مظاهرات 15 مارس 2019 – معمر حبار
تاريخ النشر: 17/03/19 | 8:49للمرّة الثّالثة على التّوالي يكرمني ربّي رفقة أصغر الأبناء “شمس الدين” حضور المظاهرات التي يقودها الشباب الجزائري المسالم المتحضّر الذي أبهر العالم أجمع من شرطة متحضّرة وشباب متحضّر، فكانت هذه الأسطر:
1. ترحم المتظاهرون على 49 مسلم الذين قتلوا غدرا وخيانة في مسجدين وهم يؤدون الصلاة من طرف استرالي حاقد مبغض، ما يعني أنّ الجزائري وهو في خضم حراكه وحماسه لا ينسى مآسي المسلمين عبر الكرة الأرضية. ورحم الله الذين قتلوا في المسجدين وأسكنهم الله الفردوس ورزق أهليهم الصبر والثبات، سائلين الله عزّوجل أن يكون آخر الباس.
2. أخطأ “حجار” حين قدّم العطلة الربيعية للطلة الجامعيين ومنحهم أسبوعين إضافيين معتقدا أنّ قرار تقديم العطلة سيكسّر المظاهرات ويفشلها، لكن رأيت رأي العين أن عدد المتظاهرين ارتفع هذا الأسبوع بشكل واضح وجلي ومردّ ذلك في – تقديري – أنّ من بين أسباب ارتفاع عدد المتظاهرين تفرّغ الطلبة الجامعيين والعودة إلى بيوتهم إذ أصبحوا في راحة ودون امتحانات تشغلهم وقد استرجعوا قواهم وعافيتهم فوجّهوها نحو المظاهرات بحيوتهم ولهيبهم وحناجرهم وشعارتهم التي أبدعوا في كتابتها والتّعبير عنها.
3. عدد المتظاهرين ارتفع وتضاعف بشكل كبير و واضح، ويزداد كلّ اسبوع من حيث الكمّ والنوعية، وأصبحت من مظاهر البطولة والشجاعة أن يشارك المرء في المظاهرات، ولذلك أصبح المتأخّرون يتسابقون لمشاركة إخوانهم.
4. في كلّ أسبوع ألتقي مع أشخاص جدد، كانوا يكنون لي بعض الشدّة والقساوة بشأن بعض المواضيع ومواقفي الثّابتة تجاهها والتي أعبّر عنها باستمرار عبر صفحتي ومقالاتي، لكن كان لقائي بهم عبر المظاهرات حارا وأخويا وصادقا. والمظاهرات وما تعيشه الجزائر من أحداث وغليان الشارع زاد في المحبّة والمودّة بين الجزائريين، وأصبحوا أكثر قربى ومحبّة فيما بينهم من ذي قبل، والأزمات توحّد وتقرّب بين أبناء البلد وتلك من حسنات وفضائل أحداث الجزائر
5. رأيت هذه المرّة ولأوّل مرّة بعض الأئمة بلباسهم الجزائري التقليدي الأصيل الجميل داخل المظاهرات، وأزعم أنّ المظاهرات القادمة سيكونون في المقدّمة وأكثر جلاء و وضوحا وأكثر عددا. وأغتنم الفرصة وأكتب عن ما قلته لبعض الأئمة وما زلت أردّده منذ اليوم الأوّل من الأحداث: لم يطلب منكم أحد عصيان الوصاية ومخالفة تعليماتها علانية، لكن حاولوا أن لا تدخلوا في صراع سياسي لا قبل لكم به، وابقوا مدافعين عن الوطن العزيز، والدعاء له، والحفاظ على ممتلكاته وخيراته، والدعاء لأبنائه بالسّداد والتّوفيق دون الخوض في جريمة عدم التظاهر وعدم الخروج في المظاهرات فإنّ ذلك ممّا يسئ لمكانة الإمام التي من المفروض أن تكون ميزانا يعرف به الخطأ والصواب، والصدر الحاضن لأبناء الوطن جميعا.
6. عن أهمية النظافة التي جسّدها المتظاهرون في حرصهم عليها والتشبّث بها، يكتفي صاحب الأسطر بنقل ماكتبه عبر صفحته بمجرّد ماوصل إلى البيت وهو عائد من المظاهرات، حيث قال: رأيت رأي العين أثناء مظاهرات 15 مارس 2019 شبابا يحمل أكياسا لتنظيف الشارعين من قارورات المياه المعدنية. والحضارة تبدأ من تنظيف الأشياء البسيطة، والأشخاص، والأفكار. وحقّ للجزائر والعالم أجمع أن يفتخر بالمجتمع الجزائري العظيم.
7. تحدّثت في مقالي السّابق “مظاهرات 8 مارس 2019” أنّ عدد النّساء في المظاهرات ارتفع وبشكل ملحوظ، وأنّ نسبة المرأة ارتفعت عمّا كانت عليه. واليوم أؤكد من جديد أنّ عدد النّساء ارتفع لكن هذه المرّة ليس بمناسبة 8 مارس إنّما دعما ومساندة لأخيها الجزائري الذي ظلّ وما زال يحميها بحياته طيلة سير المظاهرات.
8. أكتب هذا المقال وأنا أتابع مظاهرات الفرنسيين للأسبوع 18، حيث الحرق، والتدمير، والنهب، والسّطو، ونسف المعالم التي تميّز فرنسا، ومن جهة أخرى شرطة تتفنّن في اجتثاث العيون عبر البندقية الخاصّة بذلك، وقمع المتظاهرين، وإهانتهم باللّكم والركل، ووزير الداخلية الفرنسي الذي يهدّد المتظاهرين ويوصي الشرطة بمزيد من القمع، ومحكمة فرنسية تقرّ باستعمال البندقية المجتثّة للعيون وتعتبرها مقبولة وآمنة في مواجهة المتظاهرين رغم أنّها أصابت الكثير في عيونهم وأمسوا بلا عيون من شدّة تأثيرها وعنفها.. وفي المقابل شرطة جزائرية تحمي المتظاهرين الجزائريين، وترعاهم، ومتظاهرين جزائريين يفتخرون بإخوانهم الشرطة، ويقدّمون لهم الماء والأكل والورود وقد رأيت ذلك رأي العين، ويجاملونهم بشعارات لطيفة رقيقة ترفع من معنوياتهم وتشجعهم على اداء مهامهم النبيلة الغالية. وتلك من صور عظمة جيش ودرك وشرطة والمتظاهرين الجزائريين الذين رسموا صورة في غاية الجلال والجمال.