اليد الذهبية
تاريخ النشر: 15/04/20 | 9:20محمد سواعد- ابن الحميرة
كثير من الناس يحلمون بالغنى ويلجأون لنيله إلى السبل التي يرونها مناسبة لنيل رغباتهم، ومنهم من يلجأ إلى الحرام والمنكرات ليصل إلى تحقيق مراده من الغنى والثراء وحياة الترف التي يحلم بها.
وبعض الناس يتمنى أن يصبح كل ما تلمسه يده ذهبا حتى يصل إلى ما يريد، ولكن هل حقا المال هو ما يحقق سعادة المرء في الدارين.
تقول إحدى قصص الأدب أن شابا يافعا كان يمني نفسه بالثراء والمال والجاه وغيرها من ملذات الحياة حتى أنه تمنى أن يصبح كل ما تصيبه يده ذهبا، وفي أحدى الليالي وهو نائم مستغرق في احلام الغنى والمال، إذ تسلل إليه حلم وردي انه منذ اليوم سيصبح كل ما يلمسه أو يصيبه ذهبا، طار قلب الفتى فرحا فهو اخيرا أدرك منية قلبه وحلم حياته، وبدأ يجرب الحلم، فلمس معلقة في المطبخ فتحولت إلى ملعقة ذهبية، وهكذا في لحظات أصبح البيت مليئا بالذهب، وبعد فترة من حلمه الوردي شعر بجوع من كثرة العمل ففتح الثلاجة وتناول بعض الطعام ليأكل فاستحال الطعام إلى قطع ذهبية، لم يصدق ما رأى في منامه وادركه هلع شديد، فأسرع ليشرب الماء وبمجرد لمس قارورة الماء تحولت إلى ذهب خالص، شعر الفتى باعياء وتعب شديد، فهو يريد أن يأكل ويشرب، ولكن كيف ذلك وقد تحول طعامه وشرابه ذهبا خالصا.
فأكمل نومه وما هي إلا لحظات حتى أفاق في الصباح وأدرك أن كل ما اغمه واهمه لم يكن إلا حلما من الاحلام، فذهب إلى المطبخ واكل وشرب وفرح بحياته البسيطة التي يستطيع فيها أن يأكل ما لذ وطاب من الشراب والطعام دون أن يتحول ذهبا.
هذه القصة وان كانت خيالية إلا أنها تعكس واقع الحال في حياة الإنسان والبشرية، فكم من الناس من سعى إلى المجد والغنى دون حسيب أو رقيب، وكم من الناس من انتهك الحرمات ليصل إلى مبتغاه، وكم من الناس من سخر كل ما يلقاه ليجعل منه مركبا إلى اطماعه وشهواته، وكم شهد التاريخ على علماء ومفتين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، وهم يحسبون بذلك أنهم ملكوا اليد الذهبية، ولكنهم عندما أرادوا أن بسدوا رمق أرواحهم الظمآى وقلوبهم الخاوية، فإذا الله تعالى قد أتى بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وهم لا يشعرون.
لذا فإن القناعة والرضا والإيمان والسعادة هي أعظم كنز قد يحوزه الإنسان في حياته واخرته.