سوزان و”أيقونةُ الحُبِّ”- بقلم رانية مرجية “

تاريخ النشر: 29/04/20 | 0:02

أيقونة الحبّ” هي المجموعة الثّانية للشّاعرةِ والإعلاميّةِ الفلسطينيّةِ سوزان دبيني، ابنةِ ناصرةِ الجليلِ، والمعروفةِ بشفافيّتِها وصِدقِ مشاعرِها، وكلماتِها غيرِ المتكلّفةِ،
والّتي تَخترقُ القلبَ والرّوحَ والعقلَ معًا دونَ سابقِ إنذارٍ.
إنّ سوزان قد وُفّقتْ في اختيارِ عنوانِ مجموعتها، فقد صنعتْ للحُبِّ أيقونةً، وتغنّتْ بهِ علانيّةً وطواعيّةً، فالحُبُّ مقدّسٌ عندَها، فكما أنَّ للعذراءِ الطّاهرةِ أيقونةً في كلِّ كنيسةٍ، وكنيسةٍ رسوليّةٍ، وكما للسيّدِ المسيحِ البارِّ أيقونةٌ، ولكافّةِ القدّيسينَ في معظمِ كنائسِنا في الشّرقِ، هكذا جعلتْ سوزان للحُبِّ أيقونةً في قلبِها وشِعرِها ووجدانِها، وتغنّتْ بهِ بعذبِ المعاني، وأجملِ الكلماتِ.
لا أبالغُ أبدًا إنْ قلتُ إنّها برَعتْ في تصويرِ الحُبِّ الحقيقيِّ الرّوحانيِّ السّامي، فالحبُّ بالنّسبةِ لها قادرٌ على كلِّ شيءٍ، ويُصدّقُ كلَّ شيءٍ، والمحِبُّ يُضَحّي بكلِّ ما لديهِ في سبيلِ إسعادِ الآخرَ.
تقولُ سوزانُ في قصيدةِ “أحبّكَ بصدقٍ”:
لكي أحبَّكَ بصدقٍ
عليَّ أن أراكَ عاريًا مِن ماضيكَ
مِن حاضرِكَ.. مِن مستقبلِكَ
عليَّ أن ألمسَ الإنسانَ داخلَكَ
وعليكَ أن تُؤمنَ بتناسخِ الأرواحِ
فأموتُ فيكَ.. وتَموتُ فيَّ
لنعودَ ونَحيا مِن جديدٍ
في رحمِ الحُبِّ نولدُ مِن جديدٍ
عندَها فقط
أقولُ لكَ بكلِّ صدقٍ
أحبُّكَ
واللهُ على ما أقولُهُ شاهدٌ.
نرى هنا أهمّيةَ الحبِّ الحقيقيِّ والوجدانيِّ عندها، ونلمسُ في شعرِها الصّادقِ هذا اللاّ متكلّف، أنّ للحبِّ، أيضًا، حياةً وكرامةً، وأنّ أجملَ ما في الحبِّ هو الغفرانُ وطريقُ الحقِّ والولادةِ من جديد، فالحبُّ يتجدّدُ يومًا بعدَ يومٍ، ويكبرُ داخلَها وداخلَ قصيدتِها.. حبُّها مَجّانيٌّ، فهي تُحبُّ الكلَّ، تعشقُ زوجَها، تُحبُّ أولادَها الأربعةَ، تعشقُ وطنَها فلسطين وذويها الّذين لَم ترَهُم منذ (22) سنةً، بسببِ غربتِهم في الولاياتِ المتّحدةِ، تُحبُّ أطفالَ العالمِ، كما تتغنّى بالطّبيعةِ والفضيلةِ والخيرِ.
مع كلِّ قصيدةٍ من قصائدِها نلمسُ الجديدَ والعبرَ، فهيَ لا تكرّر نفسَها أبدًا، بكلِّ قصيدةٍ توجّهُ رسالةً ودعوةً عن أهميّةِ الحبِّ بِحياةِ الإنسانِ، فبدونِ الحبِّ والمودّةِ والرّحمةِ والعلاقاتِ الإنسانيّةِ والاجتماعيّةِ الصّادقةِ المتنوّرةِ لا معنى لحياتِنا وتواجدِنا.
تَحنُّ سوزان إلى أمِّها كثيرًا، كما حنَّ مِن قبلِها الشّاعرُ محمود درويش إلى أمِّهِ، وعبّرَ عن ذلكَ مِن خلالِ قصيدتِهِ الرّائعةِ “أحنُّ إلى خبزِ أمّي”. أمّا شاعرتُنا مرهفةُ الإحساسِ والرّومانسيّةُ لأبعدِ الحدودِ بِمشاعرِها، فتحنُّ إلى أمِّها بكلِّ جوارحِها، وتشتاقُ إليها كما لم تتعوّدْ أن تشتاقَ لحنانِها وضمِّها ولكلمةِ “ماما”، تتمنّى أن تعودَ الأيّامُ بِها إلى الوراءِ، فهي بِحاجةٍ إلى حضنِ أمِّها، وإنّها تشعرُ بضياعٍ بدونِ حبِّها.
في قصيدةِ “إليكِ يا أمّي” تقول:
قلبي لَم يعُدْ يحتملُ بُعدَكِ… أنتِ الوطنُ يا أمّي… ليتَكِ تعودينَ لتُطفئي في قلبي النّارَ.
تَحتوي المجموعة على مائة قصيدةٍ، كلُّ قصيدةٍ تتميّزُ عن الأخرى بإلقاءِ الضّوءِ على جانبٍ من جوانبِ حياتِنا.
وأخيرًا وليسَ آخرًا، نقولُ لسوزان الشّاعرةِ والإنسانةِ:
زيدينا إبداعًا، زيدينا، واستمرّي بعطائِكِ الأدبي والشعريّ، فمعاني القصائدِ الّتي تكتبينَها تُلقي الضّوءَ على أهمّيّةِ الإبداعِ في عصرِنا هذا، لما يغرسُهُ مِن معانٍ ساميةٍ ونبيلةٍ في قلوبِ ووجدانِ القارئينَ.

*صيف-2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة