كريم يونس .. عنوان التحدي والإرادة الفلسطينية
تاريخ النشر: 11/01/21 | 7:33بقلم : سري القدوة
الاسير كريم يونس عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب أقدم أسير سياسي في العالم، أمضى حتى الآن 39 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي حيث رفضت سلطات الاحتلال العسكري الاسرائيلي الافراج عنه ضمن ثلاثين أسيرا، بينهم 14 من الأراضي المحتلة عام 1948، وهم ممن اعتقلوا قبل توقيع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو للسلام مع حكومة الاحتلال عام 1993، غير أن الاحتلال رفض الإفراج عنهم ورغم ذلك، فقد جهزت له والدته بيتا، وعاشت العائلة أملا كبيرا بالإفراج عنه، وكاد كريم يونس أن يتحرر ضمن صفقة الإفراج التي شملت آلاف الأسرى الفلسطينيين عام 1985، ولكن الاحتلال تراجع وأنزله من حافلة الأسرى المفرج عنهم في آخر لحظة لكسر ارادته والنيل من صموده .
وكان الأسيران يونس وابن عمه ماهر قد واجها حكما بالإعدام لكنه خفف إلى المؤبد المفتوح، وفي العام 2015 حددت سلطات الاحتلال المؤبد لهما بأربعين عاما بعدما استغل محاميهما توجها إسرائيليا لتحديد حكم المؤبد للسجناء عامة، ومن المقرر أن يفرج عن كريم وماهر يونس مطلع العام 2023، ووقتها سيكون عمر كريم (65 عاما) ويكون حينها قد أتم أربعين عاما في الأسر داخل سجون الاحتلال، وتنتظر والدته البالغة من العمر الان 82 عاما بشوق ولهفة لحظه الافراج عنه وتتابع في حديث لها وتقول في الفيلم الوثائقي «مؤبد مفتوح» إنها لا تخاف عليه فكلما تقدمت السنوات يصير كريم حرا أكثر، لكنها تخاف أن لا تلقاه في لحظة حريته الأولى خارج السجن، وعندما توفي والده عام 2007، لم يسمح الاحتلال له بالمشاركة في تشييع جنازته .
ولد كريم يونس يوم 24 ديسمبر 1956 في قرية عارة الواقعة في المثلث الشمالي بفلسطين المحتلة عام 1948 ودرس المرحلة الابتدائية في قريته عارة، والثانوية بمدرسة الساليزيان في الناصرة، وواصل دراسته في قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة بن غوريون في النقب، وفي 6 يناير1983 وبينما كان يحضر إحدى المحاضرات التعليمية في الجامعة تم اعتقاله، ليبدأ منذ ذلك اليوم رحلة اعتقال ربما لم يتوقع أحدا وقتها أن تستمر عقودا من الزمن، وواصل كريم يونس دراسته بداخل السجون ليصبح مشرفا جامعيا على الطلاب الملتحقين في برامج الدراسة الجامعية بداخل سجون الاحتلال، وقد صدر له من داخل السجن كتابين، أحدهما بعنوان «الواقع السياسي في دولة الاحتلال عام 1990، تحدث خلاله عن جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية، والثاني بعنوان الصراع الأيدولوجي والتسوية عام 1993.
كريم يونس المناضل الفلسطيني الذي صمد في وجه الطغيان ورفض الركوع او الخنوع ودافع عن فلسطينيته بكل شرف وانتماء رافضا كل اشكال التهويد وهو نموذجا للوفاء والعهد والانتماء، إنه الإنسان الفلسطيني الصامد في وجه الجلاد مستمد قوته من ايمانه الراسخ بعدالة قضيته وقدرته على التفاعل مع الاحداث ليحول زنزانته الي حرم جامعي ويشرف على دراسات الطلاب من زملائه الاسرى في نموذج ابداعي خلاق ومازال يجسد أسمى معاني التحدي والوفاء والصبر والفداء .
تدرج كريم يونس المناضل الكبير في المواقع التنظيمية الي ان تم انتخابه عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح وبالإجماع ليشكل ظاهرة نضالية فريدة من نوعها لتكون عنوانا للأجيال القادمة ونبراسا للنضال الوطني حيث جسد المعاني النضالية السامية وكان مثالا للإنسان الفلسطيني المطالب بحقوقه وعنوانا نضاليا مهما في وجه الاحتلال الاسرائيلي الغاصب للحقوق الفلسطينية .