ايها المصلون : خذوا العبرة من “بني براك” ! “فيروس الكورونا” بين وعي العلماء ووهم الحاخامات
تاريخ النشر: 13/04/20 | 8:44الشيخ د. محمد حين سلامة – المشهد
عضو دار الإفتاء والبحوث الاسلامية
هناك إجماع على أن كبار حاخامات وأحبار اليهود ، لم يرتقوا إلى المستوى المطلوب في توجيه مجتمعهم وأتباعهم ، نحو مواجهة خطر وباء ” فيروس الكورونا” ، لأنهم لم يدعوا إلى التزام البيوت ، ولم ينهوا عن الصلاة في الكُنُس ، ولم يغلقوا المدارس الدينية ، وظلوا يمارسون حياتهم بصورة عادية ،بل خالفوا تعليمات وزارة الصحة ، وما مشاركتهم الحاشدة في جنازة أحد كبرائهم مؤخرا إلا دليل على ذلك .والحالة : العالم في واد وهم في واد آخر ،وللدلالة على ذلك ، زعم وزير الصحة الحالي “ليتسمان” – وهو منهم – أن هذا الوباء سيعجّل بظهور المسيح المخلّص ! ودعا أحبار آخرون إلى الإقبال على المدارس الدينية والكنس في هذا الوقت بالذات ، لأن التوراة ستحميهم من الكورونا ! . فماذا جرى بعد هذا الاستخفاف بالعقول ؟ وماذا جرى عقب مخالفة تعليمات وزارة الصحة ؟ .
الجواب :
أُصيب عشرات الآلاف منهم بالكورونا ، فلم تشفع لهم حاخاماتهم ، ولم تسعفهم صلواتهم، وانتشرت العدوى بينهم انتشار النار في الهشيم . إن ما جرى في أحياء “الحريديم” المتزمتين في بلادنا وفي أحيائهم في نيويورك ، يؤكد انغلاق هذا المجتمع على نفسه ، ويؤكد البون الشاسع بين توجه علماء المسلمين وفهمهم لفقه : النوازل والواقع والأولويات ، وبين توجه حاخامات “الحريديم” البعيد عن الواقع ، والغارق في الغيبيات والأوهام .
نحن لا نسوق هذا الكلام شماتة بهم أو بغيرهم – معاذ الله أن نكون كذلك -.ولكننا نسوقه من أجل التذكير بأمرين مهمين :
الأول : كنا في دار الإفتاء واعين وسبّاقين إلى قراءة أبعاد الكورونا ، قراءة معمّقة بفضل الله ، فدعونا إلى تعليق صلوات الجمعة والجماعة ، وإبقاء الأذان ،حرصا على حفظ النفوس ، وانسجاما مع مقاصد الشريعة ، وهكذا فعل معظم علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها .
الثاني : لم يكن أمر تعليق الجمعة والجماعة سهلا علينا وعلى المؤمنين ألبتة ، ولكنها الأولويات ، فقدّمنا الأولى والأهمّ، وتصوُّرُنا للأمر واضح : حياة الإنسان مقدمة على صلاة الجماعة في المسجد ، وحفظ النفوس مقدم على صلاة الجمعة في المسجد .
إن وضوح البيانات الشرعية بهذا الخصوص ، لم يمنع – حتى الآن – عددا من المصلين من الذهاب إلى المساجد بأعداد فيها مخالفة لتعليمات وزارة الصحة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ! فنقول لهؤلاء الغيورين : نتفهم غيرتكم على دينكم ، وحبكم لمساجدكم ، ورغبتكم بالجمع والجماعات ، ولكننا نصارحكم أنكم مخطئون وننصحكم باتباع التعليمات ، ونحذركم من الإثم والتبعات إذا تسببتم بإصابة الآخرين أو وفاتهم …خذوا العبرة مما جرى في اللد وبيت حنينا …ففي اللد: أغلقوا مسجدا قبل أيام ، وفي بيت حنينا : أغلقوا مسجدا أمس ، وقامت الشرطة – على ذمّة الراوي- بتحرير غرامة لكل مصلّ ب500 شاقل ، وللمؤذن ب 5000 شاقل .
أيها المصلون : صلوا في بيوتكم ، ولا تحرجوا أنفسكم والأئمة أو المؤذنين أو القائمين على شؤون المساجد .
عبادتنا في بيوتنا باختيارنا ؛ أولى من عبادتنا في بيوتنا رغما عنا وخوفا من دفع الغرامات . عبادة الله لا تنقطع ، حتى لو صلينا في بيوتنا اضطرارا ، فهي صلاة مقبولة وطاعة مرفوعة بعون الله ، وبخاصة في هذا الشهر ، شهر شعبان .
نحن نأخذ بالأسباب متوكلين على الله ، ونحترم أصحاب الاختصاص ، ونقدر جهد الأطباء والممرضين والمسعفين ، ونحب استمرارية الحياة ، وما وضوح خطابنا الشرعي والإنساني إلا دليل على عمق ديننا ، وشمولية عقيدتنا ، وإنسانية رؤيتنا .
اللهم ارفع الوباء والبلاء عنا وعن الناس أجمعين ، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.