في مواجهة صفقة القرن الكارثية
تاريخ النشر: 31/01/20 | 9:54بقلم : شاكر فريد حسن
يقف الفلسطينيون في جميع اماكن تواجدهم ومعهم قوى الحرية والسلام والديمقراطية في العالم، وعدد قليل من الدول العربية والاسلامية، في مواجهة صفقة القرن المزعومة لتسوية وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي بق حصوتها قبل أيام الرئيس الأمريكي ترامب بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطال الحديث عنها كثيرًا، وحاولت الولايات المتحدة دفعها قدمًا عبر ورشة البحرين الاقتصادية، التي حضرتها وشاركت بها وروجت لها بعض الدول العربية الخليجية، وتغيبت عنها أطراف عربية منها الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية.
وفي الواقع أن صفقة القرن هي خطة وخريطة طريق بمقاس أمريكا ونتنياهو والرجعية العربية وتفصيلهم، ولكنها ليست منزلة ما دام شعبنا قد لفظها قبل ولادتها ويرفضها جملة وتفصيلًا، لأنها لا تلبي مطالبه وطموحاته وأمانيه بالحرية والاستقلال، ولها أهداف كثيرة وخطيرة وكارثية، وترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضرب مقومات شعبنا الفلسطيني وحرمانه من دولة فلسطينية مستقلة، وإبقاء القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، عدا عن تكريس الاحتلال الصهيوني وتوسيع الاستيطان وضم غور الأردن وتثبيت كل البؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.
ومن الواضح تمامًا أن ترامب المعادي لشعبنا وللشعوب العربية والإسلامية وطموحاتها وآمالها، والداعم بكل قوة للاحتلال الإسرائيلي، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، الذي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وأعلن عنها عاصمة أبدية للدولة الصهيونية، وشرعن الاستيطان، وأعلن عن ضم الجولان وبسط السيادة الإسرائيلية عليه، هذا الرئيس الأرعن الأجوف اختار التوقيت الصعب لإعلان خطته، له ولنتنياهو، حيث أن نتنياهو يتخوف من تقديمه للمحاكمة وغيابه عن المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي، فيما ترامب يخضع للاستجواب وثمة من يطالب بعزله، ولذلك جاء الاعلان عن الصفقة في هذا الوقت بالذات في محاولة لإنقاذ نفسيهما.
إن كل ما تتضمنه صفقة القرن يتناقض بشكل مطلق مع الثوابت الوطنية الفلسطينية التي يجمع عليها شعبنا بكل شرائحه وقواه وفصائله الوطنية والاسلامية، ويتعارض مع قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ومع المطلب الدولي العالمي بحل الدولتين لشعبين، ويتجاوز كل مبادرات السلام العربية، ويتجاهل بشكل سافر الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وما ارتكبه واقترفه من مجازر دموية وجرائم وحشية على مدى عشرات السنين، ويشرعن المستوطنات على الأرض الفلسطينية، لهذا فقد أجمع شعبنا دون استثناء على رفض هذه الصفقة المشؤومة، التي تشكل نكبة جديدة ضده، واحسن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كما نقل عنه رفض مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكي ترامب.
ليس أمام الفلسطينيين سوى خيار واحد، وهو رفض ودوس هذا المخطط التآمري الخطير والدنيء، والتصدي له بشراسة وبكل قوة، بالتراجع عن مسار اوسلو الكارثي ووقف التنسيق الأمني، وتمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية، والاتفاق على مشروع استراتيجي وطني بين جميع الفصائل الفلسطينية، يتبنى خيار المقاومة المشروعة ومواجهة صفقة القرن عبر آليات المناهضة المختلفة.
وفي النهاية يمكن القول، أن ما يسمى بـ ” صفقة القرن ” لن يغير من الواقع شيئًا، فالقدس وفلسطين باقيتان ما بقي التراب وعائدٌ، وما دام شعبنا على هذه الارض فليشربوا من بحر غزة وحيفا.