عظمة الأمير عبد القادر من خلال القسّ الفرنسي – معمر حبار
تاريخ النشر: 16/05/20 | 15:38أنهيت قراءة كتاب:
1. ANTOINE Adolphe DUPUCH « ABD-EL-KADER L’LLUSTRE CAPTIF DU CHATEAU D’AMBOISE», Fondation EMIR ABDEELKADER, Edition DAHLAB, ALERIE, Contient 113 Pages.
أوّلا: الأمير عبد القادر يفي بالعهود ولو مع أعدائه:
2. يتحدّث القسّ وبإعجاب شديد عن تشبّث الأمير عبد القادر بالعهد. ويتمنى من الفرنسيين أن يعرفوا حقيقته كما عرفها هو شخصيا.
3. ينقل عن الأمير عبد القادر قوله: كان لي عمال فرنسيون يعملون عندي بموافقة الحاكم العام. ووعدتهم أن أقدّم لهم 3000 فرنك مقابل جهدهم. وعلى حين غرّة اندلعت حرب سنة 1839 حين تنكّرت فرنسا لعهدها فطالبوني بحقوقهم فورا ودون تأخير رغم أنّ المبلغ كبير. فقدّمت لهم المبلغ المستحق من الخزينة العامة ووضعت تحت تصرفهم حماية من جنودي لحمايتهم وحماية الأموال التي سلّمت لهم من أخطار الطريق والقبائل وهم أعداؤه.14
4. يقول القسّ: درست ماضي الأمير عبد القادر فوجدت الصدق، والوفاء، ولم يخلف يوما وعده. درست قلبه، وروحه، وسلوكه، وحياته الخاصة. وأعلن، وأؤكد، عن قناعة وحب، بالنسبة لي، لاأشكّ لحظة واحدة في وفائه بالعهد. حاد الطبع، عبد لكلمته، الكذب والخيانة هي التي تغضبه. 22
5. وصف “دوماس” الأمير عبد القادر قائلا: السجين المشهور، لن تندم أبدا عن زيارتك. الجزائر كلّها تعترف بقوانينه. ستجده كبيرا كالعادة، يتحكّم في قراره. هادئا، بسيطا، عطوفا، متواضعا، مؤمنا بما كتب له، لايطلب شيئا، ولا يهتم بأمور الدنيا، لايشكو أبدا، يعذر أعداءه، ولا يحب أن يتحدث أحد عنهم أمامه بسوء، سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين”. 17
ثانيا: عامل الأمير عبد القادر أسرى العدو الفرنسي كما يعامل أبناءه وزوجته:
6. الأمير عبد القادر عفا عن عبد خائن دخل خيمته وأراد أن يقتله بخنجره ولم يستطع. 31
7. كان أسرى المحتل الفرنسي يأكلون نفس أكل الأمير عبد القادر وهو أحوج النّاس لذلك الطعام من شدّة الحصار الذي فرضه عليه العدو الفرنسي. وكان يعامل الأسرى كما يعامل أبناءه وزوجته. أقول: كأنّي بالقسّ يعاتب فرنسا المحتلة قائلا: كان الأمير عبد القادر أعظم منّا في معاملته لأسرانا. وفرنسا المحتلة لم تكن في مستوى عظمته حين عاملته وهو الأسير بين يديها بما لايليق بعظمته. 38
8. أقول: القسّ: كان وسيطا وشاهد عيان على إطلاق سجناء فرنسيين من الأمير عبد القادر. وانبهر حينها بمعاملة الأمير عبد القادر الخارقة للسجناء. وهو الآن شاهد عيان على السجين الأمير عبد القادر في سجن لامبواز. وأكيد راح يقارن بين الأمير عبد القادر الذي عامل أعداءه معاملة العظماء وأطلق سراحهم دون شرط والأمير عبد القادر السجين الآن بعدما خانت فرنسا العهد معه. وكأنّه يقول في نفسه: أمثل هذا العظيم يسجن. تبا لك يا فرنسا وأنا ابنك الذي كنت شاهدا على إطلاق سجناءك من الأمير عبد القادر ودون شرط؟.
9. راسل القسّ الأمير عبد القادر بشأن إطلاق سراح l’intendant رفقة زوجته وابنته الذين تمّ أسرهم بالدويرة بقرب من العاصمة. ردّ عليه الأمير عبد القادر ودون انتظار برسالة يقول له فيها: كان عليك أن تطلب إطلاق سراح الأسرى المسيحيين المتواجدين عندي وعددهم 200-300 وليس أسيرا واحدا مادمت تتحدّث باسم الربّ. وكان عليك أن تسعى لإطلاق سراح الأسرى الجزائريين في سجونكم؟ .42
10. يقول القسّ: كان الأمير عبد القادر يصلي مع الأسرى، يعطيهم الدراهم، اللّباس، الكتب، وباختصار كلّ مايطلبونه وما يخفّف عنهم وطأة الأسر. 45
11. حين حوصر الأمير عبد القادر ولم يجد مايقتات به أطلق الأمير عبد القادر سراح 93 أسيرا فرنسيا دون شروط لأنّه لم يجد طعاما يقدّمه لهم. وأوصلهم إلى أقرب نقطة مراقبة للعدو الفرنسي. 46
12. الأسيرات الفرنسيات كن في خيمة لوحدهن وكانت أم الأمير عبد القادر تشرف عليهن شخصيا حيث تقدّم لهن: حقهن من الطعام المشتمل على الزيت، والزبدة، واللّحم. وكانت تمنح أضعاف الأجر مايقدّمونه من عمل كالخياطة. 48
13. يعنون القسّ الفصل الثّالث من الكتاب بـ “سجناء عبد القادر”، ويصل إلى خلاصة مفادها: لو أنّ سجناء الأمير من الفرنسيين طلب منهم استفتاء حول فترة سجنهم، لاختاروا جميعا العودة للأمير عبد القادر كسجناء وفضّلوا السجن لديه على الحرية التي يتمتّعون بها حاليا. والسّبب عظمة الأمير عبد القادر في معاملته للسجناء.35
14. مالفت انتباهي أنّ القسّ يطلق على الأمير عبد القادر لقب “السجين المشهور” ويكتفي بإطلاق كلمة “سجناء” على الفرنسيين الذين كانوا عند الأمير عبد القادر. وكأنّه يريد أن يقول -في تقديري-: الأمير ليس سجينا كالسجناء العاديين بل هو يتفوّق على الجميع حتّى وهو سجين. فلا تقارنوا سجناءنا الفرنسيين بـ “السجين المشهور” الأمير عبد القادر. 35
15. يرى القسّ أنّ الكرم، والإنسانية، والعفو، والوفاء، خصال تقريبا مفقودة لدى العرب والمذكورة في القرآن الكريم. والأمير عبد القادر طبّقها مرارا مع أعدائه وقدّم لهم أكثر من أمثلة رائعة. ومنذ عدّة سنوات، وبفضله، الجنود الأعداء الذي سقطوا في أيدي العرب لم يذبحوا. وضع قوانين رادعة وفرض الاحترام الكامل للسجناء. بدليل أنّ الأمير عبد القادر ألغى منحة قطع رأس الجنود الفرنسيين المحتلين. وقد أمر خلفاءه والقبائل التّابعة له بضرورة تطبيق أوامره في هذا الشأن. وأن يبقى الأسير على قيد الحياة إلى غاية أن تتم عملية تبادل الأسرى مع المحتل الفرنسي. وكتب أمرا أميريا يقول فيه: كلّ من يقدّم أسيرا ينال “8 دُورُو” إن كان رجلا و”10 دُورُو” إن كانت امرأة. وإذا اشتكى الأسير الفرنسي المحتل سوء المعاملة فإنّ الجزائري الذي ألقى عليه القبض لايتقاضى شيئا. ومن يومها أصبح الجزائريون يتنافسون على من يأتي بسجين على قيد الحياة لينال المنحة التي أقرّها الأمير عبد القادر. وسبق أن كتبت في خلاصتي لكتاب “تحفة الزائر- الجزء الثاني” أنّ الأمير عبد القادر خاض الحرب بأخلاق الأنبياء والرسل. 37
16. نقل القسّ عن النقيب Monsot شهادته: كان الأمير عبد القادر يشرف شخصيا على راحة وسلامة الأسرى الذين حاربوه. 97-100
ثالثا: تعظيم جنرالات فرنسا المحتلة للأمير عبد القادر:
17. يتحدّث القسّ عن عظمة الأمير عبد القادر: اسألوا الجنرالات التي حاربت الأمير عبد القادر، مورسيار، الجنرال بودو، الجنرال كافنياك، واسألوهم جميعا، وسيجيبونكم جميعا وبصدق أنّهم فخورون بكونهم قاتلوا فارسا وقائدا كالأمير عبد القادر، وهذا شرف لهم. 28
18. تحدّث القسّ عن العقيد “جيري” الذي ظلّ يجري وراء الأمير عبد القادر من إسطبل إلى إسطبل، ومن حصان إلى حصان. وحين جلس الأمير عبد القادر، دخل عليه العقيد، فجلس على ركبتيه وقبّل ركبة الأمير عبد القادر”. وبعدها قال العقيد للقسّ:”نحن مضطرون لإخفاء هذه المعلومات، قدر مانستطيع، عن رجالنا، لأنّهم إذا ارتابوا في أمرنا، لن يقاتلوا بهذه الشراسة ضدّ عبد القادر”. 29
رابعا: فرنسا المحتلة تعترف أنّ الأمير عبد القادر يحمي الأسرى:
19. يدافع القسّ بقوّة عن الأمير عبد القادر ويردّ التّهم التي اتّهم بها من قبل الصحافة الفرنسية يومها من كونه “أباد؟ !” أسرى فرنسيين محتلين كانوا في قبضته وعددهم 300 أسير. ويعتبرها اتّهاما خطيرا ويقسم أنّ الأمير عبد القادر رحمة الله عليه بريء ممّا اتّهم به لأنّ أخلاقه العالية الصافية لايمكنها بحال أن ترتكب مثل هذه الجرائم. ويقسم أنّ الأمير عبد القادر لادخل له ولا علم له بقتل الأسرى الفرنسيين المحتلين. 52
20. ينقل القسّ عن الجنرال المحتل بيجو الذي قاتل الأمير عبد القادر قوله: لايوجد أحدا من الجزائريين من يتّهم الأمير عبد القادر بقتل السجناء. 56
21. يتساءل القسّ بمرارة ويعاتب حكومته المحتلة قائلا: لماذا تريدون اتّهام الأمير بقتل الأسرى وهو لايفعل ولن يفعل ذلك أبدا من خلال معرفتي الشخصية به؟ لماذا تريدون أن تحمّلوه جريمة ارتكبها غيره؟. 56
22. نقل القسّ رسالة الأمير Moscowa بتاريخ جانفي 1848، وهو ينفي عن الأمير عبد القادر بقوّة تهمة قتله لـ 300 أسير، وأنّ الأمير عبد القادر لايمكنه بحال ارتكاب مثل هذه المجازر. و واضح أنّ جهة أخرى هي التي أعدمت الأسرى الفرنسيين. 58
23. يختم القسّ الفصل الرّابع بقوله: لايمكن بحال من الأحوال أنّ الأمير عبد القادر يعدم 300 أسير ويطلب من الفرنسيين والقرّاء أن لايصدّقوا هذه التهم الباطلة ضدّ الأمير عبد القادر خاصّة وأنّ الأسرى الفرنسيين مازالوا يذكرون معاملة الأمير باعتزاز وفخر ويتمنون العودة إليه ليخدموه ويؤدوا حقّ حسن معاملته لهم. 59
24. أقول: شهادة القسّ في الأمير عبد القادر بتبرئته من إعدام 300 أسير فرنسي محتل والأمير عبد القادر في سجن لامبواز أي أسيرا لدى المحتل الفرنسي. ولم يستغلّ القسّ سجن الأمير عبد القادر ليتّهمه بل دافع عن سجين لايملك حقّ الرد ولا وسائل الردّ. تعتبر شهادة وشجاعة ومروءة تحسب للقسّ الفرنسي الذي أدّى الشهادة كاملة وكان منصفا عادلا ولم يستغلّ الظرف. له كلّ التحية والتقدير على شهادته التي تكتب له.
خامسا: الأمير عبد القادر بسيط لكنّه عظيم:
25. كان الأمير عبد القادر وهو في سجن لامبواز يكثر من الصلاة والصيام والقراءة. 17
26. قال القسّ عن الأمير عبد القادر: رصين في أذواقه، صارم في عاداته، بسيط في لباسه. محترم ومحبوب من طرف جنوده حيث يقاسمهم جميع أتعابه، ويعطي المثال للمحارب الفاضل، وشجاعته غير قابلة للنقاش. يملك الفكر الخلاّق والتنظيم. استطاع أن يتكيّف مع الوسائل المفيدة، ومن علوم وصناعة عدوه. 86
27. أقول: تأخذ الأوصاف الخارجية من صاحبها وممن عايشه وعرفه عن قرب كمعرفة القسّ للأمير عبد القادر الذي يعرفه معرفة حسنة ومباشرة وخلال المدّة التي قضاها معه في الجزائر وفي السجن.
28. أنشأ الأمير عبد القادر أثناء الحرب: مدنا، ونظام حكومة، وأقام قوانين، ونظّم شعبا بأكمله، ووحّد شعوبا متفرّقة وعدوّة فيما بينها. وغرس بذور جنسية جديدة في أرض محروثة ببذور الحضارة.87
29. وصل القسّ إلى خلاصة مفادها أنّ عظماء العالم يمتازون عن غيرهم بخصلتين وهما “المنظم والمحارب”. والأمير عبد القادر عظيما من القادة العظام لأنّه تميّز عن غيره بخصلتين عظيمتين وهما: المنظم والمحارب. 87
30. لباس الأمير بسيط حتّى وهو في أغنى مراحل حياته. وكان غذاءه بسيطا ويحتوي على طبق واحد. حين يقدّم له خلفاءه طعاما رائعا يذوقه ليرضي صاحبه ثمّ يقدّمه لمن معه. وكان يكتفي بكمشة من الطعام طيلة النهار كلّه حين كان مطاردا ومحاصرا في الصحراء. كلامه كان مرآة روحه من الصدق والأمانة. ويمتاز بتربية مميّزة. 88-89
سادسا: الأمير عبد القادر لم يعدّد وظلّ وفيا لزوجته:
31. تحدّث عن حبّه الخارق لأمّه وزوجته التي لم يتزوّج عليها ولم يعدّد وهو الأمير والقائد والسّيد الذي يسعى إليه الجميع. تحدّث بإعجاب شديد عن تربية الأمير عبد القادر لأبنائه وتعليمهم وهو في السّجن. 94
الشلف – الجزائر
معمر حبار
السّلام عليكم
صح صيامكم