وراء سقوط نتانياهو سارة
تاريخ النشر: 27/02/18 | 9:45في الرابع عشر من شهر كانون الثاني، سنة 1993، جلس رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، في ستوديو الأخبار بالقناة الاولى العبرية، واعترف امام الجمهور ليس مباشر بقيامه بمغامرة عاطفية، ولم يدلي بتفاصيل إضافية واكتفى بالقول إن هذا الأمر يبقى بينه وبين زوجته، وأنه يتعرض لمحاولة ابتزاز على خلفية سياسية.
قد يتساءل البعض عن الدافع الذي حفّز نتانياهو، عضو الكنيست الليكودي الشاب على الظهور في برنامج ” مباط” والاعتراف بالمغامرة العاطفية وخيانة زوجته سارة؟!
ربما لا يعلم الكثيرون بأن نتانياهو قد دخل في تلك الفترة معترك المنافسة على رئاسة حزب الليكود، وكان متقدمًا على منافسيه، ويبدو أن أحدهم كان يتجسس عليه واكتشف علاقته العاطفية مع روتي بار، امرأة متزوجة وتعمل بالعلاقات العامة والتسويق، وقد عملت على تسويق نتانياهو في حملته الانتخابية، وكانا يلتقيان سرًا في شقة في بيتح تكفا بساعات الظهيرة يوميًا.
ويتصل مجهول لسارة نتانياهو التي كانت مشغولة بتربية ابنها يئير وكان عمره عام واحد، ويخبرها عن علاقة زوجها بروتي بار ويهددها بانه سيقوم بفضح زوجها ونشر القصة مع شريط ساخن اذا لم ينسحب نتانياهو من المنافسة على رئاسة الليكود. وتقوم سارة بالاتصال بزوجها مباشرة وأخبرته انها تعرف كل تفاصيل علاقته بروتي بار وباءت كل محاولاته بتكذيب المعلومات بالفشل ولم تصدق كلامه، وفي ساعات المساء من تلك الليلة طردته من البيت وطلبت الطلاق.
بعد اسبوعين من الحدث أوقفت روتي بار عن العمل مع نتانياهو وابعدت من محيطه كلّيًا، وحُذِّرت أن لا تتفوّه باي كلمة عن العلاقة بينهما نهائيًا والى الابد..
ومن محاسن الصدف أن التقي سنة 1998 بعد عودتي من زيارة لسوريا مع شابة يهودية طلبت مساعدتي أثناء قيامها بتحضير رسالة الدكتوراة عن حافظ الأسد، وأثناء الحديث تبين لي انها كانت تعمل مع روتي بار عشيقة نتانياهو المذكورة أعلاه، وخضنا في القصة حتى التفاصيل الصغيرة. وما جعلها تفتح الموضوع هو لقائي الصحفي مع نتانياهو في قيسارية في تلك الفترة، وسالتني آنذاك بخبث عن سارة واذا كانت روتي بار بالجوار..؟
وعودة الى الشريط الساخن الذي لم ينشر بتاتًا وحتى تحقيقات الشرطة حول ابتزاز سياسي لم تتوصل لأي نتيجة.
الطلاق لم يخرج إلى حيز التنفيذ بعد تدخل أصدقاء العائلة حسب طلب نتانياهو وفي نهاية الأمر تراجعت سارة عن طلب الطلاق ولكن بشروط كما جاء
في رد الدفاع الذي قدمه الصحافي يغئال سيرنه من يديعوت احرونوت للمحكمة في القضية التي رفعها ضده الزوج نتانياهو، أن رئيس الحكومة مقيد بقيود كثيرة ولا يستطيع تنفيذ أمور معينة بدون إذن وموافقة زوجته، ومن هذه القيود التي جاءت في الاتفاقية السرية بين الزوج نتانياهو والتي أعدها وزير العدل السابق المحامي يعقوب نئمان: منح سارة صلاحية كاملة بتعيين السكرتيرات، المستشارين والمقربين، وعلى نتانياهو السماح لساره بمرافقته برحلاته لكل مكان في البلاد او خارج البلاد. ولذا كان برنامج نتانياهو مكشوفًا امامها، وعليه أن يذكر اسمها في المناسبات العامة ايضًا. وفي حالة وقوع طلاق بينهما يحق لها نصف أملاك العائلة.
وحسب رأي الكثيرين أن هذه الاتفاقية السرية كبلت يدي نتانياهو ومنحت سارة القوة على زوجها حتى انها صارت تتحكم بالكثير من أموره وتتدخل بأمور حساسه وفي تعيين الوزراء وكبار الرتب في جهاز الأمن.(كما جاء في كتاب كسبيت-كفير نتانياهو: الطريق إلى القوة ).
هذه القيود جعلت نتانياهو يقوم بمحاولات الالتفاف والتزييف لتضليل ساره عبر وسائل وطرق شتى.
سارة ورغم هذه الاتفاقية لا تثق بنتانياهو وتشك فيه.
كيف تزوج نتانياهو من ساره؟
التقى نتانياهو بسارة على متن الطائرة في امستردام- هولندا، حيث كانت تعمل مضيفة طيران آنذاك ، وتركت له رقم هاتفها ونشأت بينهما علاقة ولكن بعد فترة اراد نتانياهو أن ينهي علاقته بها الا انها طلبت منه لقاءً اخيرًا لتخبره خلال اللقاء انها حامل، وبعدها أجريت مراسيم الزواج بعيدًا عن الاضواء والصحافة كي لا يُلاحظ ويكتشف أمر حملها.
ولمن لا يعلم فإن سارة هي الزوجة الثالثة التي يتزوجها نتانياهو وكانت زوجته الأولى ميكي فايسمان التي اكتشفت خيانته لها في الولايات المتحدة حيث خاض مغامرة عاطفية سرية مع طالبة جامعية بريطانية تدعى فلير كيتس، أثناء فترة حمل زوجته ميكي والتي اكتشفت الأمر بعد أن وجدت شعرة صفراء على قميصه فقامت بطرده مباشرة من بيتهم في مدينة بوسطون، ومن ثم رجعت إلى إسرائيل برفقة ابنتهما “نوعه” وتطلقت منه.
اما زوجته الثانية، فلير كيتس، لم تنجب وحصل الطلاق بين الزوجين سنة 1984 لتعود فلير كيتس إلى الولايات المتحدة.
لا شك أن نتانياهو الذي يعتبر من افضل زعماء اسرائيل والعالم يعيش في هذه الفترة اسوأ ايامه الاجتماعية والسياسية وقد ينتهي به الأمر في السجن اذا ما ثبتت ضده تهم الفساد والرشاوى. في بداية طريقه السياسي كان نتانياهو حبيب وسائل الإعلام العبري وقد يكون قد ارتكب خطأ كبيرًا حين سار على النهج الأمريكي و”فتح بيته” أمام وسائل الإعلام التي بحثت عن أدق التفاصيل وحفرت في حياة الزوج نتانياهو الخاصة وبما أن الإعلام يتغذى من الصحافة الصفراء، وجدت في تصرفات الزوج نتانياهو مادة دسمة للقراء وحتى التافهة منها انتشرت بسرعة وخاصة بسبب تصرفات سارة والتي أظهرته وسائل الإعلام ربة بيت قاسية، جشعة ،صعبة المزاج وتتصرف بسيطرة وفوقية وحتى بغباء احيانًا.
ومن منا لا يذكر قصة الصراصير وقصة بيع القناني الفارغة وصناديق الشمبانيا والسيجار الفاخر.
لا شك أن الكثير من الأخبار بشأن الزوج نتانياهو صحيحة ولكن تم تضخيم بعضها ومنها ما كان كتصفية حسابات شخصية مع الزوج نتانياهو ولأسباب مختلفة.
ويبدو أن طريق ملك إسرائيل السياسي قد قاربت على الإنتهاء، وبات صرح نتانياهو الحافل بالإنجازات قاب قوسين أو أدنى من السقوط وقد يكون سقوطًا مدويًا ووراء هذه النهاية الحزينة تقف امرأة وقد يدون التاريخ عبارة:
” وراء سقوط نتانياهو سارة”.
سعيد بدران