كفاكم تجريحا.. لا تستسهلوا الاساءة لفلسطينيي لبنان
تاريخ النشر: 10/07/20 | 11:36فتحي كليب
اعتاد الفلسطينيون في لبنان على مواقف وتصريحات “عالية الدوز” من سياسيين وصحفيين ينتمون الى تيارات سياسية بعينها تتصف بالعداء لكل ما له علاقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بل هم لا يعترفون بهم كلاجئين ويتعاطون معهم بأشكال واساليب غاية في التمييز..
المفاجئة اليوم هو ان “نجما” لبنانيا جديدا ينضم الى جوقة الزجيلة، لكن المستغرب انه ينتمي الى تيار يفترض انه حليف وقريب من الفلسطيني، هو النائب اللبناني عن تيار المستقبل نزيه نجم، الذي دخل حلبة المنافسة من باب التحريض المقيت ضد الفلسطينيين في لبنان. فما هو الجديد الذي اتى به هذا النائب؟ قال سعادته في حديث الى فضائية “العربية – الحدث”: “هناك مليون ونص سوري و400 الف فلسطيني صار لنا حاملينهم سنوات، وهؤلاء يحملون الخزينة اللبنانية مبالغ كبيرة، وعالقليلة يشيليهم عنا”. وغير ذلك من مواقف كتحميل الفلسطينيين سبب مشكلة الكهرباء وغير ذلك من مواقف اقل ما يقال فيها انها تجني ولا تتسم بالموضوعية..
ونظرا لما احدثه هذا الكلام من رفض فلسطيني طال جميع الاطياف الفلسطينية، فقد اصدر النائب توضيحا حول مواقفه، ويا ريته لم يفعل. إذ اشار فيه الى حق العودة والى القانون الدولي، وهو كلام لا يلبي غضب الناس، ولو قاله عبر الفضائية لكان مقبولا، بل انه اعتبر في توضيحه ان كلامه ينبغ من ثوابت راسخة..
اولا: بعيدا عن نقاش مضمون كلام سعادة النائب، فالفلسطيني في لبنان وللمرة الالف هو ليس عالة على لبنان، بل ان هذا الفلسطيني هو عامل داعم للاقتصاد اللبناني، سواء عبر وكالة الغوث او تحويلات جالياته في الخارج، او ما تنفقه المؤسسات الفلسطينية على اختلافها، وهو الذي يدخل العملة الصعبة الى لبنان في الوقت الذي ابناء البلد يهربون اموالهم الى الخارج..
ثانيا) لقد اساء كلام النائب نجم الى تيار المستقبل الذي نعتقد انه لا يتفق معه في مواقفه، وكان الامر يحتاج توضيحا من التيار بأن يعتبر ان مواقف النائب لا تعبر عن التيار ومواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني، وطالما ان هذا التوضيح لم يصدر، فهذا له اكثر من معنى.. والمطلوب في حده الادنى تقديم النائب لاعتذار عما بدر منه من اساءات غير مقبولة من كل من لديه ذرة انسانية..
ثالثا: ان تحول الفلسطيني الى “ملطة” لهذا وذاك من الساسة اللبنانيين قضية يجب وقفها اليوم قبل الغد، لأنها تترك ثقوب في علاقات يسعى الفلسطينيون بكل صدق الى تطويرها، لكن هناك اناس لا مصلحة لهم بهذا التطوير ويسعون دائما الى اختراع بطولات هنا وهناك حتى لو كانت على حساب الفلسطيني.
رابعا: لم يعد جائزا هذا الظلم والتجني الذي زاد عن حده، واصبح يشكل عقدة كراهية يسببها بعض السياسيين الذين لا يفقهون شيئا من السياسة ولا من علاقات اخوة وعلاقات عائلية هم اصلا لا يعرفون شيئا عنها بين اللبنانيين والفلسطينيين..
خامسا: في ظل تنافس الكثير من اللبنانيين في عدائهم للفلسطينيين، اصبح واجبا على القيادة الفلسطينية بجميع تشكيلاتها ان تعلن موقفا حازما وموحدا، وتتخذ من الاجراءات ما يضمن وقف الحملات الدائمة على الفلسطينيين، سواء عبر اللجوء الى القضاء اللبناني او من خلال وضع هذه المسألة في عهدة هيئات اممية تعنى بقضايا حقوق الانسان.
سادسا: ان تحمل الفلسطيني لكل حملات التجريح بحقه، لا يعني انه غير قادر على الرد. بل هو يفضل الصمت وعدم الدخول في جدال لا مصلحة له به، لأنه حريص على السياسة الوطنية الجامعة التي اتخدها بالنأي بالنفس بعيدا عن الازمة اللبنانية وتداعياتها. وبالتالي، فمن كان حريصا على الموقف الفلسطيني وتعزيزه، عليه في الوقت ذاته ان يمارس نفوذه على مسؤوليه وانصاره لضبطهم..
سابعا: ندعو النائب نجم الى بذل جهوده الكبيرة لدى المجتمع الدولي والضغط عليه لاعادة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم في فلسطين.. واذا كان يعتقد ان هذا امر صعب التحقيق فليتوجه في نقده، اذا كانت لديه الجرأة، الى من كان سبب مشكلة اللاجئين وليس لمن هم ضحاياها.. وندعوه اليوم، طالما انه حريص على عودة اللاجئين، كما جاء في بيانه التوضيحي الى تبني دعوة لفتح الحدود مع فلسطين تمهيدا لطرد اللاجئين الفلسطينيين الى ارضهم التي منها جاءوا..
وبعيدا عن مضمون ومواقف النائب نجم، والتي كان يمكن التعبير عنها بمصطلحات توصل الفكرة والمضمون ذاته، فان الخطر الحقيقي هو في تنامي ظاهرة الكراهية بين اللبنانيين والفلسطينيين واستسهال مسألة الاساءة الى الشعب الفلسطيني لأسباب لا علاقة للفلسطيني بها لا من قريب او من بعيد.. والتي نجد انها تتحول شيئا فشيئا من مواقف سياسية نقبلها طالما كانت تدخل في اطار حرية التعبير الى ثقافة تتغلغل في اوساط طائفية ومذهبية ستترك انعكاساتها السلبية على الجميع..
فتحي كليب