تاريخ غزة (الحلقة السابعة)
تاريخ النشر: 13/12/17 | 16:01وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وخرجت بريطانيا وحلفائها منها منتصرة، كما أن الأوضاع في فلسطين بعد انتهاء الثورة الفلسطينية الكبرى التي امتدت من1936-1939مـ، كانت تميل إلى الهدوء المشوب بالتوتر والحذر، لذلك تهيأت الأسباب والعوامل والظروف أمام حكومة الانتداب لإجراء انتخابات بلدية جديدة في فلسطين بعد إرجاء وتأجيل دام12عاماً كاملة فشرعت إدارة الانتداب في تنفيذ الاستعداد اللازمة لإجراءاتها ، وبناءً عليه أصدر المندوب السامي في15/10/1945مـ، مرسوماً بتخفيض عدد أعضاء مجلس بلدي مدينة غزة من اثني عشر عضواً إلى عشرة أعضاء فقط، وأتبع هذا المرسوم بتاريخ16/11/1945مـ، بمرسوم آخر سميّ(بمرسوم المناطق الانتخابية في غزة لسنة 1945) يقضي بتقسيم منطقة البلدية إلى أربعة مناطق انتخابية، وألحق المرسوم بذيل يتضمن حدود المناطق الانتخابية الأربع لمنطقة بلدية غزة، وعدد الأعضاء الذين يمثلون كل منطقة، وبموجب هذا الجدول الملحق قسمت منطقة بلدية غزة إلى أربعة أقسام، هي: المنطقة الشرقية ، وعدد الأعضاء المقررين لها بالمجلس البلدي(عضوان) والمنطقة الغربية وعدد الأعضاء المقررين لها بالمجلس البلدي(عضوان) والمنطقة الشمالية وعدد الأعضاء المقررين لها بالمجلس البلدي(ثلاثة أعضاء) والمنطقة الجنوبية وعدد أعضاء المقررين لها بالمجلس البلدي(ثلاثة أعضاء)، وقد حدد هذا الملحق حدود كل منطقة بشكل تفصيلي.
وقد شهدت مدينة غزة حملة انتخابية لم تشهدها من قبل. تفاعل معها سكان المدينة أفراد وعائلات وأحزاب وتكتلات، كل يدعم مرشحيه ويسعى جاهداً للوصول بهم نحو الفوز بعضوية المجلس البلدي. طغت التحالفات السياسية والعائلية عليها، تحالف حمدي الحسيني مع يوسف حافظ أبو شعبان وكان معهم منير الريس نجل نائب رئيس البلدية محمد طاهر الريس. كانت حملة انتخابية متنوعة الأساليب، فهناك المنشورات الدعائية والجلسات الانتخابية واليافطات والكتابة على الجدران واللقاءات والخطب. لقد استنزفت هذه الحملة جهود كافة المرشحين الذين حاولوا جاهدين إقناع الناخبين كل بطريقته وأسلوبه؛ فحلمي أبو شعبان موظف البلدية لأكثر من عشرة أعوام خاض الانتخابات ممثلاً عن منطقة الرمال، وقد عبر عن برنامجه الانتخابي بمنشور جاءت سطوره مفعمة بالبلاغة والجرأة، حيث فندَ ادعاءات المناوئين له من بعض المرشحين بأقسى الألفاظ محاولاً كشف دورهم مع سلطة الانتداب وعلاقاتهم بالسماسرة .
أجريت الانتخابات في4/2/1946مـ، وهي الانتخابات البلدية الأخيرة في عهد الانتداب البريطاني وتمخضت عن فوز كل من: حمدي الحسيني وعاصم بسيسو ورشدي الشوا وسعد الدين الحسين وموسى البورنو وأحمد سكيك وحلمي أبو شعبان ومنير الريس ويوسف أبو شعبان وعلي دلول ،
وبذلك يكون رشدي الشوا وموسى البورنو وسعد الدين الحسيني قد واصلوا الاحتفاظ بعضويتهم في المجلس البلدي الجديد؛ فيما انضم للمجلس البلدي سبعة أعضاء جدد يدخلون للمجلس للمرة الأولى.
وفيما يلي السيرة الذاتية لأعضاء المجلس السادس لبلدية غزة الجدد فقط حيث أننا استعرضنا القدامى في الحلقات السابقة
عضو المجلس البلدي/ عاصم بسيسو
هو: عاصم خليل يوسف بن الحاج أحمد بسيسو. ولد في مدينة غزة 1885مـ، من عائلة غزية معروفة. أرسله والده خليل بعد أن أنهى عاصم تعليمه الابتدائي والثانوي إلى اسطنبول ليتلقى تعليمه العالي، وفي اسطنبول انضم إلى المنتدى الأدبي وإلى جمعية العلم الأخضر في اسطنبول عام 1912مـ، وسيرته ذاخرة بالمواقف الوطنية وبالعمل السياسي المهم. كسب احترام أهالي المدينة لما عرف عنه من حرص على مصلحتهم ورغبة في خدمتهم وقضاء حوائجهم لدى الدوائر الرسمية. كان عنصراً فاعلاً في حل الخصومات الداخلية وإتمام المصالحات العائلية وإصلاح ذات البين بين الفرقاء والمتخاصمين. ورث عن والده أملاكاً كثيرة. تزوج مرتين، زوجته الأولى/ وصفية الشوا توفيت فتزوج ثانيةً من/ فخرية محمد علي أبو رمضان، ولم يرزق بأولاد من الزيجتين. توفي عام 1970مـ.
عضو المجلس البلدي/ أحمد سكيك
هو: أحمد صالح إدريس سكيك. ولد عام1885مـ، من عائلة كبيرة. ظهر منها علماء وفضلاء وقراء وأرباب طرق وتجار وذوي حرف وصناعات. نشأ عصامياً وعمل بجد واجتهاد في مجال المقاولات والبناء حتى تمكن من جمع ثروة كبيرة. دافع بقوة عن محاولات المنظمات اليهودية لشراء أراضي قرية هربيا. تزوج مرتين، زوجته الأولى/ سعدية الحنفي؛ أما زوجته الثانية فهي/ أسماء حلوة رُزق منهما: صالح وعادل وحسيب وسليمان ومحمد وحسن وإسعاف. توفى في غزة عام 1968مـ.
عضو المجلس البلدي/ حمدي الحسيني
هو: حمدي عبد الرحمن محي الدين الحسيني. ولد في مدينة غزة عام1899مـ، من عائلة فلسطينية عريقة. والده الشيخ/ عبد الرحمن كان شيخاً جليلاً وقاضياً شرعياً في مشيخة الإسلام بالأستانة وفي غزة والخليل وكان من ذوي الأملاك وملاك الأراضي. والدته من عائلة الحسيني أيضاً. تلقى علومه الأولية بالمدرسة الرشيدية الابتدائية في غزة ثم واصل التعليم في المدارس الخاصة. بعد تخرجه عمل مدرساً في الكلية الإسلامية بالقدس، كما عمل معلماً في المدرسة الأميرية بالرملة، كان صاحب نشاط أدبي وثقافي وإعلامي كبير، أجاد التحدث بسبع لغات. عمل محرراً وكاتباً في عدة صحف منها: الكرمل، وهي جريدة سياسية، صدرت في مدينة حيفا عام1908مـ. أسسها نجيب نصار. والجامعة الإسلامية وهي جريدة يومية عنيت بالمواضيع السياسية والعلمية والأدبية، صدرت مدينة يافا سنة 1933مـ. أسسها سليمان التاجي الفاروقي.
والدفاع، وهي جريدة سياسية، صدرت في مدينة يافا سنة1934مـ، أسسها إبراهيم الشنطي. والجامعة العربية وهي جريدة أسبوعية، صدر العدد الأول منها في القدس في20/1/1927مـ، صاحبها منيف الحسيني ، وتوقفت عن الصدور عام1936وجريدة لسان العرب وهي جريدة سياسية، صدرت في مدينة القدس في24/6/1921مـ. أسسها إبراهيم سليم نجار. وقد عالجت كتاباته ومقالاته موضوعات سياسية واجتماعية وتاريخية متنوعة؛ كما تولى رئاسة تحرير صحيفة صوت الحق عـام1927مـ، وتحرير جريدة الصراط المستقيم، وهي جريدة أسبوعية، ثم نصف أسبوعية ثم أصبحت يومية، صدرت في مدينة يافا عام1924مـ. صاحبها الشيخ عبد الله القلقيلي.
كما عمل مديراً لقسم الإعلام بالقسم الثقافي بالجامعة العربية. كانت له صولات وجولات وسجل حافل في مضمار مقاومة الاحتلال البريطاني وتهويد فلسطين فتعرض للنفي والاعتقال مرات عديدة، حظي باحترام وتقدير من الشخصيات السياسية البارزة محلياً وعربياً وعالمياً. تزوج من/ سنية سعيد الحسيني رُزق منها من الذكور: فيصل وصخر وهما توأمان؛ ومن الإناث: عصام ورباب ومي واستقلال ، توفى في مدينة غزة عام 1988مـ.
عضو المجلس البلدي/ يوسف أبو شعبان
هو: يوسف حافظ يوسف محمد أبو شعبان. ولد في مدينة غزة عام 1902مـ، ينتمي إلى عائلة غزية معروفة. والدته عايدة عرفات توفيت عام 1948مـ. عمل في التجارة وكان من ذوي الأملاك.
كان من أعيان ووجهاء المدينة، وساهم في العمل الاجتماعي. تزوج من سنية نعمة ضو من لبنان رُزق منها ابنه الوحيد وجيه الذي توفي سنة 1960مـ، عن 29 عاماً؛ ومن الإناث: جيهان وفيروز وفريال وفدوى.
توفى عام 1952 (210).
عضو المجلس البلدي/ علي دلول
هو: علي محمد يونس دلول. ولد بمدينة غزة في أواخر العقد الأول من القرن العشرين. من عائلة كبيرة تتركز في حي الزيتون وتعمل في الزراعة. والده الحاج محمد الذي كان مختاراً لحي الزيتون وهو من الشخصيات الغزية المعروفة اجتماعياً ووطنياً. نشأ علي دلول نشأة دينية والتزم بالحركة الصوفية المحمدية. اشتهر بلقب(الشيخ علي) أو(الشيخ المكحل) نظراً لقيامه الدائم بتكحيل عينيه تأسياً بالسنة المحمدية المشرفة. شارك في ثورة عام 1936مـ، بنشاطات وطنية عديدة. تتلمذ الشيخ علي دلول في سن القوانين في العرف والعادة بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية للإصلاح بين الناس في ظل غياب القانون النظامي على يد الشيخ/ عيد أبو جرير وهو المؤسس الأول للصوفية في سيناء, ويعتبر الأب الروحي ل لطرق الصوفية في سيناء وغزة، وإليه تنسب الطريقة الجريرية الأحمدية. كان وجيهاً من وجهاء المدينة وكان عضواً في لجنة الإصلاح على مستوى الضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام1948مـ، أو ما عُرف بلجنة الدم التي كانت تقوم بحل المشاكل والخلافات الكبيرة بين العائلات التي كان يتمخض عنها أحياناً وقوع حالات قتل وسفك دماء. كان من أرباب الأملاك والثروة، مُنح الجنسية الأردنية نظراً لمكانته الدينية والاجتماعية. تزوج ثلاث مرات، الزوجة الأولى مصرية من دمياط، والثانية من قرية ياصور وهي إحدى قرى قضاء غزة، له من الأبناء سبعة من الذكور وخمس من الإناث وكان يكنى بأبي حسن. توفي عام 1992مـ.
عضو المجلس البلدي / حلمي أبو شعبان
هو: حلمي مصباح حافظ أبو شعبان. ولد في حي الزيتون بمدينة غزة عام 1911مـ، من عائلة معروفة. والده مصباح، كان يمتلك محلاً تجارياً، وفرّ لأسرته حياة كريمة. والدته/ صفا العبد الأنيلي، توفيت عام 1964مـ. أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة الرشيدية بغزة، ثم انتقل إلى القدس حيث درس في الكلية العربية. بعد عودته من القدس عمل في الصحافة ونشر أول مقالاته في جريدة صوت الحق لصاحبها ومؤسسها فهمي الحسيني الذي أعجب به وبمواهبه فتوثقت الصلة بينهما. أصبح من أقرب المقربين من فهمي الحسيني الذي تزامن فوزه بالانتخابات البلدية عام 1928مـ، ورئاسته للمجلس البلدي فاختاره للعمل في البلدية حيث تدرج في الوظائف كاتباً وسكرتيراً وأميناً للصندوق نظراً لكفاءته وحسن إدارته.
لم يكتف بعمله في البلدية بل تعدى ذلك إلى الكتابة في صحف كثيرة منها: مرآة الشرق، التي أسسها وكان صاحب امتيازها بولس شحادة وصدرت من القدس بتاريخ 17/9/ 1919مـ، كانت تصدر مرتين أسبوعياً وتعنى بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتهذيبية، وتوقفت عن الصدور عام 1933.
التي حرر فيها باب خواطر وخطط عفريت وحديث الصباح وباب مذكرات الشيطان التي كان من خلالها ينتقد المجتمع بأسلوب هزلي ساخر قريب من التصور الكاريكاتيري لدرجة أطلق عليه لقب الكاتب الكاريكاتيري؛ كما نشر مقالاته وأشعاره في معظم الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر في ذلك الوقت. شارك في محطة الإذاعة الفلسطينية (هنا القدس)، التي افتتحت في1/4/1936مـ، وكانت تبث من مدينة القدس. قام طيلة عامي 1936/1937مـ، بمخاطبة الجماهير الفلسطينية من خلال برنامجه الإذاعي حديث المساء الذي تناول الهموم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للشعب الفلسطيني بأسلوب شيق يفهمه العوام من الناس. ترك البلدية واتجه للأعمال الحرة. تولى منصب مدير البنك العربي في غزة ، وعمل أيضاً مديراً لفرع البنك في عدة محافظات بجمهورية مصر العربية. تزوج من/ نزيهة سعيد صالح أبو شعبان ورُزق منها من الذكور: سمير ومروان وزهير ومفيد ومحسن ومازن؛ ومن الإناث: صفاء ولميس . توفى في16/1/1978مـ. (1)
عضو المجلس البلدي/ منير الريس
هو: منير محمد طاهر عبد الله الريس. ولد في مدينة غزة عام 1916مـ، من عائلة معروفة بغزة. والده/ محمد طاهر الريس عضو مجلس بلدية غزة في المجلس البلدي الثالث ونائب رئيس البلدية بدءاً من عام 1939مـ. والدته/ بهية الحسيني، شقيقة/ أحمد عارف الحسيني وعمه/ سعد الدين الحسيني عضو المجلس البلدي الفائز بعضوية المجلس في انتخابات البلدية التي أجريت عام 1946مـ، توفيت عام 1940مـ. تلقى تعليمه الثانوي في غزة والقدس وأنهى دراسته بالكلية العربية في مدينة(عاليه) في لبنان. تأثر بشخصية أستاذه/ مارون عبود الناقد الأدبي والمفكر القومي العربي. عمل في بلدية غزة رئيساً لقلم الكتاب بين عامي1937-1944مـ. لعب دوراً نضالياً وسياسياً في جميع المحطات التي عايشها وعاصرها فكانت له مواقف سياسية ووطنية ثابتة. تعددت مواهبه فكان كاتباً وخطيباً وشاعراً؛ فأصدر جريدة الجهاد المقدس عام1951مـ، وفي العام التالي أصدر جريدة اللواء بالاشتراك مع زميله الدكتور صالح مطر؛ كما عمل مديراً لتحرير مجلة نداء العودة. اهتم بالتعليم بشكل عام وبتعليم البنات بشكل خاص، فأولى مدرسة البلدية للإناث رعاية خاصة وأسس وترأس نادي الشباب العربي الفلسطيني عام1940مـ، وترأس كذلك فرقة الجوالة التابعة للنادي. انتخب في العام نفسه قائداً لمنظمة الشباب العربي الفلسطيني في اللواء الجنوبي من فلسطين. شارك بفاعلية في إقامة معهد فلسطين الديني(الأزهر). ورث عن والده أملاكاً كثيرة وكان وضعه المالي جيداً وله إسهامات اقتصادية متميزة خصوصاً في سعيه لاستقلال مرفق الكهرباء بغزة وإنهاء احتكار شركة الكهرباء التابعة لحكومة الانتداب لهذا المرفق. أصيب في شبابه بمرض السل وعاش برئة واحدة. تزوج من/ سهيلة سعيد رشيد الشهابي من مدينة القدس. رُزق منها من الذكور: ناهض وماهر؛ ومن الإناث: بهاء وأروى ووفاء وسناء وإخلاص وإيباء. توفى بتاريخ 10/3/1974مـ، بعد أن تدهورت صحته جراء ما تعرض له من سجن وتعذيب وتنكيل وإبعاد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب هزيمة العرب في حرب عام1967مـ.
بقلم: د. ناصر الصوير-باحث وكاتب ومحلل سياسي