الحركات الطلابية ودورها في صقل الشخصية القيادية
تاريخ النشر: 03/12/20 | 8:29بقلم أ.زاهي عيسى
من الواضح أن الغرب متقدم علينا أكثر في المدنية الحديثة، وشعوبنا تستهلك ولا تنتج إلا القليل، ويستعصي علينا التوحد رغم كثرة ما يجمعنا من لغة وفكر ودين .
على أنّ طريق التغيير معروفة ، أساسها تغيير الفرد ثم العائلة فالمجتمع .
وإذا كان الإنسان حجر الأساس في بناء المجتمع فإن الشباب هم العنصر الأقوى في هذا البناء ، ولنا في الجيل الأول حول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة ،حيث كان غالبهم من الشباب، والله تعالى يقول (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى).
وفي تاريخنا الحديث فان الطلاب المؤمنين بربهم ، المتمسكين بقيمهم ، المخلصين لأمتهم والمتمكنين من كل علم من العلوم هم طليعة الشباب ، ويُعوّل عليهم كثيرًا في حمل أمانة النهوض بهذا الجيل والأجيال القادمة .
لقد اهتمت المجتمعات على اختلاف توجهاتها بالطالب ، فأمّنت له الرعاية المتنوعة من دعم مادّي وتوجيهات معنوية .
وإسقاطًا على واقعنا في الداخل الفلسطيني فقد أُتيحت لنا العديد من الفرص بداية من الحصول على الألقاب العديدة حتى تَبَوُّء أرقى المناصب الأكاديمية وسوق العمل .
كل ذلك له مردود جميل على صورة مجتمعنا وعلى حياة الإنسان الشخصية، لكنه قطعًا لا يكفي لعلاج مجتمع تفشى فيه العنف والجريمة والانحلال الخُلُقي وفُقدان الهوية ، ذلك يستدعي عملًا منظمًا ومدروسًا مع رغبة في التغيير.
ثم لا بد أن يلازم هذا العملَ اكتسابُ المهارات اللازمة لذلك ، مهارات القيادة والتواصل .
في هذا السياق لا بدّ ان نشير الى دور العمل الطلابي في ذلك، فعدا عن كون العمل الطلابي عملًا تطوعيًا من أسمى ما يمكن أن يقدمه الطلاب في مرحلة حياتهم الجامعية ومن أرفع ما نطالبهم به، فإنه أيضًا يساهم في تكوين الشخصية القيادية وتقويم السلوك وتحقيق وجود الشباب ، وشعورهم بأن لهم رسالة سامية يسعون لتحقيقها لمنفعة المجتمع .
يمثل العمل الطلابي محاكاةً للأدوار الاجتماعية او السياسية التي سيمارسها الفرد في المستقبل من خلال إدارة المجموعات ، تَحَمُّل المسؤولية تجاه قناعات وأفكار معينة ، والدفاع عنها ونقلها من حيز النظريات إلى حيز العمل .
إضافة إلى ذلك ، فان الانخراط في العمل الطلابي يفسح المجال للاطلاع على مشكلات المجتمع والمشاركة في نقاش وحوار عقلاني متحرر من قيود الانتساب للجغرافيا الضيقة والآراء المجتمعية المسبقة، ما يولد أفكارًا جديدة إبداعية وحلولًا ليس بالامكان تولدها فيما بعد تحت وطأة ضغوطات العمل والحياة .
وأخيرًا أؤكد على أنه لا يجب أن نكتفي بمجرد المعرفة والتعلم ، بل نحن مطالبون كشباب بالعلم الذي يثمر العمل ، لذاتنا ومجتمعنا ، علينا أن نتذكر أننا في نفس المركب ولا يجوز بل من غير الممكن أن نتجاوز مجتمعنا، ولا يمكن أن نؤدي هذا الدور إلا بعد ان تكتمل لدينا المهارات والتجربة لذلك.