أردوغان يتاجر بالثورة الجزائرية – معمر حبار

تاريخ النشر: 04/02/20 | 15:24

الثلاثاء 11 جمادى الثانية 1441 هـ – الموافق لـ 4 فيفري 2020

أتعامل مع أردوغان كما أتعامل مع أيّ رئيس في العالم ليس أفضل منهم ولا أقلّ منهم شأنه في ذلك شأن سلاطين السّعودية وآيات إيران وحكام فرنسا. ومكانة أيّ منهم قد تعلو وقد تنخفض بنوعية علاقته بالجزائر أي هل ألحق أضرارا بالجزائر أم لا؟ وكلّ يتحدّث من منطلق مجتمعه ومصالحه.

استنكرت الجزائر على أردوغان نقله لحديث دار بينه وبين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وهو يخاطب الماكرو ماكرون بشأن شهداء الجزائر الذي أبادتهم فرنسا المحتلة فقامت وزارة الخارجية بنشر بيان يوضّح سوء أدب أردوغان واستغلاله للتّاريخ الجزائري في قضية ثنائية ولذلك كانت هذه الأسطر:

أوّلا فيما يتعلّق بالتّاجر أردوغان:

1. سبق لي وعدّة مقالات وعبر صفحتي أن أثنيت وما زلت لكلّ من ساهم من قريب أو بعيد في مساعدة الثورة الجزائرية بما استطاع ويؤمن به ومنهم إخواننا المصريين والتونسيين والمغاربة والسوريين والعراقيين وغيرهم كثير. وكذا الفرنسيين الذين تعرّضوا للتعذيب والقتل والسجن والخطف والإعدام والتضييق على أيدي الجلاّدين السّفاحين الفرنسيين وأحسنت الجزائر حين اعترفت بفضائلهم تجاه الثورة الجزائرية وأطلقت أسماءهم على بعض المؤسسات والشوارع. وأثنيت على بعض يهود الجزائر الذين تعرّضوا للسجن لأجل نصرة الثورة الجزائرية ونقل في كتابه كلّ صغيرة وكبيرة عن التعذيب والإهانة التي تعرّض لها جزائريون على أيدي إخوانه الفرنسيين واستنكر على فرنسا المحتلة المجرمة إهانتها للجزائريين وحرمانهم من لغتهم العربية وساعد الجزائريين على القراءة والكتابة وهم تحت التعذيب.

2. إذن الشكر موصول لكل من ساهم في نصرة الثورة الجزائرية عربيا كان أو فرنسيا أو غربيا أو غيره لكن عتابنا لأردوغان في كونه استغلّ الثورة الجزائرية لأطماعه الشخصية وأغراضه السياسية وهذا ما لايمكن قبوله ولو زعم صاحبه أن “يقف؟ !” مع الجزائر و”ينصرها؟ !”.

3. التعاطف مع الغير في قضايا عادلة محمودة مقبولة ونظل نثني على كلّ من يقف مع الثورة الجزائرية من عرب وفرنسيين وغربيين وعجم لكن أردوغان استغلّ الملف لأطماعه الشخصية ومآربه السياسية. ليفعل ما يشاء لكن بعيدا عن استغلال ثورتنا وتاريخنا وشهدائنا لأغراضه.

4. لسنا بحاجة إلى من يستغلّ ثورتنا وتاريخنا وشهدائنا لأغراضه وأطماعه السياسية. ومن أراد تصفية مشاكله مع غيره فليقم بتصفيتها خارج استغلال الثورة الجزائرية وشهدائها وتاريخها. وجرائم فرنسا لاتخضع للتقادم وهي عظيمة كبيرة. ولانريد أحدا أن يستغلّ تاريخنا لأطماعه. وفي نفس الوقت استنكرنا ومازلنا استغلال التّاجر أردوغان لشهداء الجزائر لأغراضه السياسية وأطماعه التوسعية ومستغلا الجزائر وتاريخ الجزائر لتصفية حساباته مع حلفائه وأصدقائه بالأمس.

5. وهذه القاعدة في التعامل تبقى قائمة مع السّعودية وإيران وتركيا وفرنسا. ودون استثناء وحين يتعلّق الأمر باستغلال الثورة الجزائرية لأغراض سياسية وتصفية حسابات فيما بينهم وبين غيرهم.

6. سبق لأردوغان أن ارتكب نفس الحماقة مع الرئيس التونسي قيس سعيد مادفع رئاسة تونس إلى تكذيب ماجاء على لسان أردوغان حين زعم أنّ تونس سمحت له بتسهيلات عسكرية لقتل اللّيبيين.

7. واضح جدّا أنّ أردوغان يتعمّد هذا الأسلوب لغاية في نفسه وليس خطأ دبلوماسيا ولا زلّة سياسي كما قرأت لعدّة أساتذة جامعيين جزائريين لأنّ الخطأ لايتكرّر.

ثانيا فيما يتعلّق بموقف الجزائر تجاه أردوغان وتجاه فرنسا:

8. استنكرنا ومازلنا تخاذل الجزائر في تعاملها مع جرائم الاستدمار الفرنسي ونظلّ نتحدّث عن الجرائم دون كلل ولا ملل.

9. بيان رئاسة الخارجية من حقّ الجزائر الذي لاينازعها فيه أحد.

10. حين يتعلّق الأمر بالجزائر أقف مع مجتمعي ودولتي ضدّ تركيا وإيران والسّعودية وفرنسا دون تردّد ولا تراجع.

11. أتوجّه الآن باللّوم الشديد إلى وزارة الخارجية الجزائرية التي أصدرت البيان وأعاتبها بقوّة وشدّة على استعمالها مصطلحات رقيقة لطيفة لاتتناسب واستغلال أردوغان للملف لتحقيق مآربه وأطماعه الشخصية من جهة ولا تتناسب مع خطورة الموضوع المتمثل في جرائم الاستدمار الفرنسي ضدّ الجزائر والجزائريين.

12. استعملت الخارجية الجزائرية عبارة: ” تشدد الجزائر على أن المسائل المعقدة المتعلقة بالذاكرة الوطنية التي لها قدسية خاصة عند الشعب الجزائري، هي مسائل جداً حساسة”. وعليه أقول: مابين الجزائر وفرنسا جرائم ضدّ الإنسانية وإبادة شعب بأكمله باسم الدين والعرق والجنس ورمي الجزائريين من الطائرات وردمهم أحياء وإشعال النار فيهم وهم أحياء ونهش الأجساد الجزائرية عبر الكلاب المدرّبة وإطلاق الكلاب المدرّبة على ممارسة الجنس ضدّ الجزائريين والجزائريات ونهب ثروات وانتهاك أعراض الرجال والنّساء ومنع للّغة العربية ونسف مساجد وقتل بالمجان وتدمير بنايات والتسلية عبر تعذيب الجزائريين والجزائريات وإعدام في وضح النّهار طيلة 132 من النهب والسطو والاعتداء الجنسي.

13. من العار على الجزائر أن تسمي هذه الجرائم “مسائل؟ !” وكأنّها مسائل عادية مختلف فيها بين شخصين اختلفا حول نقطتين.

14. هذه جرائم وليست “مسائل؟ !” ولا تتقادم عبر الزمن ومن الجرم في حقّ الجزائر والجزائريين وأسيادنا الشهداء أن يطلق عليها “مسائل؟ !”.

15. أصابت وزارة الخارجية الجزائرية في ردّها على التاجر أردوغان الذي أراد أن يتاجر بشهدائنا وثورتنا لتحقيق أطماعه السياسية لكنّها أخطأت وبشكل كبير ولا يقبل التبرير حين أطلقت على جرائم الاستدمار الفرنسي اسم “مسائل؟ !”.

16. قلتها وأعيدها: لاألوم الاستدمار الفرنسي الذي أقرّ “قانون تمجيد الاستدمار؟ !” لكن ألوم وأظلّ أستنكر على الجزائري الذي سحب بمحض إرادته “قانون تجريم الاستدمار الفرنسي” وما زال لغاية كتابة هذه الأسطر سجينا ينتظر الإفراج عنه… فمتى يفرج عنه؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة