البعد الدولي والتداعيات المجتمعية للوباء التاجي
تاريخ النشر: 27/03/20 | 23:06بقلم : سري القدوة
إن العالم يواجه حالة غير مسبوقة في التاريخ نتيجة فيروس كورونا التاجي وتداعياته الخطيرة وخاصة أن الأولوية أصبحت الآن بالنسبة للعالم هي الصحة وحياة الناس وإن ما يواجهه العالم حاليا لم يشهده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وما تبعها من نظام عالمي بقواعده وترتيباته ولم يشهد الأزمات المجتمعة في وقت واحد فيما يشبه العاصفة الكاملة كما يجرى حاليا وأننا نأمل أن تنتهي الأزمة الحالية قريبا ويتم احتواؤها عبر إيجاد علاج معترف به عالميا فعال يكون في متناول الجميع وعلينا الاستعداد دائما للأسوأ والتطلع للأفضل .
إن هذه الأزمة العالمية الكبرى تمس حياه البشر في ظل الارتفاع الكبير في أعداد الضحايا والمصابين وأن التهديد الأخطر هو سرعة انتشار هذا الفيروس وتأثيره على الحياة وانتظام الناس في أعمالهم وحياتهم الاجتماعية وأن البعد الثاني هو تأثير الفيروس على الشأن الاقتصادي والاجتماعي بصورة غير مسبوقة وبالتأكيد سيكون لهذه الازمة الكساد الاقتصادي الكبير على مختلف دول العالم وتشكل هذه الأزمة تضررا كبيرا لقطاعات النقل والسياحة والترفيه وتعطى مؤشرا واضحا إلى امكانية انهيار تلك المنظومة الاقتصادية القائمة على الكماليات الغير ضرورية للاستخدام البشري.
إن التداعيات الإنسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإعلامية والأمنية والسياسية للأزمة ستكون كبيرة جدا وقد تنتج عنها سلسلة من الأزمات الأخرى وليست أقل صعوبة وخطورة مما يواجهه العالم الآن وأن البدء بجهود دولية على نحو مؤسسي وضرورة العمل على تشكيل لجنة لتدارس آليات وتوزيع المهمات والأعباء لمواجهة الإبعاد والمخاطر الصحية والاقتصادية أمر بات في غاية الأهمية لمستقبل الإنسانية والبشرية ولتجنيب المجتمعات الأخطار والتداعيات المستقبلية لهذه الأزمة الغير مسبوقة وخاصة ضرورة الحفاظ على الكادر الطبي والعلماء والإسراع في تدريب عاملين جدد في مختلف الجوانب الصحية وتوزيع وتبادل الخبرات بين الدول من اجل إنقاذ البشرية ووضع حد لانتشار هذا الوباء .
إن اغلب بلدان العالم باتت تعاني من التوقف المفاجئ لسلاسل الإمداد والإنتاج والتوزيع وبالتالي لم تعد تصل الخامات أو المعدات أو تعطل وصول المكونات فضلا عن تغيب العمال والعاملين عن المصانع والشركات ووسائل النقل وهذا الأمر له تداعياته على الصناعة مما يهدد المنظومة الاقتصادية القائمة كما يؤثر ذلك على طبيعة النمو الاقتصادي ويعكس عجز الإمكانيات الطبية ويعرض الموازنات القائمة الي التدهور والأمر برمته يحتاج إلى إعادة تقيم دولي والاستفادة من التجارب بعيدا عن الصراعات والتناحر القائم بين مختلف الأقطاب السياسة الدولية .
إن الوضع القائم يقتضى أن تكون الصحة هي الأولوية الأولى ويعني ذلك توقف وإعادة النظر في السياسات المالية والتي في الأغلب يتم توجيهها لدعم المنظومة الأمنية والدفاعية للدول وبات من الضروري التوجه الآن إلى الأمن الصحي ودعم القطاعات الصحية والحفاظ على صحة البشرية بعيدا عن النظريات السابقة والتي تحد من مجانية الخدمات الصحية للمواطنين.
ولعل أزمة الوباء التاجي تضع على المحك أهمية تطوير منظمة الصحة العالمية لتشمل دوائر أكثر تخصصا وتتلمس احتياجات العالم من ضرورة وجود مراكز أبحاث دولية بيولوجية تحت إشراف الأمم المتحدة وعدم ترك المجال مفتوحا على مسرعيه لتنافس الأقطاب العظمى فالصراع البيولوجي بات اخطر سلاح على البشرية ويهدد المستقبل البشري وضرورة ان تخضع تلك المراكز وتكون تحت الرقابة والإشراف الدولي بدلا من عبث بعض الدول وترك المجال مفتوحا للمزيد من الأخطاء القاتلة.