اليوم الذي بعد
تاريخ النشر: 25/04/20 | 10:02اليوم الذي بعد:
محمد سواعد – ابن الحميرة
يمر الانسان والمجتمعات في محطات كثيرة خلال سيرورة الحياة، وهذه المنعطفات منها ما هو محبوب للنفس، ومنها ما هو مؤلم ومزعج، وعندما يمر الإنسان في محطة مفرحة يتمنى لو وقف الزمان عندها من شدة الفرح والسعادة الغامرة التي تعمر القلب والروح والبدن، وإذا مر الإنسان في منعطف قاسٍ مؤلم، فإنه يعد ساعاته بالدقيقة ويشعر كل ثانية منه أنها عام كامل، لذا قالت العرب قديما “أطول من سنة الجوع” إذا أرادت أن تصف أمرا مؤلما وموجعا للفرد والمجتمع لأن سنة الجوع وإن كانت سنة في العدد والأيام إلا أنها ثقيلة طويلة على الناس يعدونها بالأنفاس والثواني، ومن أصدق من وصف حال المرء في السعادة والشقاء كان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى عندما قال لما زار تلميذه بقي بن مخلد في مرضه: ( أيام السعادة لا شقاء فيها وأيام الشقاء لا سعاادة فيها).
وقد وصف الله تعالى الانسان:( ان الإنسان خلق هلوعا وإذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا)، فالإنسان هلوع شديد الخوف والهلع والجزع والشكوى إذا مسه ضر أو أذى، وإذا تبدلت الأحوال وسكن الفرح مكان الحزن وانجلت سحائب الخوف وأقبل الخير والنعيم بفضل الله تعالى، فإن الإنسان ينسب ذلك إلى نفسه وينسى فضل الله تعالى عليه.
إذا الإنسان يقف في مشاعره وأحاسيسه عند الموقف الذي يمر فيه، وقليلا ما يفكر الإنسان في عواقب أي حدث يتعرض له، وقد قالت العرب 🙁 من نظر في العواقب أمن من النوائب)، والله تعالى يأمرنا أن ننظر إلى الغد بعين باصرة نحو ما ينتظرنا من الخير والنعيم عند الله تعالى 🙁 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تصنعون)، وقد وصف الله حسرة الكفار يوم القيامة، هؤلاء الذين وقف فكرهم عند الدنيا وشهواتها وملذاتها: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).
كل موقف يمر به الفرد سيمضي، ولكن السؤال ما هي العبرة التي تعلمها الفرد والمجتمع من هذا الحدث، وإن العاقل هو الذي يبحث في ثنايا كل حدث وموقف يمر به عن نفحات الغد وبوابات الأمل عبر هذا الحدث، بل إن الحكيم هو من عمل على تسخير كل ما يمر به من بلاء أو نعمة إلى فرصة يبني من خلالها لنفسه ومجتمعه مستقبلا مشرقا ويوجه الأنظار إلى الخير الكامن في هذا البلاء: (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) النور، فانظر الى هذا الحدث الجسيم والبلاء الذي تعرضت له الأمة المسلمة ولكن الله تعالى يوجه المسلمين أن هذا الحدث رغم شدته وما فيه من الألم والشدة إلا أن الله تعالى يقول لهم: بل هو خير لكم، نعم كان فيه خير كثير للأمة حيث فضح الله تعالى من خلاله خفايا النفوس الصادقة بصدقها والخبيثة بخبثها.
إن الأمة اليوم تمر بأحداث عظيمة ومنعطف خطير في تاريخ البشرية وعلى الأمة اليوم أن تفكر لذلك اليوم الذي يأتي بعد هذه الأحداث وأن تعمل الأمة اليوم على برمجة العالم وتصميمه كما أراد الله تعالى في كتابه وسنة رسوله، لا أن نقف نندب ونجعل الأزمات والمصائب التي تمر بنا هي محور تفكيرنا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه القدوة والأسوة الحسنة، فقد كان يوجه أصحابه للنظر على المستقبل والإعداد المناسب له رغم إحاطة بهم كإحاطة السوار بالمعصم.