زعماؤنا من قُماش خاصّ

تاريخ النشر: 18/12/17 | 11:00

فقط عندنا تجد مثل هذه الامور !.
فمثل هذه الأفران لا تجدها إلّا لدينا …. فمخبوزاتنا تختلف ، وطبخاتنا وسَلطاتنا تختلف ورجالاتنا تختلف…
قد نتفوّق في المخبوزات والاطعمة اللذيذة ولكن في امر الرجال فالشيء يختلف فعلًا.
فالرجال الرجال لدينا هم نُدرة ، بل قل اولئك الذين يسيّرون امورنا لا تجد منهم من يملأ العين والبصر إلّا القليل.
غريب أمرنا فعلًا … فمُرشّح الرئاسة للسلطة المحليّة !!! يهشُّ ويبشّ قبل الانتخابات للجميع للقاصي والدّاني ، للغنيّ والفقير والمُعدم ولكلّ من حمل هويّة ، فتجده يزور المرضى ويشارك في الأفراح والأتراح فيرقص هنا ويمسح دمعة مصطنعة هناك، ويعانق هذا ويوشوش ذاك، ويضحي “كوم” انسانيّة وعنوانًا للتواضع ومثالًا للعطاء ، ورمزًا للبشاشة.
قد تطول هذه الفترة وقد تقصر ، ولكنها تنتهي حتمًا بعد انجلاء غبار المعركة الانتخابيّة ، فسواء نجح او لم ينجح ، تجده يعود الى طبيعته ، فيترك التمثيل والمسرح ، وخاصّة ذاك الذي تبوّأ سدّة السُّلطة فتغيب البسمات عن مُحيّاه ، ” وتموت ” الزّيارات ، وتنكمس التحيّات وتحتل محلها العبوسة و” الرزانة” .
قال لي أحدهم مرّة : أتذكر يا صاحِ فلانًا صاحبنا الذي بذلنا الغالي والرّخيص حتى نوصله الى كرسي السُّلطة ؟ أتذكر ضحكاته ومجاملاته وتواضعه ؟
نعم اذكر ولا أنسى اجبته ضاحكًا.
لقد ركبه الشيطان او كاد ، فالكرسي السّحريّ افقد توازنه ، وضيّع تواضعه وانسانيته وجمّد البسمات على وجهه ، فأضحى ينظر اليَّ والى الجميع من علٍ ومن فوق ، فتحتاج الى واسطة او أكثر حتى تجتمع اليه ولو لبضع دقائق ، فهو مشغول على الدّوام ووقته من ذهب !!!
فقد نسي وتناسى الوعود ، وجحدَ بالعِشرة وراح يؤلّه نفسَه، وسيبقى كذلك الى ان تقترب المعركة الانتخابية القادمة ، فينزل عندها السلطان عن عرشه ليتجوّل بين الناس والبسمات تغمر وجهه ، والتحايا تُتعب يديه والتواضع يغمره ، وأمّا عن الامور الاجتماعيّة فحدّث ولا حرَج ، فسيزور كلّ الاعراس ويكوْكب بها ، ولن يترك مريضًا أو متمارضًا إلّا ويزوره وسينثر الوعود في كلّ الجهات …الوعود التي تقول بأنّه سيجعل بلدتنا باريس الشّرق وروما الجليل، وأنّه لن يألوَ جهدًا في سبيل بذل كل الجهود من اجل المواطنين ؛ كل المواطنين ، فراحة المواطنين همّه وهاجسه..
زعماؤنا غير شكل فعلًا .. أنهم اصيلون وليس كما ملكة هولندا او ملك السويد يركبون الدّراجات في الشوارع !! .

بقلم زهير دعيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة