رحلتي إلى جيجل- الحلقة5: مكتبة والخلفاء الراشدين وشاطئ إكسير- معمر حبار
تاريخ النشر: 21/03/20 | 11:14في اليوم الخامس وبتاريخ: الأحد: 3 ذو الحجة 1440هـ الموافق لت 4 أوت 2019. اتجهت صباح اليوم ومشيا على الأقدام إلى وسط مدينة جيجل وحسب ساعتي فإن المسافة بين “أولاد بونار” حيث بيت العطلة الصيفية ووسط المدينة تقدّر بحوالي 7 كلم ولذلك لم أشعر بالتعب وأنا أقطعها ذهابا وإيابا، وقد كان من العادة أن أمشي ما لا يقل عن 12 كلم. ومن بين الملاحظات:
أوّلا مكتبة المتحف وأسيادنا الخلفاء الراشدين:
1. اتجهت وللمرة الثانية إلى مكتبة المتحف الذي سبق لي أن اشتريت منه كتاا، واشتريت منه اليوم كتاب: L.Charles FERAUD « HISTOIRE DES VILLES DE LA PROVINCE DE CONSTANTINE », . سأفرد له قراءة في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.
2. وأنا في مكتبة المتحف وقفت على ملاحظة أقف عليها لأوّل مرّة وهي اختلاف الأسعار فيما يخص كتب أسيادنا الخلفاء الراشدين رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم جميعا، حيث يباع بعضها بـ 550 دج ويباع بعضها بـ 350 دج. سألت أحد القائمين على المكتبة وكان مثقفا مطّلعا من خلال النقاش الذي دار بيننا، فقال: يعود سبب اختلاف أسعار كتب الخلفاء الراشدين إلى عدد الصفحات بين كتاب وآخر. أمسكت الكتابين: ففي الأول 237 صفحة والثاني 237 صفحة، قلت: عدد الصفحات يتساوى، لماذا إذن اختلاف الأسعار؟ راح يحدّثني عن اختلاف الطبعات. أجبت: ليس هذا هو السبب، فمن الطبيعي أن يختلف السعر حسب الطبعة ونوعية الطبعة وكرّرت سؤالي: لماذا تختلف أسعار الكتب الخاصة بأسيادنا الخلفاء الراشدين من خليفة إلى خليفة رغم تساوي عدد الصفحات ونفس الطبعة ولنفس الكاتب؟ أجاب حينها: بعض الكتب الخاصة بالخلفاء الراشدين تنفد بسرعة فيعلو ثمنها وبعض الكتب الخاصة ببعض الخلفاء الراشدين لا تنفد وتبقى مكدسة فيتم تخفيض سعرها لتكون في متناول القارئ . أعقّب: كأنك تريد أن تقولي لي: الجزائري يقرأ بعض الخلفاء إلى درجة نفاد نسخها بسرعة والإقبال عليها ولو كانت مرتفعة الأسعار وفي نفس الوقت لا يقرأ لبعض الخلفاء ولا يقبل عليهم إلى درجة تخفيض أسعارها حتى يتم الإقبال عليها بجهد ومشقة. أجاب: صدقت، هذا هو الذي أعايشه وألمسه بالضبط. أضيف: أعترف أني أصبت بصدمة وأنا الذي كنت أعتقد أن الجزائري لا يميّز بين أسيادنا الخلفاء الراشدين فتبيّن لي من خلال هذا المثال أن الجزائري يقرأ كثيرا عن الخليفة سيدنا علي بن أبي طالب ولذلك سعره مرتفع، وكذا سيدنا أبي بكر الصديق وسيّدنا عمر بن الخطاب وسيّدنا عثمان بن عفان وبهذا الترتيب، ولذلك تجد الكتاب الخاص بأسيادنا الصديق وعلي أرفعهم وأغلاهم سعرا وكتب أسيادنا عمر وعثمان أقلّهم سعرا. أعترف أنّي لأوّل مرّة في حياتي أقف على هذه الملاحظة وأرجو من القارئ والناقد المتتبّع أن يقدّم وجهة نظره من حيث التأييد أو الرفض وبالأخص لما توصلنا إليه لحد الآن-أقول لحد الآن-.
3. قرأت بعض الأسطر من مقدمة الكتاب وأنا في إحدى مقاهي جيجل عائد للبيت. طلبت كأس ماء من صاحب المقهى. رد بأدب وابتسامة: هذا هو الطلب الذي لا أرده وهو أساس هذه المقهى. وكانت علامات الكرم بادية على بسمته وهو يلبي طلبي.
4. وأنا أخرج من المقهى متّجها للبيت سألت شابا: قيل لي أن جيجل تزخر بالآثار القديمة أين يمكن أن أجدها؟ أجاب بحسرة: كانت هناك آثار ولم يعد فيها أثار فقد تمّ تحطيمها واستبدالها بالبنايات. ختم حسرته قائلا: لم يبق شيء يُذكر. نصحني: لا داعي أن ترهق نفسك وتبحث عبثا عن الآثار المفقودة والتي لن تعثر عليها أبدا.
5. وأنا متجه إلى وسط المدينة رأيت صدفة محل خاص بالاتصالات حيث استعمال الحاسوب وشبكة الاتصال، فاغتنمتها فرصة واتصلت بزميلنا “حسين بوبيدي” وهو زميلي عبر الصفحة وأستاذ جامعي مهتم بالتاريخ وطلبت منه أن نلتقي إذا شاء ووضعت تحت تصرفه رقم هاتفي ورقم هاتف أكبر الأبناء “وليد”. ففرح وتمنى الخير ووعدني أن نلتقي يوم الأربعاء باعتبار يوم الاثنين والثلاثاء له التزامات عائلية. تمنيت له الخير على أمل أن ألقاه. وأفردت للقائنا مقال بعنوان: “حسين بوبيدي كما رأيته أوّل مرّة”. انتظروه في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.
ثاني: شاطئ كسير:
6. بعد صلاة العصر اتجهنا إلى “شاطئ كسير” وكان على بُعد 10 كيلومترات وامتاز بأنه واسع وجميل، ويمكن من خلاله متابعة غروب الشمس بسهولة عكس الشواطئ الأخرى التي تغطي جبالها المترامية غروب الشمس، وفي أسفل الشاطئ حصى صغيرا جداً لا تعرقل السباحة خاصة بالنسبة للأطفال، وقليل من الرمال وبعدها أحجار متوسطة الحجم. الشاطئ الواسع كما قال لي ابني”وليد” مناسب جدّا للأبناء لأنّ المرء لا يشعر فيه بالعدد الكبير لأنه يتوزع على المساحة الشاسعة وهذا شأن شاطئ إكسير.
7. بعد صلاة المغرب ونحن متوجّهون للبيت رأيت على مرتفع عبارة مكتوب عليها بخط عريض جدا بدليل أني قرأته على بعد 500 متر وهي “سد إكسير”. سألت الشباب المقيم بالشاطئ فأخبروني أن الأشغال على وشك الانتهاء وسيفتح السد بالموازاة مع فتح حديقة ترفيهية وألعاب حيث يمكن للزائر أن يتمتّع بالسد وبوسائل الراحة حسب قول الشباب. أبديت لأبنائي إعجابي بالفكرة وتمنيت تجسيدها عبر ولايات الجزائر التي تشهد مشاريع بإلحاقها بوسائل الراحة والترفيه وقدمت كمثال على ذلك جامعة الشلف وقلت: جامعة الشلف تحتاج لسكة حديدية تربطها بوسط المدينة وطريق يربطها بالطريق السيار وإعادة إحياء الشبكة الحديدية التي كانت في عهد الاستدمارالفرنسي والتي تؤدي للبحر الذي يبعد عنها 50 كلم فقط ومطارات تربطها بالعالم الخارجي وغير ذلك من المشاريع التي تؤدي الخدمات للجميع وبسرعة ودون تكلفة.
ثالثا: سمنة وهندسة معمارية:
8. واضح جداً أنّ السُمنة في الجزائر مسّت الرجل والمرأة معا والكبير والصغير، والزائر لشواطئ جيجل يرى ذلك بوضوح وهو يرى رأي العين أجساد الرجال التي يسبقها البطن المنتفخ وصعوبة المشي من فرط السمنة وكذا النساء حتى أن المرء لم يعد يفرّق بين المرأة والرجل من فرط البطون المتراكمة على الجسد. هذه الظاهرة السّيئة أصبحت تتفاقم بشكل مزري وخطير ما يستدعي معالجة أسبابها التي تكاد تكون معروفة والحد منها عبر ثقافة ورياضة وعزيمة.
9. امتاز الحي الذي أسكنه “أولاد بونار” بالفوضى في كيفية توزيع البيوت وعدم التناسق. ويمكنني القول أن البعض أنفق أموالا طائلة من أجل تشييد عمارات ومساكن باهظة الأثمان لكنها لاتطل على البحر رغم أنّها لا تبعد إلاّ أمتارا عنه بسبب البنايات المترامية بشكل مقزّز وفوضوي بل إن دخول السيارة يكاد يكون صعبا وربما سيكون مستحيلا إذا استمرت وتيرة البناء بهذه الفوضى من جهة. من جهة أخرى فإن الفوضى في البنايات وعدم ترك مسافة أمن وراحة بين البنايات جعل من المستحيل دخول سيارة الحماية المدنية في حالة تعرّض السكان لحادث كالحريق أو الزلزال أو غاز وغير ذلك من المصائب بل لا يمكن حتّى التكفّل بمريض أو امرأة حامل وحمله للمستشفى لأن سيارة الحماية المدنية أو سيارة المستشفى لايمكنها دخول المكان الفوضوي ما يدل على خطورة الوضع والإسراع في معالجته بوسائل فاعلة وقرار سياسي قوي أمين.
10. ترقبوا الحلقة السّادسة بإذن الله تعالى.