لأنك في الجزائر: الوحدة التضامنية .. فطرة ثورية .. !!
تاريخ النشر: 05/04/20 | 7:48بقلم: عماره بن عبد الله (كاتب جزائري).
لم يكن من الصدفة ولا من باب التكلف أن تعتمد الجزائر حملتها في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به، هذا الشعار “الوحدة التضامنية .. فطرة ثورية”، من خلال ما تقدم عليه وزارة التضامن الوطني بمعية عدد من الشركاء، سواء قطاعات وزارية أو فعاليات المجتمع المدني، قصد التكفل بالفئات الهشة والعائلات المعوزة، كما أنه ليس من الصدفة أيضا أن تختار ذات الوزارة أن تكون الانطلاقة الرمزية لهذه القوافل من منطقة، أين انطلقت أول رصاصة إيذانا باندلاع الثورة التحريرية المباركة، التي ضرب فيها الشعب الجزائري أروع الأمثلة في الوحدة والتضامن.
يقال إن “الأزمة تلد الهمة”، وهو ما وقع حينما اشتدت المحنة الوبائية، على الجزائر بعد مرور أسابيع من الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا، إلى أن ارتفع عدد المصابين والشهداء وسط المواطنين بمختلف الولايات، حيث بدأت بوادر الالتفاف الشعبي حول المؤسسات الصحية، والكوادر الطبية الخط الدفاعي الأول في مواجهة الفيروس، وهذا فعلا ما ثمنته الدولة الجزائرية من خلال توجيهات الرئيس تبون سواء بالاجتماعات الوزارية الاستثنائية أو ما يكتبه عبر صفحته الرسمية، فعلا إنها استراتيجية وقائية اعتمدتها الدول الموبوءة، وسارت عليها الجزائر ضمن نظام اليقظة ورفع درجة التأهب حسب ما استدعته الضرورة الحتمية، وبسرعة ويقظة تجاوب معها مواطنون وهيئات بروح التضامن والتآزر، وهذا ليس غريبا عن أبناء الجزائر الذين عاشوا وعايشوا سنوات المأساة الوطنية خلال التسعينيات، ليس غريبا وهم من كرمهم الله والوطن والتاريخ، كيف لا وهم من تصدوا للإرهاب الأعمى، وكانوا ذلك السند القوي لقواتنا المسلحة، أين ظلوا مرابطين بالجبال والشعاب والوديان والمناطق المهجورة وفي بيوتهم، وهم كذلك يواجهون الخطر بصدور عارية، وها نحن نفتح صفحة جديدة من موسوعة التضامن، لكن في ظروف أخرى وأسباب مغايرة، فها هم أبناء وبنات الشعب الابي من أطباء وممرضين وطواقم طبية وصيادلة، وقوات أمنية وعسكرية والدفاع المدني وسلطات محلية وجامعية وإعلامية، فضلا عن فواعل المجتمع المدني باختلاف أنواعها، في محطة جديدة مع التاريخ ومع هاته الحرب وأي حرب جائحة كورونا، فمنذ الوهلة الأولى لظهور الوباء سارعوا كرجل واحد لمحاصرة تفشيه، وإبعاد أذاه الى أقصى حد وفق الوسائل المادية والبشرية المتاحة خاصة ما تعلق باعتماد الجانب الوقائي في هذا العمل التحسيسي الصحي، عنها انتشرت مبادرات تطوعية من شباب وجمعيات ومؤسسات، لتوفير مستلزمات الوقاية والأدوات الكفيلة بالتصدي للخطر الناجم عن الوباء، في ظل الحديث عن نقص الوسائل بالمؤسسات الاستشفائية، نتيجة الضغط الكبير للمرضى بمختلف المصالح.
نعم فقد أثبتت هذه الأزمة أن للجزائر ذخرا نافعا، وأبناء لا ينكرون ولا يجحدون، متضامنون متعاونون ومضحّون في العسر والضيق، فذاك الشبل من ذاك الأسد، ولا داعي هنا للعودة إلى الوراء وإلى التاريخ، القديم والحديث، للتفتيش عن البطولات الخالدة التي كتبها الأوّلون بأحرف من ذهب ودماء، ولأن الشدائد تُظهر معدن الرجال، وما تلك الصور المشرقة من التضامن، التي رسم تفاصيلها أفراد ومؤسسات وضعوا الوطن قبل كل شيء، حيث انخرطوا طواعية في حملات تطهير الشوارع والساحات والمباني، ولعل الصورة الجميلة لمبادرات التعقيم، تلك التي انخرط فيها الأفراد والمؤسسات المدنية والأسلاك الأمنية، مجندون كل واحد في جبهته ولكن كيد واحدة، لتطهير أرض الوطن من الوباء، كما سخروا أنفسهم ووسائلهم للمساعدة في وقف الوباء القاتل، مقدمين الدعم للواقعين تحت الحجر الصحي، لتخفيف عنهم أعباءه وضغطه، في وقت راحت بعض الأبواق تضعف الهمم، وتحاول تسويد المشهد الإنساني بممارسات لاأخلاقية، للخروج بصيد من الوضع الطارئ، عن طريق المضاربة في قوت الجزائريين، وفي وسائل الحماية والوقاية، لكن عيون الجزائر التي لا تنام، أحبطت مخططات الكثير منهم، في عمليات نوعية انتهت بحجز ومصادرة أطنان المواد الغذائية واسعة الاستهلاك ومواد التطهير، ختاما بتلك الصور لشاحنات معبأة بالمساعدات تدخل البليدة، فعلا هي صور تبعث السعادة والسرور رغم الحالة الصعبة التي نعيشها، وأنت ترى أبناء الجزائر في كل مكان يتسابقون لإرسال قوافل إغاثية لمدينة الورود.
وهكذا تتكاتف كل الجهود من أجل هدف واحد، وهو أن يُنجي الله جزائر الشهداء من هذا الوباء والبلاء ويخرجها سالمة معافاة من الابتلاء. يا رب