك بالرغم من ان لا احد تحقق من كونهم كانوا “ارهابيون” ام لا؟ هؤلاء يُقتلون ويموتون ويموت معهم سبب وسر قتلهم وحتى لو اُلصق على جثثهم شعار “داعش” او ” القاعده” فهذا ليس دليل قاطع بكونهم منتمين لهذا التنظيم “ولذا” حسب وجهة نظر الاخر وجب و تحتَمَ قتلهم والتنكيل بجثثهم وتركها ملقاه في الشوارع وميادين ” القتال” لتتعفن..عيب.. فقط الانسان النذل والخسيس هو من يترك جثث البشر عنوه تتعفن في الشوارع بزعم “الردع “…هذه حالة تطيين للساديه والهمجيه ولا علاقه لها لا بالردع ولا بتخويف الاخر والحيلوله دون انضمامه مستقبلا لهذا التنظيم او ذاك… الاخلاق والقيم العربيه والاسلاميه تقول : اكرام الميت هودفنه حتى لوكان عدوك؟ لابل ان كل شرائع السماء وقوانين الدنيا لا تشرعِن التنكيل بالانسان حيا ام ميتا؟!..هل سمع احدكم بقانون او دستور فيه بند يجيز التنكيل بالموتى؟ العكس هو الصحيح وهو ان الدساتير والقوانين الحقيقيه دعت لاحترام الاحياء والاموات ايضا وهذا ما هو غير حاصل ومتوفر في دساتير وقوانين اكثرية الدول العربيه التي يحكمها الطغاه او الطائفيون ومشتقاتهم وحلفاءهم؟؟
يوميا نستمع في الاخبار بمقتل عشرات ومئات الناس من العرب ويوميا ترتكب الانظمه العربيه ومعها حلفاءها الغربيون او الروس ابشع المجازر بحق الشعوب العربيه ويوميا نستمع الى عمليات تهجير قسري وتهديدات لا تعد ولا تحصى لهذه المدينه او المنطقه او ذاك الحي الى حد ان المجرمين صاروا ينشرون تهديداتهم بقتل الناس عبر اشرطه مصوره لمناطق عربيه مأهوله بالسكان ويطالبون الناس بمغادرة ديارهم خلال مهله زمنيه محدده وإلا تعرضوا للقتل, والمفارقه ان هؤلاء المجرمون منتسبون لتنظيمات وحشود عسكريه تابعه لوزارات دفاع ومؤسسات دو له تزعَم انها منطويه تحت مظله دستوريه وقانونيه الخ من خزبعلات والمفارقه الاخرى نفسها ان الدوله العربيه “المدستره” صارت تجلب القوى والميليشيات الاجنبيه من اجل قتل الشعوب وتشريدهم تحت لافتة “محاربة الارهاب”… تقديرنا التقريبي لعدد المهجَرين واللاجئين من العراق وسوريا هو ان هذا العدد تجاوز ال ثمانية ملايين لاجئ ومشرد ناهيك عن ملايين القتلى والجرحى والمفقودين والارامل والايتام وهذا العدد قد يكون اقل من تقديرات واحصائيات رسميه لكنه عدد هائل وكارثي وجل ضحاياه كانوا ضحايا قوانين ودساتير الغاب العربيه التي تشرعن قتل وطن كامل واحتلال وطن كامل وتشريد شعوب كامله بحجة الحفاظ على الامن والاستقرار…طبعا.. مكحله بكفالة ” الدستور”….الدستور يكفل قتل وتشريد شعوب كامله وتدمير مدن وقرى على راس قاطنيها لابل ان الدستور “العربي” يكفل للحاكم جلب الاستعمار والاستكبار والقواعد العسكريه للحفاظ على حكمه الى حد ان احد الحكام العرب قد حوَل الشعب والوطن لميدان مفتوح لتجربة جميع انواع الاسلحه الروسيه على اجساد الشعب السوري فيما تحتمي جميع انظمة ما يسمى بمجلس ” التعاون الخليجي” خلف القواعد العسكريه الامريكيه والغربيه المقامه في منطقة الخليج العربي والجزيره العربيه؟…خذ بالك وصحصح معانا شوَي : جميع القواعد الاجنبيه مكفوله في الدستور ” الوطني”.. مهزله قانونيه؟؟
ليس هذا فقط ..حتى الانقلابات العسكريه مكفوله في ” الدستور” والقانون وهذا الاخير يكفل للحاكم سجن الشعب وتحويل الوطن الى سجن كبير وتحويل المنابر الاعلاميه الى اكبر مروج تضليلي لثقافة “ديموقراطيه وعدل ومساواه” لم تكن يوما من الايام حاصله او ملموسه لا بل ماهو جاري هو تضليل محض صنَع ويصنع ثقافة الاستبداد والفساد وعدم احترام حقوق المواطن والانسان.. يسحلون الناس جثثا واحياءا في الشوارع ويتحدثون عن الدستور الذي يكفل عملية السحل… إما ” ارهابي” مزعوم او معارض لنظام الحكم؟!
الدستور المزعوم يفرض على الشعب والمركبات في الشوارع والاماكن العامه ووسائل الاعلام اطلاق اغاني التمجيد للحاكم و” الوطن” و”حنا النشاما” و”حامي حماة الديار” و”حامي الحرمين” وصقور ” الوطن” والقاب لا تحصى ولا تعد لا تتداول حاليا الا في الدول العربيه وغابرا في ممالك العصور الحجريه…صرنا فرجه ومتحف كبير لادوات العصور الحجريه؟…عنا سلاطين وسلطنات… عندنا حكام وما عندنا اوطان..عندنا كل شئ ماعدى الديموقراطيه والعدل والمساواه.. دساتير وقوانين الحكام العرب كفلت بقاء الحكام وزوال الشعوب لابل اضطهادها وتكميم افواهها بنار وحديد ” الدستور والقانون” المزعوم, والانكى من هذا هو انه عندنا “كمان” ايضا سلطه ” وطنيه” لها دستور وقوانين تشرعن العمل الامني المشترك مع الاحتلال الذي يحتل ارض الشعب الفلسطيني..الدستور والقانون يكفل وجود “سلطه” تتعاون مع الاحتلال الذي شرد اكثرية الشعب الفلسطيني وما زال يحتل ارضه ويضطهده حتى يومنا هذا.. ثقافة ” نشجب وندين” لن تحرر فلسطين وجيش “دايتون” لن يصنع لا ثقافة الديموقراطيه ولا التحرير, ومع هذا تجد له ولاسياده “دستور” وقوانين تحمى وجوده او بالاحرى تشرعن هذا الوجود الذي يتعاون مع الاحتلال بهدف قمع تطلعات الشعب الفلسطيني؟!
التلقيم الاعلامي والفكري التضليلي هو اداه من ادوات القمع الموضوعي والاسمي والذي يعني انك تحاصر الشعب فكريا وسياسيا وحضاريا واقتصاديا بهدف الحفاظ على امن ودستور وقوانين حاكم طاغيه وفاسد يقوم بتطيين الحاله العربيه وزيادتها طينا وبله وجهل من اجل الاستمرار بالجلوس على كرسي الحكم لابل ان الدستور وابواقه الفاسدون يضمنون بقاء رئيس عربي شبه ميت منذ عدة اعوام في دفة الحكم من اجل الحفاظ على مصالح حاشية هذا الحاكم الحاضر غائب!…المرض ليس عيب لكن العيب الاكبر ان تكون فاسدا اخلاقيا وانسانيا وسياسيا وتقوم بتحنيط رئيس مريض يرأس دوله عربيه كبيره مثل الجزائر وتزعم انك تحافظ على الدستور والقانون.. تطيين الحاله وتكحيلها بدستورية وقوع جريمه مزدوجه..جريمه بحق الرئيس الحاضر غائب دون علمه وبحق الشعب الذي دفع ثمن التحرير من الاستكبار الفرنسي باكثر من مليون ونصف المليون شهيد…غيض من فيض اكاذيب الدساتير والقوانين العربيه التي لم تصنع سوى ثقافة الاستبداد والفساد والظلم والاضطهاد الى حد يكفل فيه الدستور وجود الفقر والعوز الى ابد الابدين في المجتمعات والدول العربيه..قوانين الطغاه والفاسدين والعملاء لن تصنع ثقافة الديموقراطيه والعدل والمساواه..هي دساتير وقوانين وَهميَه لها عواقب تربويه وطنيه وَخِيمه…تسلسل وتغلغل ثقافة الاضطهاد والظلم والقمع من اعلى هرم للسلطه ومرورا بالمجتمع وحتى العائله والاب والام والرجل والمرأه….. التلقيم مصطلح ينحدر من “لقمه” والتطيين ينحدر من “الطين”.. القانون والدستور المُخترَق لا يصنع ثقافة الديموقراطيه والعدل والمساواه!؟… نقد النقد هو الاهم في تطوير الاداء الانساني والثوري واحد اسباب فشل الثورات العربيه هو ان المعارضه نفسها كانت نتاج ثقافي طبق الاصل من ثقافة الحاكم العربي.. معارضة النظام كانت الوجه الاخر له في المسلكيه والاداء..البديل زادها طين وبله…لقمة معنى الثوره كانت اكبر بكثير من ان يتسعها فم وعقل قاصر فكريا وسياسيا ..التلقيم والتطيين نتاج وتوأمة ثقافة الظلم والقمع والفساد في ظل غياب كامل للدستور والقانون في العالم العربي… على الشعوب ان تسعى في مناكبها لكتابة اول حروف وكلمات دستور وقانون يحترم انسانيتها ويحفظ كرامتها ضمن مشروع ثقافي وفكري ليكون زيت قنديل ثوراتها..الثوره بلا ارضيه فكريه كالقنديل بلا زيت..والسلام عليكم اينما كنتم وتواجدتم في رحاب وقارات هذا العالم..!!
د.شكري الهزَيل