مؤتمر فلسطينيي الخارج وتبديد المخاوف
تاريخ النشر: 12/02/17 | 14:40لم يكد الإعلان عن موعد إنعقاد المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج يرى النور حتى تسارعت لا أقول الملاحظات والأسئلة والإستفسارات وحتى إبداء الإختلافات في الآراء والتطلعات والتوقعات فهذا شيء طبيعي لا بل ضروري إذ من شأنه أن يوسع دائرة الشراكة في عملية التحضير، ويعطي إضاءات وأفكار جديدة للمنظمين وما الذي يمكن أن يصدر عنه في المستقبل من برامج وآليات، خاصة أن رسالة المؤتمر كما عبّر عنها المنظمون بالسعي لـ “اطلاق حراك شعبي وطني يحقق تفعيل دور شعبنا في الخارج من أجل الدفاع عن قضية فلسطين وحقوق شعبنا في تحرير أرضه والعودة إليها..”، إلا أن الإنتقادات للمؤتمر وحجم المخاوف أخذت منحاً آخر غير موضوعي في التشكيك في النوايا، واستحضار نتائج مسبقة وأن المؤتمر يحاول إلغاء واستبدال الآخر والمقصود منظمة التحرير الفلسطينية.
يشير المنظمون إلى أن المؤتمر يعتبر منصة شعبية مفتوحة لفلسطينيي الخارج من مفكرين وأدباء وإعلاميين ومثقفين ورؤساء مؤسسات وجمعيات.. بعيداً عن أي تمثيل سياسي فصائلي، والدعوة عامة وبالإمكان لأي كان من الفلسطينيين بغض النظر عن انتمائه السياسي أن يسجل ويحضر ويشارك وأن يعبر عما يريد على قاعدة التنافس في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني والنهوض الفاعل لدور فلسطينيي الخارج واستحضار قدرة وتأثير أكثر من نصف الفلسطينيين في العالم أمام أي إستحقاق سياسي في المستقبل، فهذا الثقل الكمي والنوعي وتعدد الخبرات والكفاءات بين أبناء شعبنا الفلسطيني في الخارج لم يعد من السهولة تجاوزها أو تغييبها عن المشهد السياسي الفلسطيني العام خاصة بعد مرور أكثر من ربع قرن – مؤتمر مدريد في 1991 – على حالة التجاهل والتهميش لا سيما على مستوى قضية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين يمثلون 72% من الشعب الفلسطيني الذي وصل تعداده أكثر من 12 مليون فلسطيني في الداخل والخارج، ولا يراد لهذا المؤتمر الذي سينعقد في اسطنبول أن ينتهي بإنتهاء يومي 25 و 26 من شباط/فبراير 2017 لا بل أن يشكل محطة لدور مفصلي لفلسطينيي الخارج في المستقبل..
من يحاول إلغاء أو إستبدال الآخر إنما بذلك يتجرع السم السياسي الذي سيؤدي حتماً إلى الإنتحار والمزيد من التشرذم وتكريس لحالة الإنقسام الفلسطيني المقيت، ومن منا كفلسطينيين سواء كنا سياسيين منتمين تنظيمياً لفصائل وأحزاب وقوى فلسطينية وطنية أو إسلامية مؤيدة لاتفاق أوسلو أو غير مؤيدة، إو إن كنا فلسطينيين مؤيدين لهذا النهج السياسي أو آخر، أو غير مؤيدين وكنا مستقلين.. من منا لا يريد إصلاح وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية؟ فهذا أصبح مطلب سياسي وشعبي فلسطيني في آن، وهذا لا يعني إن استطاعت أي مجموعة من النخب الفلسطينية المبادرة للدعوة لعقد مؤتمر شعبي على هذا المستوى بأنها تسعي إلى تغييب أو إستبدال الآخر خاصة أن الدعوات التي وجهت سواءً لأعضاء تكون صفتهم “هيئة تاسيسية” أو الحضور بشكل عام لم يستثني أحد من أصحاب التوجهات السياسية لكن على قاعدة التمثيل الشعبي وليس الفصائلي، ووُضعت بين يدي المدعوين خلفيات وأدبيات وأهداف انعقاد المؤتمر ومنطلقات للحوار والنقاش، وهذا بديهي في التحضير لاي مؤتمر وليس كما يدعي البعض بالدعوة الى التوقيع المسبق على النتائج.
الإعداد والتحضير لعقد مؤتمر على هذا المستوى حتماً سيواجه صعوبات وتحديات، لكن تنوع الدعوة للحضور وتلاقح الأفكار والشفافية والتكامل في الطرح السياسي واستحضار المشروع الوطني الفلسطيني الجامع من جهة، ومعاناة شعبنا في الخارج وتهميش دوره لعقود في صناعة القرار السياسي، واستهداف صهيوني شرس لا يتوقف لحقوق شعبنا من جهة أخرى، من شأنه أن يبدد المخاوف لا أن يكرسها.
علي هويدي- كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني