أنتم أم الولد الحقيقية
تاريخ النشر: 11/03/19 | 6:38لا يسعني إلا أن أتفهّم هؤلاء الإخوة والأخوات الّذين صُدِموا أو غضبوا أو حزنوا من انشطار القائمة المشتركة إلى شطرين، جاءا عكس كلّ التّوقّعات وتحليل الخبراء، مؤكّدين أنّ السّياسة هي فنّ الممكن وأنّ استطلاعات الرّأي سراب مدفوع الثّمن، ولكنّي لا أتّفق مع الّذين “زعلوا” و “حردوا” وينوون مقاطعة الانتخابات.
كتب لي صديق صحافيّ رسالة قصيرة تتفجّر أسًى وغضبًا “ما عاد ينفع إشي على كل حال يا أبو علي. إن شاء الله النّاس ما بتصّوت وبتعاقبهم، وأنا أوّلهم!”، فأجبته “لا تتسرع ففي العجلة النّدامة، لأنّ قضيّة شعبنا أهمّ من جميع الأحزاب”، فردّ “مصلحة شعبنا تقتضي تعليمهم درسًا!”. فكتبت له “أتفهّم غضبك ولكنّ عدم التّصويت عقاب لأنفسنا فنحن أم الولد يا عزيزي. أرجوك أن تبقى حكيمًا عاقلًا كما عهدتك!”.
هل نعاقب أنفسنا وشعبنا ونبقى في بيوتنا يوم الانتخابات نشرب القهوة والشّاي بينما قطعان المستوطنين وغلاة اليمين وأيتام كهانا وغولد شتاين وأحفاد مئير هارتسيون يتدّفقون زرافات إلى الصّناديق كي يقلعونا من وطننا الحبيب؟ أما سمعنا التّحريض الدّمويّ الّذي يشّنه نتنياهو علينا لشيطنتنا ونفينا سياسيًّا مقدّمةً لتهجيرنا وطردنا من الوطن؟ ألا تهزّنا تصريحات جنرالات حزب “أزرق أبيض” الّذين يفخرون بأعداد قتلاهم من شعبنا ومؤكّدين الابتعاد عنّا وعدم الاعتماد علينا كأنّنا وباءٌ معدٍ؟
نحن نحيا في فترةٍ زمنيّةٍ طغى عليها الخطاب الاسرائيليّ اليمينيّ المتطرّف الّذي ينعت اليساريّين الاسرائيليّين بالخونة ويصادر كلمة “سلام” ويجيز تعذيب العربيّ وقتله. ونحن نعيش في زمن قانون القوميّة العنصريّ الّذي نجح في الكنيست بفارق صوتين اثنين لا غير، فتصّوروا لو شارك 70% من النّاخبين العرب في الانتخابات السّابقة وحصلنا على 15 مقعدًا لأفشلنا نتنياهو ودختر بتمرير هذا القانون البغيض.
قانون القوميّة العنصريّ وراءنا وصفقة القرن الّتي تنوي القضاء على قضيّة شعبنا أمامنا، فهل نقعد في بيوتنا ونسّلم رقابنا لنتنياهو الّذي يشيطننا ويحرّض علينا، ولليبرمان الّذي يهدّد بقطع رؤوسنا بالبلطات، ولبينيت الّذي يريدها دولة يهوديّة خالية من العرب؟ وماذا عن قضيّة العنف في مجتمعنا العربيّ، وعن آلاف البيوت المهدّدة بالهدم؟ وماذا عن ممارسات الاحتلال والمستوطنين ضدّ أبناء شعبنا الفلسطينيّ؟ وماذا عن حصار غزّة وتجويع أهلها؟
هل ترغبون أن نكون صامتين لا نصرخُ ولا نُسمِعُ الدّنيا ما يفعلون بنا وضدّنا؟ ألا نقاومهم في عقر دارهم ونفضحهم محليًّا وعالميًّا؟ ألا نطالب بحقّنا من الميزانيّات لتطوير بلداتنا العربيّة؟
هل نتركُ الكنيست كي يكون خاليا من العرب كما يريد نتنياهو؟
يا أهلي، يا أيّها النّاس الطّيّبون!
عُضُّوا على شفاهكم وتوجّهوا إلى صناديق الاقتراع وتذّكروا أنّ القضيّة هي قضيّة شعب وليست قضيّة حزب. وأنتم، أنتم أمّ الولد، أنتم الأم الحقيقيّة!!
١٠-آذار-٢٠١٩ محمد علي طه