عيد استرجاع الجماجم – معمر حبار
تاريخ النشر: 05/07/20 | 12:29استرجعت الجزائر 24 جمجة من بين 536 جمجة لأسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم، وبمناسبة الذكرى 58 لاسترجاع السّيادة الوطنية. فكان حدثا عظيما في تاريخ الجزائر:
أوّلا: اعتذار لأسيادنا الشهداء:
1. نقدّم اعتذارنا لأسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم جميعا على مافرّطنا في جنبهم وتركناهم دون التدخل لإنقاذهم من أيدي المستدمر الفرنسي طيلة 144سنة من الزمن.
2. مايجب ذكره في هذا المقام والجزائر تحتفل بمرور 58 سنة على استرجاع السّيادة الوطنية، أنّ أسيادنا الشهداء من أصحاب الجماجم كان لهم الفضل والسّبق في مقاومة الاحتلال الفرنسي واندلاع الثّورة الجزائرية واسترجاع السّيادة الوطنية. ولذلك يضلّ فضلهم علينا عظيما وكبيرا ولا نستطيع ردّه أبدا لعظمتهم وعلو شأنهم.
ثانيا: التهنئة والشكر لكلّ من ساهم في استرجاع جماجم أسيادنا الشهداء:
3. هنيئا للجزائر ولرجال الجزائر الذين استطاعوا استرجاع الدفعة الأولى من 24 جمجمة لأسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم جميعا في انتظار الدفعات الأخرى في أقرب وقت.
4. نتقدّم بالشكر والامتنان للخبراء الجزائريين الذين استطاعوا أن يحدّدوا هوية 24 جمجمة لأسيادنا الشهداء من الناحية العلمية. وهو عمل جليل يستحقّ كلّ التقدير والتشجيع.
5. أتقدّم بالشكر للجزائر وللقائمين على الجزائر الذين اختاروا يوم 5 جويلية وهو يوم من أيام الله تعالى لاسترجاع جماجم أسيادنا الشهداء، والاحتفال برجوعهم ودفنهم في مثل هذه الأيام المباركة بما يليق بهيبتهم العظيمة ومكانتهم الجليلة.
6. كلّ الشكر والتّقدير والاحترام للجيش الوطني الشعبي الذي أرسل طائرتين حربيتين لمرافقة الطائرة العسكرية التي ستحمل معها جماجم أسيادنا الشهداء. وأسيادنا الشهداء الذين استشهدوا لأجل الجزائر وهم الان “فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ” يستحقون كلّ التّقدير والاحترام ويحاطون بحراسة في السّماء من قبل الجيش الوطني الشعبي قبل أن يوضعوا في روضتهم الشريفة بتقدير واحترام وحراسة.
ثالثا: الاستدمار الفرنسي من خلال جرائم قطع الرؤوس وسرقتها:
7. سمعت ظهر اليوم لمختص جزائري في التّاريخ يقول: يوجد 4000 جمجمة في متحف فرنسا الذي يطلقون عليه اسم “الإنسان!”. وسمعت البارحة لمختص جزائري في الطب الشرعي يقول: يوجد 536 جمجة جزائري. أعدمها الجلاّدون السّفاحون الفرنسيون المجرمون وفصلوا رؤوسها الشريفة عن أجسادها الشريفة وحرموهم من الدفن الكريم.
8. الجماجم بالنسبة لفرنسا المحتلّة المجرمة تعتبر قطع أثرية تزيّن بها رفوف المتاحف الفرنسية، وفرصة لجلب المال والزوار وهم يتمتّعون بالجماجم. والجماجم بالنسبة للجزائر والجزائري تمثّل وحشية المستدمر الفرنسي الذي فصل الجماجم عن الجسد الطاهر الشريف، وسرقتها فرنسا المحتلة عبر البواخر لتمنع أهلها وأصحابها من رؤية كلّ مايحي الجهاد ضدّ الاحتلال الفرنسي، لأنّ الشهيد في نظر المحتل الفرنسي أخطر عليها حين يكون بين يدي ربّه من وهو حي يرزق.
9. من طبع الاستدمار الفرنسي الإمعان وإذلال الجزائريين عن طريق سرقة الجماجم أي فصلها عن أجسادها الطاهرة. وزرع الرعب والفزع، وأنّ فرنسا المحتلة التي فصلت جماجم أسيادنا الشهداء عن أجسادهم الطاهرة لقادرة أن تفصل جسد الجزائريين كلّهم إن عادوا لفمحاربة الاستدمار الفرنسي. وتجعل جماجم أسيادنا الشهداء لعبة يتسلى بها الزوار والسياح ليهان الرمز الأعلى وهو الشهيد لدى أعين الجزائريين، ويتمّ بعدها الاستخفاف بكلّ من تسوّل له نفسه مقاومة ومحاربة الاستدمار الفرنسي.
10. فرنسا المحتلة واصلت التعذيب وقطع الرؤوس والإهانة والإعدام والرمي من الطائرة وتحريض الكلاب المدرّبة على نهش لحوم الجزائريين والاعتداء عليهم جنسيا والاغتصاب أمام الزوج والأب والأخ وحرق الجزائري حيا والكهرباء والأنبوب والقارورة. وهذه وسائل ظهرت فيما بعد خاصّة أثناء الثورة الجزائرية. إذن، الاحتلال الفرنسي لم يتوقف يوما عن التعذيب والإهانة ووقطع الرؤوس والاغتصاب ضدّ الأحرار من الجزائريين والجزائريات.
11. فرنسا المجرمة المحتلة أعدمت 536 وفصلت رؤوسهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة لقصد ماتسميه “البحث العلمي؟ !”، وكذا الإهانة وبثّ الرعب والفزع.
12. المقصود بـ “البحث العلمي؟ !”، هو إثبات أنّ الجزائري يعود أصله للرومان، مايعني أنّ الجزائر في نظر الاستدمار الفرنسي رومانية وبالتّالي فهي قطعة فرنسية. ثمّ لتثبت أنّ هناك فئة في الجزائر يعود أصلها للرومان عكس إخوانهم الجزائريين. ولتثبت نظريتها في التفريق وبثّ العداوة بين الإخوة الجزائريين وتمزيق الوطن الواحد باسم عنصريتها واستدمارها في التفريق والتقاتل بين أبناء الوطن الواحد.
13. بالإضافة إلى 536 جمجمة لأسيادنا الشهداء. فرنسا الاستدمارية المجرمة لم تتوقف يوما عن قطع الرؤوس الشريفة عن أجسادها الشريفة بل استمرت وإلى آخر أيامها من احتلال الجزائر. ومن يقرأ عن التعذيب في أواخر الثورة الجزائرية وبأقلام فرنسية يدرك هول التعذيب الذي لحق بالجزائريين حتّى بعد إعلان إطلاق النار في مارس 1962. إذن قطع رؤوس الجزائريين لم يتوقف، والعبث بأجساد وجماجم أسيادنا الشهداء لم يتوقف منذ سنة 1830، تاريخ احتلال الجزائر.
14. فرنسا الاستدمارية المجرمة حرمت أسيادنا الشهداء من حقّ الدفن. وهذا أبسط حقوق الإنسان. والسبب في ذلك أنّ الجزائري في نظر المستدمر الفرنسي ليس إنسان ولا يستحقّ بالتّالي الدفن كإنسان.
15. فرنسا الاستدمارية المجرمة وضعت أرقاما لجماجم أسيادنا الشهداء. فالجزائري في نظر المستدمر الفرنسي لايعدو كونه رقما يضاف للموتى، ورقما يضاف للإعدام، ورقما يضاف لآلة التعذيب الجهنمية، ورقما يغتصب أمام زوجه وابنه وأبيه والنّاس أجمعين، ورقما تنهب ممتلكاته ويطرد من بيته وحقله، ورقما لايحق له العيش الكريم، ورقما يطرد لكاليدونيا، ورقما يرمى من الطائرة، ورقما تطلق عليه الكلاب المدرّبة لتنهش جسده الكريم وتغتصبه. ويمكنك أيّها الزميل الكريم أن تضيف قائمة الأرقام التي تحضرك الآن.
رابعا: جماجم لا رفات:
16. من الأخطاء الشائعة التي لاتليق بعظمة أسيادنا الشهداء القول: “24 رفات” والحقيقة القول: “24 جمجة”. والسّبب في ذلك أنّ “الرفات” تعني أنّ 24 ماتوا موتة عادية وعثرنا عليهم بعد قرن ونصف من الزمن أي لايختلفون في شيء عن الذين ماتوا موتة طبيعية، وهذا مايرمي إليه الاستدمار الفرنسي. وحين نقول 24 جمجمة -في انتظار الباقي-، فهذا يعني أنّ الاستدمار الفرنسي بوحشيته أعدم أسيادنا الشهداء ثمّ فصل الجماجم الشريفة عن الأجساد الطاهرة الشريفة. وهنا يفهم القارئ والسّامع والأجيال الحالية والقادمة أنّ الاستدمار الفرنسي انتهك حرمة أسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليه وفصل الجماجم بوحشية وحقد دفين عن الأجساد الطاهرة الزكية.
17. استعمل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مصطلح “رفات” التي تدل على أنّهم ماتوا موتة طبيعية عوض مصطلح “جماجم” التي تدل على وحشية الاستدمار الفرنسي. ولو كنت ناصحا لنصحت رئيس الجمهورية باستعمال مصطلح “جماجم” والابتعاد عن استعمال مصطلح “رفات” للأسباب المذكورة أعلاه.
18. شرعت فرنسا المحتلّة للجزائر في قطع رؤوس الجزائريين منذ سنة 1830 أي منذ بداية الاستدمار الفرنسي للجزائر.
19. شملت جريمة قطع رؤوس الجزائريين كلّ مناطق الجزائر ودون استثناء.
20. قطع الاستدمار الفرنسي رؤوس الرجال والنّساء والأطفال والصغيرات في سن 7 سنوات كما ذكر الأستاذ سعيدي مزيان.
21. كانت الغاية من قطع رؤوس الجزائريين وحسب الأستاذ مزيان سعيدي بثّ التفرقة ونشر العداوة بين إخواننا وأحبّتنا وأعزّائنا “القبايل” وإخوانهم وأحبّتهم وأعزّائهم الجزائريين.
22. كان الاستدمار الفرنسي يفتخر بجرائمه كفصل رؤوس الجزائريين عن أجسادهم الطاهرة الزكية. وبعد اكتشاف أدوات التصوير أصبح يقوم بتصوير رؤوس الجزائريين أمام وسائل الإعلام ويعتبر ذلك من البطولة والشجاعة.
23. كان كلّ فرنسي محتلّ مجرم يقطع رؤوس الجزائريين ينال منحة في سبيل ذلك ويرقى لأعلى الرتب، وينال رتبة جنرال ومنهم من نال رئيس الجمهورية الفرنسية المحتلة لجرائمهم بالجزائر المحتلّة.
24. شارك الأطباء المجرمون الفرنسيون الذين رافقوا الاحتلال الفرنسي في جريمة وضع رؤوس الجزائريين المفصولة عن أجسادها الشريفة بمواد تسمح ببقائها سليمة في انتظار أن تصل لفرنسا المجرمة، خاصّة وأنّ عملية سرقة جماجم أسيادنا الشهداء تتمّ بعد عام من جريمة القتل وفصل الرأس. مايدل على إخضاعها للتجارب طيلة مدّة بقائها في الجزائر المحتلة وتحت إشراف الأطباء المجرمون المحتلون الذين شاركوا الجنود الفرنسيين المجرمين.
25. قامت فرنسا المحتلّة بجريمة الإعدام والغدر بأسيادنا الشهداء ثمّ بجريمة فصل الرأس الشريف عن الجسد الشريف ثمّ جريمة الاستحواذ على الجماجم طيلة قرن ونصف من النصف ثمّ جريمة الزور والكذب واعتبار جماجم أسيادنا الشهداء من التراث الفرنسي. إذن هي جرائم متعدّدة في ملف واحد كجماجم أسيادنا الشلف. كيف بالجرائم الأخرى؟.
خامسا: جرائم فرنسا من خلال بعض الكتب:
26. جماجم أسيادنا الشهداء لدى المحتل الفرنسي لاتعدو أن تكون سلعة تسرق كما سرقت من قبل فرنسا المحتلة خيرات الجزائر وحملتها إلى موانئ فرنسا عبر 5 سفن، ناهيك عن الأموال المسروقة التي موّلت بها احتلال الجزائر. وقد جاء ذلك بالتفصيل الدقيق جدّا في كتاب “LA MAIN BASSE SUR ALGER ” .
27. القارئ لكتاب “حتمية الاستعمار الفرنسي” لأستاذ فرنسي لايحضرني الآن اسمه، يقرأ الهدايا التي كان يرسلها الجنرالات المجرمون بعد اقتحامهم وتدنيسهم لكلّ قرية جزائرية ثمّ يبيدونها عن آخرها، ومتمثّلة في : برميلا من الأذان التي قطعوها من النساء الجزائريات الطاهرات وهي ملطّخة بالدماء، وتحمل الأقراط التي تتزيّن بها المرأة الجزائرية.
28. بالإضافة إلى الإعدام وفصل رؤوس أسيادنا الشهداء عن أجسادهم الطائرة، سبق للاستدمار الفرنسي أن نبش قبور الجزائريين في بدايات الاحتلال الفرنسي 1830-1833، وأخرج عظام أسيادنا وسرقها ليحوّلها لفرنسا المجرمة لاستخدام عظام الجزائريين في مواد منزلية -لاتحضرني الآن بالضّبط-.
29. الذي يقرأ كتاب: “الديوان الإسبرطي” للأستاذ: Abdelouahab Aissaoui، دار ميم للنشر، الجزائر، الطبعة الأولى، السداسي الثاني، 2018، من 387 صفحة. يذكر من خلاله طريقة سرقة عظام الجزائريين من المقابر الجزائرية وسرقة جماجم الجزائريين وكيفية المحافظة عليها بإشراف الطبيب الفرنسي المجرم. وأعترف أنّي لم أستوعب حينها المسألة. والآن أستوعبها جيّدا بعد استرجاع جماجم أسيادنا الشهداء. فكلّ الشكر للأستاذ عبد الوهاب عيساوي على الإشارة لهذه النقطة.
30. حين تفتخر فرنسا المحتلّة المجرمة بسيّدنا الأمير عبد القادر تقول عنه وبلسان قادتها الذين أجرموا والذين عايشوه وحاربوه: “الأمير عبد القادر لايقطع الرؤوس مثلنا”. وهي التي دفعت عنه تهمة قطع الرؤوس حين كان أسيرا لدى فرنسا المجرمة في سجن “لامبواز”، كما جاء في كتاب: ANTOINE Adolphe DUPUCH « ABD-EL-KADER L’LLUSTRE CAPTIF DU CHATEAU D’AMBOISE», Fondation EMIR ABDEELKADER, Edition DAHLAB, ALERIE, Contient 113 Pages.
سادسا: ما أعظم الجزائر وهي تنحي لأسيادنا الشهداء:
31. الجزائر تنحني إجلالا وتعظيما لجماجم أسيادنا الشهداء لأنّهم صنعوا الحرية واستشهدوا لأجلها، وقدّموا أنفسهم الطاهرة الزكية لنعيش الآن بحرية ونكتب عن عظمتهم. فلهم منّا كلّ الانحناء والاحترام والتقدير الذي يليق بجلالة قدرهم وعظمة مكانتهم.
32. وإنّه لمن الخصال العظيمة أن ينحني المرء لأسيادنا الشهداء. فلولاهم لبقيت الرؤوس إلى الآن ذليلة منكسرة للمستدمر. وبفضلهم بقيت الرؤوس عالية شامخة تأبى الذل وترفض التبعية لأحد. رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم جميعا.
33. من عظمة الثورة الجزائرية أنّ سيّدنا الشهيد حين يلتحق بربّه فرحا مسرورا، تزغرد النّساء ولا تبكي. مايجعل المستدمر في غضب شديد: كيف يفرحون لموت رجالهم ونحن الذين كنّا نبغي نشر اليأس والقنوط والاستسلام بإعدام وقطع رؤوس رجالهم.
34. من عظمة الثورة الجزائرية أنّ سيّدنا الشهيد رضوان الله عليه حين يلتحق بمقعده الشريف، نقول حينها: ربحنا واحدا واثنين وعشرة ومائة. ولا نقول خسرنا واحدا واثنين وعشرة ومائة. والسبب أنّ الشهيد الذي يصعد للسّماء يضاف للمولود الذي ينزل من السّماء، فكلاهما إضافة ولا يمكن بحال اعتبار الشهيد خسارة خاصّة وأنّ الشهيد حيّ يرزق ويضاف للمولد الحي وليس الأموات.
سابعا: فضل الزوايا وأسيادنا الصوفية في محاربة الاستدمار الفرنسي:
35. أسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليه الذين فصل الاستدمار الفرنسي المجرم رؤوسهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة كانوا من أبناء الزوايا وانطلقوا من الزوايا لمحاربة الاستدمار الفرنسي منذ اليوم الأوّل للاحتلال.
36. كانوا من أسيادنا الصوفية وأسيادنا الأشاعرة رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم، كما كان من قبل سيّدنا الأمير عبد القادر رحمة الله عليه ورضوان الله عليه من أبناء الزوايا والصوفية والأشاعرة.
37. لانفرّق بين سيّدنا الأمير عبد القادر الذي حارب الاستدمار الفرنسي طيلة 17 سنة من زهرة شبابه، وأسيادنا المجاهدين الذين جاؤوا من بعده وحاربوا الاستدمار الفرنسي بما استطاعوا، وأعدمتهم فرنسا المجرمة، وفصلت رؤوسهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة، وحرمتهم من الدفن في وطنهم الجزائر الذي ماتوا لأجله، وسرقت فرنسا المجرمة جماجمهم الشريفة واستحوذت عليها طيلة قرن ونصف قرن من الزمن.
38. تعاملت فرنسا المجرمة مع مختلف أنواع المقاومة التي انطلقت من الزوايا وبقيادة أسيادنا الصوفية والأشاعرة بوحشية بالغة بعد استسلام الأمير عبد القادر رحمة الله عليه. وكانت ترى أنّه لايوجد في الجزائر من هو في مستوى الأمير عبد القادر ليواجهها. ولذلك وقّعت المعاهدات مع الأمير عبد القادر فقط –أقول فقط- ولم توقّع مع غيره. ولذلك لم تترك أدنى فرصة لبروز أسيادنا المقاومين وحاربتهم في المهد، وأعدمتهم، وفصلت رؤوسهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة.
39. لم تكن فرنسا المجرمة تتوقع أنّ الأمير عبد القادر رحمة الله عليه سيستلم ويسلّم سيفه بالبساطة التي لم تكن تحلم بها. وكان الاستسلام مشجعا لفرنسا الاستدمارية لمواجهة المقاومة التي بعثت بعد الأمير عبد القادر بوحشية بالغة، وتمثّل ذلك في إعدام قادة المجاهدين وفصل رؤوسهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة.
40. حين تيقنت فرنسا المجرمة أنّ الثورة التي كانت ضدّها وأنّ قادة المجاهدين خرجوا من الزوايا. علمت حينها أنّ المجتمع الجزائري يعتمد على الزوايا والفقيه. فضيّقت على الزوايا، واستولت على الأوقاف، وحرمتهم الزكاة، وأحرقت الحقول التّابعة لهم، وأرهقتهم بالضرائب حتّى يستسلموا لها، واشترت بعض الذمم الصغيرة، ورفعت الأدنى، وقدّمت كلّ وضيع، وأهانت كلّ رفيع ، وجعلت عالي القوم أسفله، وغرست عبر مدارسها الاحتلالية جيلا ينافس الفقيه الجزائري الأصيل ويزاحمه، وتستبدله بأساتذة وقضاة وأئمة يدعون للاحتلال، ويبرّرون للنهب والسّطو. وكلّ هذا لتشويه وإهانة واحتقار وتهميش الزوايا وأسيادنا العلماء. مايدل على عظم مكانة الزوايا وأسيادنا العلماء الذين قادوا المقاومة ضدّ الاستدمار الفرنسي منذ اليوم الأوّل للاحتلال.
41. من شدّة حقد وبغض الاستدمار الفرنسي ضدّ الزوايا والعلماء، أعدمت فرنسا المجرمة أسيادنا قادة المقاومة وفصلت رؤوسهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة نكاية في الزوايا التي انطلقوا منها، وفي علماء وفقهاء الزوايا الذين حاربوا وظلّوا يحاربون الاستدمار الفرنسي.
ثامنا: الشكر لمصر ولكلّ من ساهم في دعم الجزائر أيّام الاستدمار الفرنسي:
42. علمت أنّ من بين 24 جمجة لأسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم. يوجد جمجمة سيّدنا الشهيد موسى بن الحسن المصري الدرقاوي. وهو مصري الجنسية انتقل من مصر للجزائر ودافع عن الجزائر واستشهد في سبيلها رحمة الله عليه ورضوان الله عليه.
43. أعترف أنّ معلوماتي عن سيّدنا الشهيد الدرقاوي ضئيلة لاتسمح لي أن أدلي بدلوي.
44. لم تكن يومها حدود ولا تفرقة بين الشعوب. والجزائر تحتضن الجميع وتعرف قدر من يموت في سبيلها. فترسل له طائرة عسكرية تحمله، و3 طائرات مقاتلة تحميه، وأفضل الضباط يحملونه على أكتافهم، وأفضل المظليين ينزلون من السّماء إكراما له، وتضع له البساط الأحمر الذي يوضع للرؤساء والملوك ليسير فوقه وهو المعزّز المكرّم فوق أكتاف الرجال.
45. كلّ الشكر والتحية والإجلال لسيّدنا الشهيد موسى بن الحسن المصري الدرقاوي الذي استشهد في سبيل الجزائر، ولكلّ من ساهم في نصرة الجزائر ومدّ العون للجزائر أيام الاحتلال الفرنسي وإبّان الثورة الجزائرية.
46. بلغني من زميل مصري أنّ عائلة سيّدنا الشهيد موسى بن الحسن المصري الدرقاوي أحياء يرزقون في مصر العزيزة على أنفسنا. وعليه أطلب من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن يرسل دعوة لـ: “أحد أفراد عائلة سيّدنا الشهيد الدرقاوي بمسقط رأسه دمياط” عبر الطرق التي يراها مناسبة، وتكريمها في الجزائر، عرفانا من الجزائر لكلّ من قدّم لها مساعدة أيّام جمر الاستدمار ونار الاحتلال الفرنسي.
47. نظلّ نكرّر شكرنا لكل من خدم الجزائر وقدّم لها يد المساعدة واستشهد بأرضها ومات في سبيلها.
تاسعا: جرائم حركى الأمس وجرائم الحركى الجدد:
48. الحركى وأسيادهم من الفرنسيين الجلاّدين السّفاحين المجرمين توأم في الغدر والقتل وفصل الرؤوس الشريفة عن الأجساد الشريفة.
49. التعذيب كان بيد الفرنسي المحتل المجرم السّفاح. وبيد الحركي المجرم. وكلاهما كان يتفنّن في تعذيب الجزائريين والجزائريات.
50. التعذيب يشرف عليه المجرم الفرنسي المحتل والحركي المجرم. ويختلف الأمر في نوعية ودرجة التعذيب. وفي مكانة الجزائري المعروض للتعذيب. ونوعية المعلومة المراد انتزاعها من الجزائري. و”السمكة” إن كانت “كبيرة” بتعبير السّفاحين الجلاّدين المجرمين الفرنسيين.
51. الاحتفال بعودة جماجم أسيادنا الشهداء تتطلب -فيما تتطلب- إعادة النظر في بعض “الجماجم الحية” التي مازالت ترفض التوقيع على قانون تجريم الاستدمار الفرنسي، وتسليط أقصى العقوبات عليها وإلحاقها بالبليدة والحراش فذاك مكانها المناسب وليس الوزارة ولا البرلمان.
52. إنّ الخائن الجزائري والمجرم الفرنسي الذي كان من وراء فصل جماجم أسيادنا الشهداء عن أجسادها الطاهرة الزكية منذ 144 سنة من الزمن هو نفسه الخائن والمجرم الجزائري الذي مازال يرفض التوقيع على قانون تجريم الاستدمار الفرنسي ولا يخشى العقاب لأنّه يتمتّع بالحصانة حتّى قلدت الجارة تونس الجزائر في عار عدم التّوقيع على قانون تجريم الاستدمار الفرنسي.
53. أستغلّ الفرصة وأطالب بفتح تحقيق بشأن تأخير استلام جماجم أسيادنا الشهداء، ومعاقبة كلّ جزائري كان من وراء تأخير استلام جماجم أسيادنا الشهداء لحدّ الآن، ومهما كانت وظيفته ورتبته ومنزلته وقرابته.
54. أطلب من الخبراء الجزائريين الذي أشرفوا على تحديد هوية 24 جمجمة لأسيادنا الشهداء رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم أن يواصلوا عملهم الجليل في تحديد هوية الجماجم الجزائرية الحية الخائنة التي مازالت ترفض التوقيع على قانون تجريم الاستدمار الفرنسي، وليتفضّلوا مشكورين بنشر قائمة الجماجم الجزائرية الخائنة كما فعلوا حين نشروا أسماء جماجم أسيادنا الشهداء. وبهذا يكتمل عملهم العظيم في حقّ الجزائر والجزائريين.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار