مصباح الأنين
تاريخ النشر: 11/05/20 | 20:42بقلم: ماريا هارون قبطي، مشروع “نكسر السقف الزجاجيّ، معًا”
أيامُها جميلة تزرَعُ الروايات والقصائد الخالدة، تفلح الأرض وتعد النجوم التي لا تنطفئ. في الماضي كانت تسير وسط الرياح العاصفة التي تحدد خطواتها وتطمس أعينها، رغم كل الصعوبات استمرت مسيرتها للدفاع عن ارضها وإعالة بيتها. لكن، مع كل خطوة مِن تقدم الزمن غرقت بوحلٍ وأُحيطت بالحجرِ. مَن اعتبر نفسه سيدًا اصبح عبدًا وهي مِن شريكة غرقت بين سيديّن، يسيطر عليها السيد والعبد. أصبحت موازية للأرض تزحف لوطنها وكرامتها، دمها يغلي لكنه بارد. أغلقت النوافذ، أقفلت الأبواب، ضاعت بالعتمةِ والعُشب ينبتُ حولها.
يروا آلامها كأمرٍ بسيط، قضايا الوطن اهم. مُغتصِب الأرضِ أَوّلى مِن مِغتَصِبها، ساكنةً بسبب اكتئابها تتألم ومن حولها يتظاهر بالنبل، وحيدةً في وسطِ الصراعِ، من جيلٍ إلى جيلٍ تخبئ الأنين وتهمس سرًا عن الفقدان… تسير في طرقٍ خطيرة تتأرجح بحقلِ الغامٍ وحبلٌ يُزيّن رقبتُها. تَسمَعُ صوتها البعيد تبحث صدى خلقها المخنوق، تشم رائحةُ المُر والخوف مُتنبئةً نقش الحجرِ على قَبرها، عالمةً بتكرار تاريخها مع الأخريات مُنتظرةً بُكاء السماء وهو يبني أبراجًا حولها تُخفِض صوتها.
العمل النسائي ارتبط بالعمل السياسي والقضية الوطنية، اول شكل من أشكال التنظيم النسائي كان تلقائيًا عام ١٨٩٤ عند احتجاج مجموعة من النساء ضد بناء اول مستوطنة يهودية قرب العفولة. نسقن عملهن مع الرجال مع حفاظهن على استقلاليتهن في العمل.
التغييرات الاقتصادية والسياسية أدت إِلى تحولات اجتماعية خصيصًا على موقع النساء داخل المجتمع والعائلة. أصبحَ مبنى المُجتمع بطريركيًا يسيطر فيه الأب سيطرة تامة على عائلته وتخضع لهُ زوجته واولاده، أَي أَن المرأة تعيش تحت سيطرة الرجل وتكون تابعة لَهُ.
الشخصيات النسوية المُحاربة للاحتلال ولدت الرجال الذي اصبحوا لاحقًا وجهاء وقادة المُجتمع. لكن، مُجتمعًا اصبح ذكوريًا تُعاني نسائه من التمييز نتيجة مباني اجتماعية ذكورية، مَن كانت تُناضِل لمُناهضة المحتل أصبحت تُشغِلها قضايا العُنف بحقها، الاعتداءات الجنسية ونهك الحقوق…
كانت شريكةً دون ان تطلب، وجودها مفهوم ضمنًا، المساعدة والمساهمة، بينما اليوم اصبحت هناك جمعيات نسوية لتطالب بحقوقها، مساواتها وقوانين تحميها.
مَن كانت شريكته بكل خطوة اصبح مسموحًا له بمشاهدة وجهها المتجمد بالرغم من خوفه من أقنعة الموت التي تثير اشمئزازه. يقرف من الجسد المثلج لكن لا يهمه تحويلها الى شاحبة ويغير ملامحها وألوانها، يرفع الغطاء الأبيض للتعرف عليها…
بدلًا من الدعم بتعبيد الطريق المشترك بدلًا من خوض دور البطولة بالشعارات وهي تتمزق من نظراتٍ وتُتهم بالهلوسة عند إعلانها عن خوفها.
عليه ان يكون شريكًا بصب الضوء لإخراجها من الهامش، منع خطوة رعب إضافية لا ان يعفي نفسه من الإِصغاء.
ويبقى السؤال من يضيء مصباحه بعتمة الليل؟ اين الرجال النسويين ولماذا لا يساهمون بنشر أُسلوب حياتهم بالممارسات اليومية حتى بالتفاصيل الصغيرة لضمان حياة منصفة بحق نسائنا والتأثير على نظام حياة البقية.