صدور ديوان “حَوَّام النَّار وِالمَيْ” للشّاعر سيمون عيلوطي
تاريخ النشر: 22/02/18 | 17:27عن منشورات “الموقد للخدمات الثقافيَّة” في الناصرة، صدر حديثًا ديوان جديد للشّاعر سيمون عيلوطي، عنوانه: “حَوَّام النَّار وِالمَيْ”. كتب مقدّمة الديوان الكاتب فوزي ناصر، وطبع بطباعة أنيقة في مطبعة الحكيم- الناصرة. وقد زيَّنت غلافه لوحة جذابة أبدعتها الفنانة التشكيليَة أحلام بهنسي، ووقع في (128) صفحة من الحجم المتوسّط.
يُهدي الشَّاعر ديوانه إلى كلّ من يرفع راية الحريّة، ويُشرّع الأبواب أمام الانفتاح على الآخر المختلف، ويقف في صَفِّ المظلومين والمهمَّشين في كلّ مكان. وقد ضمَّ باقة من أشعاره التي يصوّر فيها ما يعتمل في نفسه من مشاعر وجدانيّة، وطنيَّة، وإنسانية، إضافة إلى قصائد يحاكي فيها قلقه الوجوديّ النَّاجم عن المتغيّرات الكونيّة، والانزلاقات المجتمعيَّة والسّياسيَّة التي أخذنا نعاينها على مختلف الأصعدة، المحليَّة، العربيَّة والعالميَّة، وما ينتج عن ذلك من إسقاطات وتداعي ثوابت العديد من المرجعيَّات الثقافيّة، تنذر بوقوع مخاطر جمَّة على جميع المستويات، تنعكس في الديوان بصور شعريَّة تتداخل فيها النَّار في الماء بشكل تعتلّ فيه قاعدة الموازين، ما يجعل المركّبات الوجوديَّة المتآلفة في حالة من الإرباك والتَّعارُض الغريب عن كلّ ما عرفناه على هذه الأرض. ضمن هذا السّياق نقرأ قصيدة “نار الطوفان”، صفحة 8: “مَـيْ مَخْلـوطَـه بْنــار/ بَرْد موجو ييجي حار/ يِنْعَـف ثْلـوج وْشَــرار”. يتجلَّى ذلك أيضًا في قصيدة “عجايب”، صفحة 17: “نـــار هَبَّــت بِالنَّـهِـر/ تِجْري مْـواج فْــواج/ مـاخْـذِه لـون الـزَّهِـر/ تِـلْمـَع كَإنْـهــا عـــاج/ ثَلْـج مَعْجــون بْجَمـِـر/ شَــرار هــاج وْراج/ مالو هَسْتَر* هّالدَّهِـر؟!”. أو قوله في قصيدة “ثَلْج آب”، صفحة 21: “لا حِــمْ لا دِسْتــور/ هَبَّت رِيــاح الزُّور/ خَـلَّعَــت لِبْــواب/ قَــلَّعَــت لِـزْهـور/ زَخْ ثَـلْــج فْ آب/ شْبـاط نــار يْفـور/ وِيْلَهْلَـب السَّحـــاب/ عَلينا ليش يْجور؟؟!”.
تواصل قصائد الديوان خّطَّها التّصاعديّ حول هذه المسألة، خاصَّة قصيدة: “تَفاعيل النَّار وِالمَيْ” التي تُصوّر صراع الإنسان الأزليّ مع القدر، نقرأ: “شوفو النَّار المِشْتِعلِه/ طالِع فوق لْسانْها/ وْشوفو المَيِّ عَمْ تِجْري/ لَ تَحْت بْوِدْيانْها/ ما فينا نْغَيِّر جُملِه/ الدّنيا هيك احْوالْها/ فيها البُركان بْيِغْلي/ وِالمَيّ بْجَرَيانْها/ إحْنا قدّيش نْصَلّي/ مَهْما نْصوم وْنِخشَع/ ما فينا تَكِّه نْخَلّي/ جَرْيِ النّهِر يِطْلَع/ عا شي جَبَل وِيْعَلّي/ فوقو المَيّ تِشْقع/” إلخ…إلخ.
نلاحظ أنَّ معظم قصائد الديوان في رصدها لهموم وطنيَّة وإنسانيَّة أخرى، إنما جاءت مضامينها متأثّرة أيضًا بمناخ “حَوَّام النَّار وِالمَيْ” الذي يطرح العديد من التَّساؤلات حول الزَّمان والمكان والإنسان، فاسمعه في قصيدة “ناسي ظلّي”، صفحة 12 يقول: “تارِك حالي بْهَالليالي/ ماشي صوب البَلَد المَنْسي/ أنْزَل خَلِّه أطْلَع عالي/ أنْزِف بين الدَّعْسِه وْدَعْسِه”. أو في قصيدة “حيطـان” صفحة 37: “قَلْبــي حَزيــن يْلوب يـا حُبِّــي/ ما عُدْت شُفْت وْرود عا جَنْبـي/ قلَّعـوها وْعمَّـرو حيطـان/ وْسَكَّـرو تا أوْصَـلِك دَرْبـي!!”.
نرى أنَّ الشَّاعر سيمون عيلوطي استطاع في هذا الديوان أن يوظّف اللهجة المحكيَّة لمضامين فلسفيّة شائكة، دلَّت على تمكُّنه من فن البوح بطلاقة وعفويّة شكَّلت قفزة فنيّة عن إصداراته الشّعريَّة السَّابقة: *برقوق الجرمق: شعر، منشورات الثقافة التقدميّة، مطبعة دار المشرق، شفاعمرو، 1990. *قريب من سما البروة: شعر، منشورات الثقافة التقدميّة، مطبعة الحكيم، الناصرة، 1994. *حريق في بحر القصيدة: شعر، منشورات الثقافة، مطبعة النهضة، الناصرة 1997. فيض العطر: شعر، منشورات الثقافة التقدميّة، مطبعة الحكيم، الناصرة 2003. *بنت القسطل- صفورية: مشاهد شعريّة سرديّة، نشر إلكتروني، منشورات ألوان عربيّة، السويد، 2016. *وَشْوَشات غزال المِسْك: منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، 2017. *حَوَّام النَّار وِالمَيْ: منشورات الموقد للخدمات الثقافيَّة، مطبعة الحكيم، الناصرة: 2018.