“مفتاح العودة يحتاج إلى عودة”
تاريخ النشر: 17/05/20 | 11:48بقلم الشيخ حسام أبو ليل
كل شعوب الأرض تعتز بقيمها وحضارتها ومبادئها الموروثة وإن اختلفنا معها، وتعتبرها قوام وجودها وبها تعرف هويتها فتندفع بها وتدافع عنها.
وإن أمتنا وشعوبنا لها أعظم حضارة وقيم أخلاقية ولغة عظيمة ، وحدت كلمتنا، ورثناها كابرًاعن كابر، حافظ عليها سلفنا وأجدادنا بأغلى ما يملكون، هي هويتنا، وصار لنا عزة وقيمة بتمسكنا بهذه القيم والحفاظ على ثوابتنا الإسلامية والوطنية كاملةً، هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد مغرض، بل تعلمت وارتقت أوروبا من خلال حضارتنا.
كان قيادة أمتنا في مقدمة من يؤم الصلاة ويتضرع إلى مولاه وحوله فقهاء وعلماء صادقون في نصيحتهم ولا يخافون في الله لومة لائم، وكان القادة ينزلون على مشورتهم، ومع كل هذا إذا ما أرادوا نصرًا وتوفيقا يختارون الأوقات المباركة لخوض نضالهم ومعاركهم، ويبثون في صفوف جنودهم روح الشجاعة والإقدام بمواعظ القرآن وهدي سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، ويغرسون فيهم قيمة الأرض والوطن الذي يُبذل من أجله كل غال ونفيس، وعلموهم أنه لا يحق لأحد أن يفرط بشيء من أرضنا ومقدساتنا وقيمنا وإلا تشتّتنا وَضِعنا.
شهد لنا التاريخ والأمم بطولات وانتصارات وعرف أعداؤنا سر نهضتنا ومكمن قوتنا، فجدوا واجتهدوا وسخّروا قدرات ومقدرات هائلة فعملوا على طمس وتشويه قيمنا وحضارتنا وأخلاقنا الحميدة ولغتنا العربية في نفوس بعض أبناء جلدتنا فباعوا أنفسهم وتنكروا لقيمهم.
خاض العرب وبعض أبناء شعبنا معارك وهمية بلا ثوابت دينية ووطنية راسخة، وكانوا متفرقين ممزقين تتلاعب فيهم الدول الاستعمارية التي ما كان لها إلا النوايا الخبيثة، فكانت معاركهم غير موحدة أو مغلفة بكلمات وخطابات نارية منمقة تخدع الآذان يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا محّصته وجدت السراب والهزيمة تلو الهزيمة، لا بل أثبتت الأيام أن بعضهم كان يتعاون ويتآمر، وفلسطين وشعبها ما زال ينتظر.
إننا على قناعة، وهي قناعة كل شعب أعاد مجده، أنه لن نسترد حقوقنا وأرضنا ولن يتحقق حق العودة بالاستجداء والرجاء بمن باعونا وسلموا أرضنا لمن لا يستحق وشردونا وأمدوا الصهيونية وما زالوا بكل أنواع المدد والدعم، ولن تتحق آمالنا على يد أنظمة تعلن التبعية والانبطاح والتطبيع بهرولة مفضوحة.
إن على أجيالنا أن تعي الدرس وتتعلم من التاريخ، وخيرها تاريخنا المجيد، أننا لن نستعيد مجدنا ونحق حقنا واقعًا إلا أن نعيش قيمنا وأخلاقنا وثوابتنا الوطنية واقعًا، وأنّ نحقق وحدتنا ونجمع كلمتنا خلف قيادة تعيش وتربي على هذه القيم بعزة وشموخ دون أن تطأطيء الهامة لمخلوق، وتعلم أن الوطن لا يُباع ولا يُساوم عليه، حينها لن تضيع بوصلتنا وسيعرف أعداؤنا هيبتنا.
مفتاح العودة يحتاج إلى عودة.
لن نيأس فالمستقبل لنا زاهر.