يُمهل ولا يُهمل
تاريخ النشر: 08/01/18 | 8:55بعد مرور أسبوعين ونيف على الحادثة العجيبة والنادرة، وجدت صديقتي نفسها في الكنيسة تشارك راعي الطائفة الأرثوذكسية التي تفخر بالانتماء إليها بالأعجوبة، فقد كانت على مدى أسبوعين تحاول فك رمز الحادثة بطرق علمية بحتة، كيف وجدت نفسها في السماء بعد أن توقف قلبها لدقيقة ونصف الدقيقة، وحولها طاقم الإسعاف الذي أعلن وفاتها على الملأ وعودتها للحياة بطريقة يعجز الطب البشري المحدود عن تفسير ما حدث .
السماء جميلة جدا، لها بريقها الخاص، كل الوجوه هناك مبتسمة، استطاعت أخيرا أن تضم جدتها وجدها والكثير من معارفها، وأن تلقي السلام على أمّ السلام القديسة مريم العذراء وغيرها من القديسين والقديسات، إلا أنهم فجأة التفوا حولها ودفعوها بقوة إلى الأرض مبتسمين ومرددين عودي إلى الأرض بسلام.
ربت كاهن الرعية على كتفها، ونظر إلي عينيها بعمق قائلا: يا ابنتي أنها رسالة لك من الله عز وجل لزيارة الكنيسة، والالتصاق بتعاليمها المقدسة، لك أكثر من ثلاث سنوات لم تحضري قداسا، ابتسمت يارا وقالت: يا أبونا الكنيسة في قلبي وتعاليمها وتعاليم الإنجيل ترافقاني أينما توجهت، ولكن في الفترة الأخيرة فكرة بالانتحار والهروب من هذا العالم الضيق المليء بالعنف والدماء والكراهية والانشقاقات، تراودني الفكرة باستمرار، صمت الكاهن طويلا ثم ردد: تنفسي الصعداء ووجهي أنظارك إلي السماء، وليس الى الأرض والأشخاص، لئلا يكونون سبب عثرة في مشوار حياتك، فأجابته: أنت على حق يا أبونا لقد تعبت وتعثرت حينما خاب ظني بفلان الفلاني، كل ما به يوحي الى القداسة، حذرني الكثيرون منه، ولكني لم أتقبل أيّ نصيحة، فقد كان مداوما على الصلاة والدفاع عن حقوق البسطاء والفقراء، ولكني صدمت حين اكتشفت انه يتسلى بمشاعر الفتيات دون ال 17 او ال 18 وبعد أن يحصل على ما يريده منهن يتركهن، ويبحث عن ضحية جديدة بنفس الأسلوب، هذا ما أبعدني عن الكنيسة يا أبي طوال تلك المدة لأني كرهت هذا الشخص من أعماق أعماق فؤادي
نظر إليّ وقال: ألم تعرفي أن هذا الذي تحدثينني عنه زُجّ به في السجن منذ سنة ونصف السنة واتضح أنه من أكبر تجار المخدرات، ياه ما أعظمه من خبر! وتابعت بصوت يدل على الانتصار: منذ اليوم يا أبونا سأوجه أنظاري فقط الي السماء.
بقلم رانية مرجية