وحي الصدور
تاريخ النشر: 12/09/17 | 16:50فساد ورشاد: إتّهم فرعون سيّدنا موسى عليه السلام بقوله: إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ”، غافر – الآية 26. “إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ“، غافر – الآية 24. وقال عن نفسه: ” .. وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ“، غافر – الآية 29 لا يخيفك الذي يهددك بالباطل، ولا يغرنك الذي يدّعي البياض.
الفساد المزيل للحضارات: قال تعالى: “وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ”، النمل – الآية 48. والرهط عند أهل اللغة العربية ما دون العشرة، فكانت نتيجة فسادهم “ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ“، النمل – الآية 51 الفساد يزيل الأمم والحضارات ولو كان عدد المفسدين دون العشرة، فكيف بـ 40 مليون، و70 مليون، و90 مليون.
صدق السجين: قرأ المقرئ المغربي العيون الكوشي، قوله تعالى ” يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ”، يوسف – الآية 46 ينادون لسيّدنا يوسف عليه السلام بالصديق ويتعاملون معه على أنه الصديق وهو السجين “المتهم”. من ابتلي بالكذب ظلّ كذلك ولو صلى وصام وحج والسجن والتهم لا ترفع عن المرء صدقه وخصاله والصدق سلوك يعرف به صاحبه في الجب والعرش.
كن من جند الله: قرأ المقرئ قوله تعالى: ” وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ“، الصافات – الآية 173 . ليست من مهمة الإنسان أن يرهق نفسه في تعداد جند الله فتلك مهمة فوق الطاقة والحصر ولم يخلق لها، لكن من مهام الإنسان أن يسعى لأن يكون من جند الله بصفائه، وأمانته، وصدقه، ووفائه، وإخلاصه، ومساعدة المحتاج، ودفاعه عن وطنه، والذود عن عرضه، ووقوفه لجانب المظلوم، حينها يكون من جند الله تفتح به الأبواب، وتيسّر به السّبل، وترفع المظالم، وتحلّ البشرى، ويدفع الضرر، وتجلب المنفعة، ولا يعلم جند ربّك إلا هو.
المكانة لا تمنع الابتلاء: أسمع للعملاق محمد الصديق المنشاوي رحمة الله عليه وهو يرتّل بصوت يذيب الحديد قوله تعالى: “وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ“، يوسف – الآية 22
أقول: مايبلغه الإنسان وبفضل ربه من علم ومكانة ومال وقوة ونفوذ لايمنع ذلك من الابتلاء فيما يملك، فالعلم لايمنع البلاء، والفقه لايصد البلاء، والحكم لايرد البلاء. والمرء مطالب أن يتذلّل لربه كلّما أوتي” حُكْمًا وَعِلْمًا”، وكلّما أوتي من عناصر العلو والقوة حتّى إذا جاءه الابتلاء من حيث لا يدري كان بردا وسلاما عليه واستطاع أن يخرج منه بأحسن مما كان وأقوى مما يملك ، ولنا في قصّة سيّدنا يوسف عليه السلام عبرة حين سجن وابتلي بعدما ” آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا” ثم أصبح الملك القوي بعد الابتلاء.
الكذب يؤدي إلى القتل: أسمع صباح اليوم للكبير محمد الصديق المنشاوي رحمة الله عليه بصوته العذب وهو يرتّل قوله تعالى: ” وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ“، يوسف – الآية 18 أقول: لقد سبق للإخوة أن كذبوا على الأب سيّدنا يعقوب عليه السلام حين قالوا: “أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ“، يوسف – الآية 12، وكذبوا من بعد على أخيهم سيّدنا يوسف عليه السلام وهم لايعلمون أنه هو حين قالوا: “قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚقَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ“، يوسف – الآية 77 الكذب يؤدي إلى القتل ويخفي القتل ويتّهم الصادق الأمين وإذا تمكّن من صاحبه ظل يراوده في الكبر حتّى يكون أضحوكة.
بقلم:معمر حبار