الأسرة في مواجهة العنف والجريمة
تاريخ النشر: 30/12/20 | 13:18بقلم الشيخ حسام أبو ليل
إن الشخص الذي يمارس العنف أو كان من أفراد عصابات الجريمة المنظمة, هو بالأساس ابن لوالدين وينتمي لعائلة صغيرة وكبيرة ومجتمع, لهم جميعا قيم وهوية.
لا ننكر أن هناك عوامل خارجية تشجع أو تسبب الجريمة والعنف, وتسهل لهم ذلك, لكن السؤال المهم: لماذا نكون أداة طيعة لهؤلاء الدخلاء على مجتمعنا العربي بقيمه السامية الراقية؟!
إنّ الدور الأساس ملقى على التربية الأسرية, وأمانة الوالدين في ترشيد وتوعية ولدهما, والمراقبة الوازنة, ثم دور العائلة الكبيرة (الحمولة), وعدم تشجيع ثقافة العنف انتصارا للتعصب العائلي, ودور الانتماء الفئوي والتربية على التعصب وممارسة العنف مع “المنافسين”.
أيها الآباء, وأيها الشباب المقبل على الزواج, إن الزواج ليس شهوة ولا شراكة لمنفعة اقتصادية أو غير ذلك من الأهداف المصلحية الضيقة, يا سادة, إن الزواج رسالة ربانية وتكوين أسرة نافعة وإيجابية, وحمل لهموم المجتمع والأمة ورفع لراية الحق والفضيلة, وليس المهم الراتب الشهري أو جنس المولود ذكرا أو أنثى, وليس الإنجاب لزيادة العزوة على الباطل وإرهاب الآخرين, وليس على لغة العوام “بزّر وزت عالشارع”!.
إن الله وصف البنت ثم الولد أنهما هبة وهدية ( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور), ووجّه الوالدين إلى التربية (قوا أنفسكم وأهليكم نارا…), وإن نار الآخرة تبدأ من نار الدنيا, من إهمال التربية وتضييع رعاية هذه الهدية إيمانيا وأخلاقيا وعلميا, فيسير الولد في طريق الهوى والشهوات والرذيلة والخمر والمخدرات والعمالة ومصاحبة رفقاء السوء والابتزاز اللاأخلاقي بشتى صوره, وممارسة العنف كأنه مهنة دون أن يرمش له جفن من خوف أو حياء, ولا ننسى أن تصرفات وسلوكيات بعض البنات وخلعهن لباس الحياء تشجع الذكور على العنف والانحراف.
والأدهى من ذلك عندما يكون الوالدان ممن يفتقد الأهلية للتربية ولعل أحدهما يمارس العنف كلاما أو جسديًا في بيته أو محيطه, أو يشجع ولده على ثقافة الانتقام ورد الصاع صاعين.
عندها لا تتفاجؤوا ولا تلطموا أيها الآباء إن كان ولدكم من هؤلاء الهدّامين لمجتمعنا, ولا تفرحوا بقوته المنحرفة فستدفعون الثمن مرّا في الدنيا والآخرة.
أيها الآباء, مجتمعنا ووطننا ومقدساتنا هوية وانتماء فهي أمانة, وستصير بين يدي أبنائنا, فأحسنوا الإرشاد والتربية والتعليم, وبيّنوا لهم عواقب العنف والإجرام, وأحسنوا الإنفاق على ذلك كله أكثر من الطعام واللباس والمناسبات التي تشهد التبذير, حتى نسلم الراية وتُحفظ الأمانة.
أيها الشباب, أحسنوا اختيار شريك الحياة, فإن بناء أسرة فاضلة يبدأ من صلاح الفرد ثم حسن الاختيار على أساس أخلاقي إيماني قِيَمي.
ومع كل هذا لا يمكن القول أن الشر سينتهي, ولكنه سيضعف كثيرا, فتأتي البرامج الأخرى وتظافر جهود الخيّرين لمواجهة العنف بكل الطرق المعقولة والمتاحة.
المسؤولية تقع على عاتق كل فرد, كل من موقعه, ولكن الأساس البيت ثم البيت ثم البيت.