حوار مع الشاعرة والكاتبة إبتسام أبو واصل محاميد
تاريخ النشر: 14/10/17 | 9:32ابتسام ابو واصل محاميد شاعرة فلسطينية مضيئة ، تصطاد الكلمات وتعزف على الحان الحروف سمفونية عشق لا تنتهي للوطن والطبيعة والانسان ، جمعت بين نصوصها الابداعية قطوفاً دانية من الرقة والحلم والرومانسية والواقعية والوطنية والدفء والجرأة ، واستطاعت التعبير عن مشاعر المرأة وأحلامها وأفكارها بمقدرة فائقة .
تكتب بجمالية وفنية واسلوبية ذات بصمة خاصة بالوان قزحية زاهية متنوعة ، في الشعر الموزون والمقفى والمنثور والحر ، وفي القصة القصيرة والمقال والدراسة الادبية ، وهي الشاعرة والكاتبة الأنثى في قرية معاوية ، والناشطة القيادية متذ الصغر . وقد تم اختيارها كشخصية العام ٢٠١٦ قصة” نجاح “من قبل ” سيدة الارض ” ، وكانت قد شاركت في العديد من المهرجانات والمؤتمرات نذكر منها مؤتمر بيت لحم مدينة الثقافة للعام ٢٠٢٠ ، ومهرجان زي بالاردن العام ٢٠١٦ ، ومهرجان العنب في الخليل عام ٢٠١٦ ، وعادت مؤخراً من مؤتمر القصة الشاعرة بالعاصمة الاردنية عمان ، حيث قدمت ورقة عمل ومداخلة قيمة ، وفي مهرجان همسه سماء الثقافة الثالث بالتعاون مع شبكة الاعلام بالدانمارك في العاصمة كوبنهاجن ، وذلك للمرة الثالثة ، وكانت عريفة المهرجان والقت كلمة ترحيبية ، فارتيأت اجراء هذا الحوار مع ابتسام ، لتحدثنا عن مسيرتها وتجربتها الشعرية والادبية الثرية وعن المشهد الثقافي الراهن .
بطاقتك الشخصية ..!!
ابتسام ابو واصل محاميد ، من مواليد كفر قرع بالمثلث الشمالي الفلسطيني العام ١٩٦٣، درست في مدارس كفر قرع حتى انهيت الثانوية في مدرستها ، خريجة كلية بيت بيرل تربية لا منهجية ، ناشطه اجتماعية وثقافية متطوعة ، مديرة جمعية همسة سماء الثقافة ، اقيم في قرية معاوية النائية في بسمة عارة.
متى بدأت مشوارك مع الكلمة ، وكيف تولد القصيدة لديك ؟
عشقت سماع الشعر منذ صغري ، وكان والدي رحمه الله غرس في حب القصيدة الشعرية ، حيث كان في ايام الشتاء يشغلنا في مسابقات في الشعر ما جعلنا نحفظ الكثير من الابيات الشعرية .
واول محاولة لي في الكتابة في جيل الثالثة عشرة من عمري ، حين كنت في الصف السابع ، وقد قرأها في حينه مدرسي للغة العربية الاستاذ احمد عبادي ، فاعجب بما كتبت فشجعني على الاستمرار بعد والدي رحمه الله .
واذكر انني كتبتها على نمط قصيدة الشاعر ايليا ابو ماضي ” لست ادري ” .
وكوني تربيت في اسرة وبيت يحمل معنى الانتماء للوطن ، كتبت الكثير عن الارض والوطن وفلسطين ، رغم حداثة سني .
والقصيدة بالنسبة الي تعايش مع حدث ما خاص او عام ، وتولد القصيدة عندي من رحم معاناة او فرح او مناسبة وطنية .
وهذا يتجلى في كتاباتي المتنوعة ، حيث انني اكتب الخاطرة والقصة القصيرة والمقالة والشعر والزجل وللاطفال ، ولي ايضاً محاولة بالنبطي اي البدوي .
& ماذا يعني الشعر لك ؟
الشعر بالنسبة لي تعايش وتناغم وخيال وكلمة جميلة ، وتعبير جمالي قوي وصاف ، وهروب من الواقع في احيان كثيرة .
& ما هي اكثر الموضوعات التي التي تتناولها نصوصك الشعرية والنثرية ؟
تتراوح كتاباتي بين الوطنية والرومانسية الملتزمة ، والغالبية منها وطنية ، تواكب الحدث وتتركز على الهم الوطني ، وتحاكي الارض وتدعو للانغراس فيها والدفاع عنها ، وبعضها عن الاسرى والشهداء والانتفاضات الشعبية الفلسطينية ، وعن القدس والاقصى .
& هل تأثرت في بداياتك بأحد من الشعراء والمبدعين ؟
صدقاً تأثرت بالمرحوم راشد حسين فلسطينياً ، وبالشاعر التونسي ابو القاسم الشابي عربياً ، الى درجة انني اقتبست من قصيدته ” ارادة الحياة ” ” اما آن لليل أن ينجلي ” وضمنتها في قصيدة لي .
& يحتل الوطن مساحة في كتاباتك ، كما تحتل الذات مساحتها ايضاً ، والسؤال : ما هو مفهومك للالتزام ؟
الالتزام كان وسيبقى رافعة للسير نحو الابداع الراقي والأجمل ، وبالنسبة لي الالتزام احترام للنفس، واحترام للمجتمع ، واحترام للوقت والوعد ، واذا احترمنا كل ذلك بات الالتزام سهلاً لا مقيداً .
ولكوني فلسطينية توجب علي الالتزام بانتمائي الوطني وبفلسطينيتي ، واقل واجب نقدمه لهذا الوطن الجريح هو الالتصاق بقضاياه والتعبير عن هموم ومعاناة شعبنا المضطهد وحلمه بالحرية والاستقلال .
& ما هي القصيدة التي تعتزين بها من قصائدك ؟
كل قصيدة كتبتها هي اعتزاز بالنسبة لي وانجاز عظيم ، وهي كأبنائي ، ولكن هنالك عدة قصائد قريبة ومحببة الى قلبي ونفسي ، مثلاً قصيدة ” أمي ” التي اصف فيها حالة وفاتها ومراسيم مواراتها الثرى ، والمشاعر الحزينة التي انتابتني حينها ، وايضاً قصيدة ” والدي ” التي كان فيها حنيناً جارفاً اجتاحني للمرحوم والدي الذي اعتز به والداً عطوفاً وحنوناً ، وصورت فيها مدى الحنين والشوق اللاهب له .
اما القصيدة الثالثة فهي ” فلسطينية أنا “ولها قصة ، حيث سألني احدهم من دولة عربية : من اين انت ؟ فقلت من الداخل عرب ٤٨، فقال : آها ، يهودية وبالعربية تنطقين ، فأجبته بقصيدة ” فلسطينية أنا ” تحدثت فيها عن انتمائي لفلسطين وقضيتها ، والتهجير ، واغتصاب الارض واحتلالها والتمسك بالوطن والهوية ، وعن الاسر وغير ذلك .
& هل باعتقادك ان الادب بجميع الوانه واجناسه قادر على التأثير في مجريات الاحداث على الساحة العربية ، في ظل تفاقم الأمية ، وعزوف الناس عن القراءة وعدم اهتمامهم بالثقافة ؟
هناك أقلام كحد السيف ذو حدين ، وبالنسبة للاحداث التي تجري في المنطقة التي يمكن ان تنتقد وتشجب وتشجع ايضاً ، ولكن هذا يتعلق بضمير الكاتب او الشاعر طبعاً وميوله السياسية والاجتماعية على حد سواء ، وكل الألوان والاصناف الأدبية والابداعية يمكن أن تؤثر ايجاباً او سلباً ، وهذا يعود كما ذكرت الى الضمير والانتماء السياسي والموقف الايديولوجي .
وللاسف الشديد ففي ظل التطور التكنولوجي والانترنت الذي دخل كل بيت اصبحنا نعد من الاميين من ناحية القراءة ، فقد عزفنا عن الكتاب والجريدة والمجلة واكتفينا بما هو مستجد من النت ، لذلك نرى الكتب مركونة في المكتبات العامة والخاصة ويتطاير منها الغبار وباتت ارراقها صفراء ، فلا قارىء ينال منها الا من رحم ربي ، بينما في الماضي البعيد كانت مكتبات بيتية عند عدد من المثقفين والمتعلمين
، وكانت زاخرة بالعناوين ومنتعشة ، وكان الكتاب رفيق الكثير منا ، خصوصاً الروايات التي كانت تجتاح كل القلوب ، وكنا نلتهمها التهاماً لزيادة المعرفة واثراء العقل ، اما اليوم فالكتاب بات في حالة احتضار ، واقول ذلك بألم وحسرة وأسف .
& كيف ترين واقع حركتنا الثقافية في البلاد ؟
في الماضي كان الاهتمام بالكتاب والمؤلف كبير جداً ، وعندما تكون أمسية لشاعر في مكان ما كان يحضرها الكثير من الناس ، ربما لشغفهم بالاستماع والاصغاء ، وربما للتنفيس وتغيير نفسياتهم هروباً من الاوضاع السياسية والاقتصادية ، وربما حباً بشعرائنا المعروفين والمشهورين بقصائدهم الخطابية ، ومن جهة اخرى كان الكتاب رفيق المثقف ، اما في ايامنا هذه فرغم الظروف التي تسهل على الجمهور من التعرف على شعرائنا ومبدعينا ومواكبة نشاطهم ونتاجاتهم ، الا انني أرى في الامسيات والندوات الثقافية والادبية ان الحضور شحيح جداً ، وعدد المتحدثين اكثر من المستمعين ، والكتاب يتيم ويحتضر في هذه الأيام ، وطبعا سببه التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي التي باتت تأخذ وتسرق الوقت منا نحن القراء والمهتمين بالادب ، وعليه فان ثقافتنا تحتاج لانعاش لتعود الى سابق عهدها رغم المصاعب والعراقيل التي تواجهها لعوامل موضوعية وذاتية .
& ما رأيك بالنقد لدينا ، وهل يوجد حركة نقد تواكب الاصدارات المحلية ، ام هي حركة مأزومة كغيرها من الحركات النقدية في العالم العربي ؟
لدينا نقاد والحمد لله ، ولكن لا اعرف الا العدد القليل منهم ، وهم يعدون على الاصابع ، وقد قرأت بعض المتابعات والاضاءات النقدية حول اعمال شعرية وقصصية وروائية راقت لي ، وفي المقابل شعرت وكأنه مجاملة لهذا الكاتب او ذاك الشاعر ، وهذه حالة متفشية في وسطنا الثقافي .
والنقد يكون اكثر لمعرفة الناقد بشخصية الكاتب او الشاعر وليس اعماله وكتاباته ، وكم افرح حين اقرأ نقداً يظهر السلبيات قبل الايجابات في العمل الادبي .
وعن نفسي للآن لم يكتب اي ناقد محلي عن اي عمل من اعمالي الابداعية ان كان في الشعر او النثر ، رغم ان بعض النقاد من الدول العربية كتبوا عدداً من التعليقات عن قصائدي كنت نشرتها على المواقع الالكترونية ، وقد سبق وكتبت قصيدة عن اللغة والنحو والنقد بعنوان ” انين اللغة والنحو ” وكم كنت آمل أن يكتب عنها احد نقادنا ولكن ..!!!!
& هل لك ان تسمعينا كلمات هذه القصيدة المميزة برأيك ؟
بكل فرح وسرور وترحاب ، قلت فيها :
تَشكُو جُمُوعٌ وَالكَلامُ لَمُثقَلُ **** بَاتَت حُرُوفُُ الضَّاد فِينَا تُقتَلُ
شَيئٌ يَئِنُ مِنَ القَوَاعِدِ إِنَهُ **** الإِعرَابُ فِيهِ لَغاَئِبٌ وََمُزَلزَلُ ك
أَمرٌ مَرِيرٌ قَد شَكَوتُ أَمرَهُ ***** الأِملاءُ بَاتَ بَلا رَقِيبٍ يَعدِلُ
لَهفِي على لُغَةٍ تَمُوتُ بِفِكرِنَا **** فَالشِّعر بَاتَ بِلا قَوَافٍِ يُخذَلُ
سَافَرتُ في كُلِّ الدُّرُوبِ وَلَم أَجِد **** إِلا كَلامَ الله فَهوَ المُذهِلُ
فهي َ البِحَارُ نَغُوصُ فِي أَعمَاقِهَا **** لِيَمِدَّنَا مِنهُ الفَصِيحُ المنزَل ُ
يَا مَن قَصَدّتُم رَوضَ حَرفٍ مُسهِبٍ **** حُبُّ القَرُيض ِإِذَا طَلَبتُم يُقبِلُ
لا زِلتُ أَرنُو للسّمَاءِ لَعَلَّنِي **** أَروي حُرُوفِي بَهجَةً وَأُعَلِلُ
إِنَ الجَمِيلَ مِنَ القَصَائِد ِيُصقَلُ **** وَعَلى المَوَائِدِ فِي اشتِيَاقٍ يُنهَلُ
كَم مِن جَدِيدٍ ضَاقَ صَدرِي سَردَه **** وَالنَّقدُ فِيهَ لَبَائِسٌ وَمُطَوَّلُ
كَم مِن قَصِيدٍ قَد جَهِدّتُ بِنَظمِهِ **** وَالنَّقدُ فِيهِ مَا عَليهِ مُعَوَّلُ
فَالشِعرُ حِسٌ بَل شُعُورٌ مُرهَفٌ **** بَالنَحوِ وَالصَّرفِ الجَمِيلِ يُكَلَّلُ
& هل هناك صعوبات خاصة تعيشها المرأة المبدعة في بلادنا ؟
قبل سنوات كان بالامكان القول انها تواجه صعوبات ، حيث لم يكن العالم منفتحاً على المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ، الامر الذي سهل على الكثير من مبدعاتنا نشر كتاباتهن والتحليق في سماء الابداع ..!
عن نفسي اقول بدأت انشر كتاباتي قبل ثلاث سنوات تقريباً ، ربما لأني أسكن في قرية صغيرة نائية ومحافظة تتمسك بالعادات والتقاليد ، حيث انني واجهت انتقادات كثيرة لخوضي في هذا المجال والفضاء الابداعي ، من بعض الاشخاص في القرية الذين لم يرق لهم وجودي على صفحات المواقع الكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ، ولكن الحمد لله عائلتي وقفت الى جانبي وساعدتني وشجعتجني ودعمتني معنوياً ونفسياً ، ومادياً في مشاركاتي بالمهرجانات والمؤتمرات في البلاد وخارجها .
ويمكن القول ان المجال اليوم مفتوح وواسع امام المبدعات والكاتبات في عملية النشر الالكتروني ، فمفاهيم المجتمع تجاه هذا الموضوع تغيرت للافضل عن ذي قبل .
ما رأيك بما يسمى ” الأدب النسوي ” الفلسطيني ؟
في السابق كانت اعداد من يتعاطين الكتابة قليلة بين اطراف شقي البرتقالة الفلسطينية ، اذكر منهن فدوى طوقان ونجوى قعوار فرح وفتحية صرصور ، والكثيرات سواهن ، فلهن كل الاحترام والتقدير لخوضهن مجالات الأدب والثقافة والكتابة والنشر، رغم الصعوبات وشح الامكانيات ، وكنا في الماضي ننتظر صدور الجريدة الاسبوعية او اليومية والمجلة الشهرية لنتابع ونواكب كتابات وابداعات الشاعرات والمبدعات الفلسطينيات ونقرأ ما تجود به اقلامهن ، وكنا نبحث في المكتبات عن منجزاتهن ونشتريها بمبالغ كبيرة في تلك الايام ، اما في ايامنا هذه فالحمد لله هنالك حركة ادبية نهضوية نسائية فلسطينية بشقيها ، وثمة من اصدرن اعمالهن مطبوعة واكثر من عمل ادبي .
وفي يومنا هذا بات اصحاب وصاحبات الاصدارات يوزعون كتبهم مجاناً ، ولكثرة من يكتبن لم نعد نعرفهن .
& ما هي برامجك ومشاريعك المستقبلية ؟
الاستمرار في الفعاليات التطوعية الثقافية والاجتماعية والخيرية في البلاد وخارجها ، وعندي طموح بان انهي بحثي المطول الذي بدأته قبل عدة شهور عن الشاعر الوطني الكبير الذي لم ينل حقه ، ابن قرية مصمص راشد حسين .
& في المجال الثقافي والادبي ، الا تفكرين بجمع قصائدك واصدارها في ديوان شعري ؟
في الحقيقة جمعت قصائدي وكتاباتي النثرية في اصدارين ، الاول يضم ديوان مقفى وموزون وتفعيلة ، واخر نثري يضم ما كتبته من نثر وعامي وزجلي وغنائي ، وحين تسنح لي الفرصة للطباعة سيريا النور باذن الله .
حاورها : شاكر فريد حسن