حرية أكتب دمك، هارب من جهنم الثورة الجزائرية – معمر حبار
تاريخ النشر: 11/08/20 | 10:13أوّلا: مقدّمة:
اتّصل بي عبر الخاص زميلنا Mouhamed Guemmoumia وهو مدير المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الشلف، وبتاريخ: 16 جوان 2020، قائلا: السلام عليكم أستاذنا إن شاء الله تكون بخير وعلى خير إذا فيه عندك قراءة في كتاب ( كتاب تاريخ الجزائر ) وخاصة إذا تعلق بتاريخ الثورة التحريرية المجيدة أفدنا بها ننشرها على صفحتنا للمكتبة خلال شهر جويلية بمناسبة عيد الاستقلال و الشباب . تحياتي لك أستاذ معمر”.
أجبت زميلنا على الفور ودون تردّد: السّلام عليكم. سـألبي طلبك بإذن الله تعالى. بالتّوفيق.
رحت أبحث عن الكتب التي قرأتها ولم أعرضها وتتحدّث عن الثورة الجزائرية، فوقفت عند العنوان أدناه، وأعدت قراءة مضمون مادونته حينها، وأقدّمه هدية لزميلنا بمناسبة استرجاع السّيادة الوطنية للجزائر. والكتاب هو:
BENACHENOU Mohamed Seghir « Liberté J’ écris Ton Sang , Rescapé de l’enfer de la guerre de libération », el Maarifa, Algérie, 2015, contient 182 Pages
ثانيا: ملاحظات حول الكاتب والكتاب:
1. عنوان الكتاب حسب ترجمتي، هو: “الحرية.. أكتب دمك، هارب من جحيم حرب التحرير”.
2. لغة الكتاب بسيطة واعتمد على سرد لوقائع عاشها ضمن سجون المحتل الفرنسي.
3. سبق للكاتب أن قضى فترة من اعتقاله في سجن الأصنام سابقا والشلف حاليا حيث تمّت أكبر عملية فرار.
4. يحمل الكاتب شهادة ليسانس آداب عربي، ويكتب باللّغة العربية الفصحى منذ 40 سنة باعتباره موثّق، وكتابه هذا باللّغة الفرنسية.
5. يتحدّث وبإسهاب عن وحشية سجن الأصنام سابقا والشلف حاليا في عهد الاستدمار الفرنسي.
ثالثا: التعذيب صناعة الاستدمار الفرنسي:
6. تحدّث عن مجاهد سلّطت عليه فرنسا المحتلة كلّ أنواع التعذيب وفي الأخير سلّطت عليه الكلاب البوليسية المدرّبة فأكلت قطعا من جسده وكذا أعضائه التناسلية، وعاش معوقا بعد استرجاع السيادة الوطنية.
7. تحدّث عن مجاهد وبعد التعذيب رمته فرنسا المحتلّة من المروحية.
8. يعترف الجلاد المجرم “ماصو” أن التعذيب كان عاما ومؤسس حسب الدستور.
9. لا أحد يستطيع الخروج من التعذيب إلاّ بمعجزة إلهية.
10. يسلّط التعذيب على الجزائري حيث يعترف بكلّ شيء وينسى كلّ أمل جديد.
11. “جون جوراس” رجل سياسي فرنسي، أعدم سنة 1917 لمواقفه المؤيدة للضعفاء، يصرّح لغرفة النواب سنة 1908: “قتلنا، أبدنا، اغتصبنا، سلبنا كلّ شيء ونحن في أمان في الجزائر دون دفاع. تاريخ هذا الألم من الجرائم والسلب لن يعرفه أبدا الأوروبيون لعدّة أسباب وسيفرضون الصمت”.
12. كان السجين يردّد يوميا الشهادة لأنّه ينتظر يوميا الإعدام.
13. حياتك لم تعد بين يديك أصبحت بين جلاديك وهذا بحدّ ذاته عذاب يفرض يوميا على السجين.
14. لا أحد يستطيع الخروج من التعذيب إلاّ بمعجزة إلهية.
15. مراكز التعذيب ابتداء من سنة 1957 كانت منتشرة عبر جميع التراب الجزائري.
16. قال الجنرال المجرم بيجار: إذا كنا انتصرنا في معركة الجزائر، فإنّ ذلك بسبب بالتعذيب الذي لايشرّف الجيش الفرنسي.
17. إستفدت كثيرا من مدرسة المجاهدين ومدرسة السجن.
