حينما تقول لي نكدك تحت المطر لا يشبهك البتّة
تاريخ النشر: 10/09/17 | 14:00ذات صباح ماطرٍ أيقظتني زوجتي من نومي، وقالتْ: انهضْ، لقد تأخرتَ على عملكِ.. وبعد دقائق من لحّها علي للنهوض قمتُ من فراشي واتجهتُ صوب النافذة، فشاهدت المطر ينهمر بغزارة، فامتعضتُ قليلا، وقلت في ذاتي: لا أُحبُّ الانتظارَ تحت المطر، فالنّكد لا يأتيني، إلا حينما أكون أنتظر حافلةً على الرصيف تحت المطر لفترة من الزمن، فلا نقود معي لشراء شمسية، رغم ثمنها البخس، ولكنني مجبرٌ أن أنتظر تحت المطر.. فلا يوجد سوى عدة حافلات على هذا الخط النكد وهي لا تكفي لنقل المواطنين ..
فلبستُ ملابسي على عجلٍ، وسرتُ على الرصيف المليء ببركِ المياه، وانتظرتُ هناك بلا شمسية، وحلّ النكد علي بكل سماجته، فتمتمت في ذاتي فعلا كما قالت لي بأن نكدي تحت المطر لا يشبهني البتة، لا سيما حينما أكون في مواقف الحافلات التي بلا مظلات لتقي الناس من المطر فكيف لي أن انتظر حافلة لفترة من الزمن تحت المطر دون أن أتنكد..
وحينما كنتُ أنتظرُ الحافلة بدأ النكد يلبس محياي المبلل، فالمطر بللني تماما لأن الحافلة زادت من نكدي لأنها تأخرت على غير عادتها في كل صباح ، ولكنْ ما العمل؟ عليّ الذّهاب إلى العمل، فأقوم في كُلّ صباحٍ ومساءٍ بالوقوف في ممرِ الحافلة الصغيرة، رغم أنّني عادة أرى أمامي وجوهاً مبتسمة، وأخرى نكدة، إلا أنّني أتحمّل عذابات السفر ..
وبقيت أنتظرُ في ذاك الصباح الماطر بكل ملل ونكد الحافلة وعندما أتت كعادتها مليئة بالركاب المتنكدين مثلي فصعدت إليها، وحينما وصلت إلى عملي متأخرا، قمتُ بتجفيف ملابسي على المدفأة، وشربتُ قهوتي، وأشعلت سيجارة من النوع الفاخر لتعديل مزاجي، الذي تنكد تحت المطر .. فالانتظار تحت المطر يجلب لي النّكد أكثر من أي شيء.. ففي المساء سأنتظرُ مرة أخرى ربما تحت المطر، ولحظتها سأكون في مزاجٍ نكدٍ، لكن النّكد ستمسحه زوجتي من لمسات يديها، حينما سأعودُ إليها بابتسامة نكدة، رغم أنها ستقول لي بأن النكد التي ستراه على وجهي لا يشبهني البتة..
عطا الله شاهين