المرحلة القادمة والدور المطلوب
تاريخ النشر: 16/04/20 | 11:39محمد سواعد- ابن الحميرة
يمر الأفراد والأمم في مراحل مختلفة في حياتهم، فما بين مولد الى نشوء الى شباب وفتوة الى هرم الى شيب وضعف، (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم، 54، ولكل مرحلة من المراحل استحقاقاتها وواجباتها، ففي مرحلة الطفولة والميلاد والنشوء هي فترة التربية والقراءة والمعرفة ومرحلة الشباب هي مرحلة التجربة والخبرة حيث يتمكن الانسان أن يختبر ما تعلمه في فترة النشوء والإعداد، وربما حاول بحكم حب الاستطلاع أن يخبر ميادين الحياة كلها ليتعلم ويتعرف على كل ما يستطيع، وفي مرحلة الهرم والضعف والشيب يكون واجب الفرد هو إسداء النصيحة وتعليم الآخرين وبذل ما تعلمه خلال حياته كلها ليستفيد منها الجيل القادم.
فالإنسان مطالب أن يستعد لكل فترة من حياته بما يتلاءم معها من المعرفة والعلم والتجربة وما أروع وصف الآية الكريمة لحياة الانسان (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) الحديد 20، فأعطت الآية الكريمة لكل مرحلة ما يناسب الإنسان الفرد فيها من لهو ولعب وزينة وافتخر وتكاثر في الأموال والأولاد إلى مرحلة الضعف والهرم والذبول.
وهذا يفرض على الإنسان كذلك أن يستعد للغد ويستشرف المستقبل بما يحوز من أدوات العلم والمعرفة التي يكتسبها خلال حياته، فمن تمكن أن يستشرف لنفسه ومجتمعه مستقبلا مشرقا فحتما سيعيش حاضرا مشرقا لأن المستقبل هو نتاج العمل والمعرفة والتخطيط التي يدور الفرد والأمة في فلكها، فإن أفضل مستقبل تصبو إليه هو ذلك المستقبل الذي تصنعه بيديك وفكرك.
وقد قالت العرب قديما: والليالي من الزمان حبالى يلدن من كل مولود عجيب،
فها هي الليالي تلد لنا المفاجآت المخيفة التي لم تتوقعها البشرية في أسوأ كوابيسها، فمن كان يصدق يوما أن فايروسا صغيرا قادر أن يسجن العالم كله وأن يوقف عجلة الإنتاج ويخرس أصوات المدافع والرصاص حول العالم بل إن أجهزة الاستخبارات العالمية التي تتنبأ بالأحداث قبل وقوعها وربما تسهم في كثير من الأحيان إلى افتعال الأحداث، ها هي تقف مشلولة أمام فايروس كورونا.
إن سيرورة الأحداث في العالم وسرعة تأثر الدول كلها بأي حدث في أي بقعة من العالم يجبر الأمة اليوم أن تموضع نفسها في موضع الفاعل المؤثر في مجريات الأحداث على الساحة العالمية وليس فقط في موضع رد الفعل، والأمة الإسلامية والعربية تملك من سرعة التحرك واتخاذ القرار وسهولة التكيف مع الأحداث والمتغيرات ما لا يملكه غيرها من الأمم، وإن المخزون الكبير من الموارد البشرية والمواد الخام يؤهل العالم العربي والإسلامي ليكون صاحب القرار في مجريات الأحداث على الساحة العالمية في المرحلة المقبلة، وليس الأمر من باب الترف الفكري أو التنظير المجرد، بل هي فريضة العصر أن تبادر الأمة العربية والإسلامية الى ملء الفراغ الذي بدأ يجتاح العالم كله.