18. سلّطت فرنسا المحتلة على المجاهد عثمان رحمة الله عليه الكلاب البوليسية المدرّبة فأكلت قطعا من جسده وأعضائه التناسلية، وعاش إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية معاق من كل النواحي، وأنهى حياته كمتشرد SDF في اللامبالاة المطلقة.
19. مراكز التعذيب التابعة للمحتل الفرنسي لم تكن قانونية بالمفهوم القانوني الفرنسي ولم تكن تحت السيطرة ومكلّفة بتنفيذ المهام القذرة.
20. الشهيد سبونجي عبد الكريم بعدما عذّب عذابا شديدا، ألقي من المروحية في وسط مدينة تلمسانية.
21. يتحدّث الكاتب عن صناعة التعذيب في عهد الاستدمار الفرنسي وذكر أمثلة عديدة كثيرة، وتعمّد أن لايذكر التعذيب المتعلّق بالعرض حين قال: أستحي أن أذكر كلّ أنواع التعذيب.
22. قطع الروؤس كان عمل يومي يقوم به الاستدمار الفرنسي.
23. مليون فرنسي في الجزائر كانوا أفضل في نظر الاحتلال من 9 ملايين جزائري.
رابعا: الحركى أخطر من الاستدمار الفرنسي:
24. ابتداء من سنة 1957 إرتفع عدد الحركى بشكل كبير وملحوظ، وهي المرحلة التي طوّقت فيها فرنسا التراب الجزائري مما جعلها تستعين بالعدد الكبير من الحركى.
25. ليس من السّهل اختيار مقاومة المحتل الفرنسي لأنّ هناك عدّة أشخاص فرّوا ومالوا للعدو وهاجروا لأجل إتمام الدراسة، ولا بد للمرء أن يكون متشبّعا بشجاعة غير عادية لأنّه يعلم أن الاختيارات يقابلها حياة أو موت.
26. ذكر الكاتب مجاهدين وبالاسم وقال عنهم أنّهم مجهولون لايعرفهم أحد.
27. يحدّثني زميل المدرسة بعدما رأى الاعتقالات: ” سي بن شنو، إلى متى نظل على هذا الحال، مطاردون، جوعى، ودائما نبحث عن مخبأ في عزّ الشتاء”. أجيبه: هذه هي حياة المجاهد ، وستتعرّض لامتحانات أخرى، على كلّ حال ، أنت وأنا والآخرين، اخترنا طريقنا وهو الثورة، وقد لا نعيش إلى استرجاع السيادة الوطنية. يجيبني: هل تظن أنّي سأقدّم حياتي لـهؤلاء “كٙرْعِينْ المْعِيزْ”. فرّ بعدها إلى المغرب بزعم أنّه يواصل دراساته العليا. بعد استرجاع السيادة الوطنية، كان يحمل شهادات التي تتطلب 12 سنة من الدراسات العليا !. هذا الأخير احتلّ دوما أعلى مناصب المسؤولية في الدولة. عيّن عدّة مرات وزيرا، هو الآن (2015 حسب سنة الطبع) نائب بمجلس الأمة. صفحة 45-46.
28. يرى الكاتب أنّ نسبة كبيرة من الجزائريين الذين سافروا إلى الخارج لأجل الدراسة إنّما فعلوا ذلك هروبا من المشاركة في الثورة الجزائرية ، ويعتبر هؤلاء من الخونة والحركى. وذكر في صفحتي 45-46 مثالا مؤلما عن الذي وصف المجاهدين الجزائريين بـ”كٙرْعِينْ المْعِيزْ” وفرّ إلى المغرب بزعم مواصلة الدراسة ثم تقلّد المناصب العليا في الدولة والوزارة عدّة مرات ونائب في مجلس الأمة.
29. هل يمكن أن يعرف الجزائري حقيقة الجزائريين الذين سافروا لأجل مواصلة الدراسة في عهد الاستدمار الفرنسي؟ وهل كانت لأجل العلم والمعرفة أم لأغراض لاعلاقة بالعلم والمعرفة وأضرّت بالثورة الجزائرية؟.
30. “مشكل الأسلحة خلق صراعات حادّة بين المسؤولين في الداخل والمسؤولين في وجدة (…) تلمسان لوحدها، قدّمت 40 مليون فرنك، التي وصلت إلى وجدة لشراء الأسلحة. لكن مع مرور الأشهر، الأموال وصلت لوجهتها، لكن الأسلحة لم تصل (…).هؤلاء في وجدة لايقدّمون لنا أيّ شيء ولا يعرفون غير تقديم الأوامر وأيّ أمر !. ليأتوا إلى هنا ليعرفوا أيّ وضع مزري نحن فيه. أين هي الأسلحة التي طلبناها؟. كيف نقاوم العدو الذي يخوض حربا شاملة ضدنا بوسائل ضخمة مقارنة بوسائلنا؟. عار عليهم، والثورة لن تغفر لهم أبدا سلوكهم هذا. علينا أن نعتمد على أنفسنا واسترجاع السلاح من العدو”. صفحة 53
31. الفرنسيون المكلّفون بتحويل المعتقلين والمحكوم عليهم بالإعدام إلى حركى وخونة عن طريق الإغراءات والكلام الرقيق المؤدب كانوا أخطر على المجاهدين والجزائر من الجلاّدين الذين يعذّبون ويقتلون ويعدمون.
32. مهمة الاستدمار الفرنسي هي إعدام كلّ رجل شريف ومثقف حتّى لايبقى للجزائر بعد استرجاع السّيادة شريف ولا مثقف.
33. كانت لفرنسا عيون داخل المجاهدين وداخل السجون وداخل البيوت وفي كلّ مكان لايخطر على بالك.
خامسا: بعد استرجاع السّيادة الوطنية:
34. بعد استرجاع السيادة الوطنية شنّ جيش الحدود لشرق الجزائر وجيش الحدود لغرب الجزائر هجوما على العاصمة ويقتلون كلّ من يقاومهم من إخوانهم المجاهدين مستعملين سلاحا متطورا لم يستعمل يوما ضد المحتلّ الفرنسي.
35. حتّى القوانين التي قيل عنها أنّها إصلاحات لم تطبّق لصالح الجزائري بل بقيت فرنسا المحتلة على النهب والسّرقة.
36. بعد 5 جويلية 1962. يوم استرجاع السيادة الوطنية المنتظر… جيش الحدود المفرط في التسلح في الشرق والغرب يقتحم الجزائر. جيش منظم برتب لست أدري كيف تحصّلوا عليها يجتاح أرضنا مدمّرا في طريقه كل جيوب المقاومة تقف أمام طريقه المكونة من بقايا جيش التحرير الوطني. جنود جوعى عانوا 7 سنوات ونصف من المقاومة ضد الاحتلال. قتلوا من طرف إخوانهم بأسلحة متطوّرة لم تستعمل أبدا ضد عدوهم المشترك. صفحة 13
37. يتحدّث بحسرة عن الصراعات والخصومات اليومية بين المصاليين والجبهة داخل السجن وما بعد وقف إطلاق النار وما يتعلّق بالإضراب، حتّى فرّق بينهم الاستدمار الفرنسي.
38. كانت فرنسا تعدّ الجزائر لما بعد استرجاع السيادة الوطنية فأعدمت المثقفين وأبعدت المخلصين والشرفاء للجزائر وقرّبت الْمَوْءُودَةُ والنطيحة وما أكل السبع، وأصبحوا فيما بعد “أسودا !”.
سادسا: خلاصة القارئ :
39. أقول: الحركى كانت صناعة يتهافت عليها بعض الجزائريين دون داع ولا ضغط ولا تهديد، ولقد قرأت مثل هذا في كتاب “شهادتي على التعذيب ” للسّفاح الجلاّد المجرم أوساريس.
40. أسيادنا من الجيل الأول من نوفمبر 1954 رحمة الله عليهم ورضوان الله عليهم جميعا كانوا من طينة أسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم جميعا في تحمّل أقصى العذاب، والجوع، والعري، والتهديد، فلم يبدّلوا ولم يغيّروا ولم يبيعوا الجزائر رغم التهديد والإغراءات.
41. يتحدّث الكاتب بمرارة شديدة عن سيطرة جنود الحدود على الجزائر، وتهميش وإقصاء جنود الداخل الذين قاوموا الاحتلال وتعرّضوا في سبيل ذلك لكلّ أنواع التعذيب والتهديد.
42. رحم الله أسيادنا الشهداء وحفظ الله المجاهدين على قيد الحياة ومتّعهم بالصحة والعافية، وحفظ الله الجزائر من كلّ سوء وأبعد عنها أهل السوء.
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار