كورنليزم (2)

تاريخ النشر: 03/04/20 | 15:09

محمد سواعد- ابن الحميرة
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1989 وظهور القطب الواحد في إدارة العالم، وانفراد الولايات المتحدة الامريكية بفرض سياساتها على كل دول العالم ظهر مصطلح العولمة، وجاء هذا المصطلح في محاولة إزاحة الأسوار والحواجز بين الدول وبعضها البعض، يستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي تكتسب بها العلاقات الاجتماعية نوعاً من عدم الفصل وتلاشي المسافة، حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد ـ قرية واحدة صغيرة ويعرف المفكر البريطاني رونالد روبرتسون العولمة بأنها «اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش» كما يعرفها مالكوم واترز مؤلف كتاب العولمة بأنها «كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد” (ويكبيديا).
بمعنى أدق ان الدول المتحكمة في اقتصاد العالم راحت تستغل سلطتها ونفوذها فكريا وتربويا وثقافيا وليس فقط اقتصاديا، وشهد العالم خلال السنوات الماضية تواصلا مكثفا بين أرجاء المعمورة في كل الميادين واختلطت كثير من ثقافات الأمم ببعضها البعض وتقرب الناس فيما بينهم في كل مجالات الحياة، بل ان أسلوب تفكير علماء الامة الإسلامية تغير ليواكب هذا الواقع الجديد فكتب العلماء الكتب والمقالات حول كيفية تعامل الامة الإسلامية مع هذا الواقع (انظر كتاب القرضاوي- خطابنا في عصر العولمة)؛ حيث بين فيه أساليب راقية جدا في مخاطبة المسلمين للعالم الجديد بتلك المصطلحات التي يفهمها العالم ويحب سماعها، حيث لم يعد بالإمكان الانعزال عن العالم ويجب علينا التكيف وتطوير خطابنا ليتلاءم مع العالم الجديد.
جاء مصطلح العولمة (غلوباليزم)؛ وهو من كلمة غلوبال الإنجليزية وتعني الشمول، ولكن هذا المصطلح بات اليوم مهزوما أمام وباء الكورونا الذي سيفرض نفسه ليكون مصطلحا جديدا في عالم متغير، حيث يكون العالم امام مصطلح جديد هو “كوروناليزم”، أي عالم ما بعد الكورونا.
العالم سوف يجتاز أزمة كوورنا ولكن المؤكد ان عالم ما بعد كورونا لن يشبه عالم ما قبلها وسيفرض مصطلح كوروناليزم نفسه على الساحة العالمية بديلا عن العولمة ومن أهم مميزات العالم الجديد بعد كورونا:
1- فشل برامج التسلح النجومية التي قام عليه العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وفترة الحرب الباردة، فكل هذه الأسلحة لم تغن عن البشرية شيئا أمام فايروس صغير.
2- اهتمام العالم بالجنس الإنساني والبحث عن الإنسانية التي في داخلنا ومحاولة التواصل مع الانسان كإنسان وتقديم مشاعر الناس من فرح وسعادة او حزن وشقاء على مصالح الافراد والدول.
3- الاهتمام بالمشاريع الإنسانية المشتركة التي يشترك فيها الخبراء من كل أنحاء العالم بغض النظر عن اللون والجنس والدين، وهذا ما شهدناه في أزمة الكوورنا، حيث كان العالم يتلهف الى الدواء.
4- ظهور تيارات إسلامية جديدة تعنى بدراسة واستشراف مستقبل البشرية وتضع احتمالات متعددة لكل الخيارات بدل التيارات الموجودة والتي ثبت أنها تدور حول الازمات فقط.
5- مما لا شك فيه ان العالم بعد كورونا سيشهد تغيرات مفاجئة في كثير من مناحي الحياة وهذا يستدعي من الفرد الحرص على التعلم والمعرفة والطموح الدائم نحو الاستزادة من المعرفة والدراسة وهو ما يسمى التعلم مدى الحياة، l.l.l’ learn; lojg; lufe.

محمد سواعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة