ذباب الاستبداد والفساد!!
تاريخ النشر: 14/01/21 | 22:46د.شكري الهزَّيل
تبدو الأمور أحيانا كثيرة خارج النص واحيانا بكامل نصها وأخرى بلا نص ولا معنى ولا فحوى عبر ازمان تزمَّنت زمانها وأماكن تمكَّنت مكانها في حياة المجتمعات والشعوب وسارت بإيقاع وبروتين يبدو عاديا وغير عاديا في حياة مجتمعات لم ترى البديل ولم تعايشة في ظل تمكن الاستبداد من زرع مخالبة وادواتة في كل التفاصيل الحياتية واليومية لهذا الشعب او ذاك الخاضع منذ قرون وعقود لسلطة الاستبداد بكل اشكالة وأنظمته اللتي تعتمد في كينونة وجودها واستمراريتها على أدوات ومنظومات تقدم الخدمات لهذا النظام المستبد او ذاك وتضمن له الاستمرارية والبقاء زمن طويل جاثما على صدور الشعوب وسالبا لحقوقها لابل سالبا للقمة عيشها في ظل عيش الملايين من البشر تحت خط الفقر والفقر المدقع وتحت سوط الجهل والتجهيل كأداة موضوعية واسمية للقمع بكل اشكاله.. كيف يعرف الانسان حقوقه وهو يجهلها بالكامل ويظن خاطئا وخانعا ان حياته مرتبطة بكرم وقوانين هذا المستبد او ذاك الاحتلال وما اكثرهم في العالم العربي ان لم نقل انهم يشكلون الأكثرية الساحقة في منظومة أنظمة الحكم من المحيط الى الخليج…مكانك عد ولا تسر الى الامام وخلفا در عبر الأجيال والازمان بكل هذه الزركشات والفبركات ووسائل الاعلام والمؤسسات الخاوية على عروشها والحركات الارتوازية البعيدة كل البعد عن طرح العدالة والديموقراطية كاسلوب تقتدي به الشعوب العربية وتعيش في ظل قوانينة ومعطياتة!!
الثورات الشعبية ارتبطت تاريخيا بمعطيات سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها تشكلت على الأرض مثل وجود احتلال اجنبي او وجود ظلم واستبداد أدى الى نتيجة الانفجار الشعبي الثوري ضد رموز ومقومات الاحتلال او الاستبداد وهذا ما جرى في بلدان كثيرة ومن بينها بلدان عربية ثارت على الظلم كما جرى في السنوات الماضية من ثورات اطلق عليها اسم ” الربيع العربي” ومن ثم تم الالتفاف عليها عبر ما سمي ب “الثورات المضادة” التي اعادت نموذج استبدادي قمعي لم يعهده العالم العربي من قبل كما جرى في مصر في اعقاب ثورة 25.يناير2011 وجرى في سوريا وليبيا واليمن والسودان والجزائر والنتيجة كانت اما حكم عسكري استبدادي او ميليشيات مسلحة تقاسمت هذا البلد او ذاك في اعقاب سقوط النظام او استيلاء رمز ما تابع للسلطة البائدة على الحكم عبر انتخابات شكلية وبالتالي تمت إعادة الاستبداد بأشكال جديدة وبفحوى قديمة وهي الحديد والنار والقمع لكل من تسول له نفسة بانتقاد النظام وخاصة في مصر الدولة العربية الأكبر الذي حولها النظام الى سجن جماعي قمعي لأكثر من مئة مليون مصري وعن سوريا وما جرى ويجري فحدث بلا حرج عن بلد مدمَّر نزح عنة ملايين السوريين هروبا من حرب النظام على الشعب وما يجري في لبنان امر فيه كل العجائب حيث حَّول الطائفيون والفاسدون هذا البلد العربي الى هيكل “عظمي” منخور من الداخل وينزف اقتصاديا وبشريا وعن الجاري في اليمن فهو كله وجله نتيجة حتمية لنظام قبلي ميليشي فاشل وحرب مدمرة شنها ويشنها النظام السعودي المستبد على اليمن بحجة محاربة الحوثيون المدعومون من قبل ايران..الاستبداد قد يكون متفاوت في الشكل والمنظومة لكن كله في الفحوى واحد من المحيط الى الخليج وعبارة عن أنظمة استبدادية تنطوي تحت مظلة مؤسسات وتحالفات مثل الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي!!
نلحظ بكل وضوح إعادة هيكلة الاستبداد الجماعي المنطوي تحت مؤسسات سميت بتسميات مختلفة لكن فحواها ومعناها واتحادها أيضا على أساس الاستبداد والبطش بالشعوب وهضم حقوقها وما يسمى بالجامعة العربية او مجلس التعاون الخليجي عبارة عن تحالف أنظمة دكاكين ومزارع خاصة يحكمها الاستبداد بشقة ” الجمهوري” المخادع وبشقة ” الملكي العائلي” الرجعي وكلاهما الجمهوري والملكي أنظمة مستبدة لا علاقة لها لا بدستور ولا قوانين ولا حقوق ديموقراطية تتمتع بها الشعوب القاطنة داخل جغرافيا وديموغرافيا هذا البلد العربي او ذاك!!
تحدث الكثيرون عن ظاهرة الذباب ” الالكتروني” ومن يقف وراءها على وسائل التواصل الاجتماعي لكن في الحقيقة هذه فقط كتيبة من كتائب منظومة الحكام المستبدة في العالم العربي التي تحاول السيطرة على مفاصل ومنافذ “تنفس” الانسان العربي سواء سياسيا او اجتماعيا او اقتصاديا واعلاميا وبالتالي ماهو واضح ان جيوش وكتائب ذباب الاستبداد والفساد قد اخذت مواقعها منذ زمن وقامت وتقوم بالدور المناط بها داخل المنظومات التي تصب في المحصلة في خدمة الأنظمة وهذه المنظومات والمؤسسات عبارة عن أطر عسكرية وامنية واقتصادية وسياسية وإعلامية وهذه الأخيرة هي الأخطر حين نكتشف ان الاعلام العربي الرسمي عبارة عن مرتزقة أنظمة والاعلام الخليجي ذباب بلاط وفضائيات النفط والمحميات الامريكية عبارة عن اعلام مرتزقة مُجندة من اعلاميين واعلاميات منبتها الدول العربية ووظيفتها خدمة العائلات الرجعية الحاكمة في المحميات الامريكية..!!
يعيش العالم العربي ظاهرة تقسيم الأدوار بين مفاصل وركائز منظومة الاستبداد على أساس وقاعدة السيطرة على الشعوب من جهة وضمان استمرارية نظام الحكم من جهة ثانية وبالتالي استمرار الاستبداد وتفرده بشؤون حياة الشعوب العربية…من اللافت للنظر ان احد اشكال الاستبداد والفساد نشأ في ظل حالات عربية شاذة” تحت الاحتلال” من بينها الحالة العراقية والحالة الفلسطينية لكن هذه الأخيرة تأخذ منحى خطير للغاية وهو تَّحول سلطة أوسلو الى جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين..استبداد مزدوج يعاني منه الشعب الفلسطيني : بين مطرقة الاستبداد والفساد “الاوسلوي” وسندان الاحتلال والعكس صحيح بين المطرقة والسندان..**ملاحظة عابرة وهي انه لا يمكن للاستبداد ان يكون سندا للقضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية وعلية ترتب القول استحالة دعم الأنظمة العربية المستبدة للقضية الفلسطينية والعكس هو الصحيح وهو ان هذه الأنظمة الحقت وتلحق الضرر الكبير بمقومات القضية الفلسطينية والتطبيع مع الكيان غيض من فيض من ما هو جاري من تحت الطاولة..الاستبداد حليف للاستبداد والغرب الامبريالي وليس حليفا وسندا لقضايا الشعوب.. الأنظمة العربية المستبدة لا يهمها القضية الفلسطينية لا من بعيد ولا قريب وهمُّها الأول هو البقاء والاستمرار في الحكم حتى لو كان حليفها الكيان الغاصب وداعمته الأولى أمريكا!!
عندما نتحدث عن ذباب الاستبداد والفساد فهذا يعني وجود هذا الذباب بشكله البشري داخل اطر ومؤسسات أنظمة الاستبداد الى حد نهب خزينة الدولة ومواردها وتحويلها الى حسابات خاصة بحيتان الاستبداد والفساد وهذا ما نشهده في العراق ومصر على وجه التحديد ودول عربية أخرى تتصدر قائمة الفساد العالمية حيث يتم فيها افقار الناس بالملايين فيما يستحوذ جيوش الذباب الفاسد على مصادر الثروة الوطنية سواء كانت نفط اوغاز او شكال أخرى من الثروات المنهوبة والمهدورة وعليه ترتب القول ان الذباب الفاسد ينتشر في كل المؤسسات ويتمركز ايضا في المؤسسات العسكرية والأمنية الداعمة لأنظمة الاستبداد..
لا يمكن للاستبداد العيش والاستمرار في الوجود الا في داخل بيئتة ومنظومتة المحبوكة بين خيوط الاستبداد والفساد..نحن امام ظاهرة تبادل وتكامل الأدوار في العالم العربي الذي يعيش حالة استبداد وفساد مزمنة منذ عقود تصرف فيها الحكام المُستبدون وحاشيتهم بثروات تعود ملكيتها للوطن والشعوب على انها ملك لهم فقط يشترون من خلاله ذمم الذباب التي تخدمهم في هذا المجال او ذاك فيما الشعوب تعاني الويلات من الفقر والعوز والقمع..**كيف يمكن فهم وجود ظاهرة الفقر في السعودية ودول الخليج الأخرى الغنية بالنفط فيما العائلات الحاكمة تبني قصورها وابراجها على جزر مائية اصطناعية ومع هذا نشاهد الذباب الإعلامي مساندا للنظام ويثني علية وعلى مكارمة ومحاسنة رغم انه نظام استبدادي وفاسد..لو اخذنا السودان الدولة شاسعة المساحة والغنية بالثروات الطبيعية نكتشف ان هذه الدوله الفقيرة ينهبها ذباب العسكر والاستبداد منذ عقود وما زال الامر ساري المفعول.. لا يختلف الوضع في دول المغرب العربي عن المشرق العربي حيث ينتشر ذباب الاستبداد والفساد في جميع مؤسسات هذه الدول الذي يموت ابناءها في عرض البحر غرقا في طريقهم او بالأحرى طريق هروبهم الى القارة الأوروبية بحثا عن حياة افضل بعيدة عن الاستبداد والفساد..!!
الفساد والاستبداد توأمان ملتصقان يفتكان بالشعوب العربية منذ عقود طويلة ودون محاربة هذه الظاهرة واسقاط أنظمتها ومنظومتها لن يتقدم العالم والانسان العربي خطوة نملة الى الامام وستبقى شعارات التغيير مجرد شعارات خاوية تتناقلها الأجيال دون اي اثر او تغيير في الواقع العربي المُر ونحن جميعا كنا شهاد على ثورات الربيع العربي وكيف تم الالتفاف عليها والعودة الى أنظمة حكم اكثر استبدادية وظلامية من سابقتها يقودها ويروج لها ذباب الاستبداد والفساد المنتفعون من هذه المنظومة اللتي تقمع الشعوب وتسلب حريتها وقوتها وتظهر بمظهر “قوى” اصلاح وتغيير على و في وسائل الاعلام التي يقودها ويديرها الذباب الإعلامي!!
يبدو ان عودة الثورات العربية بزخمها الجماهيري عمليا قضية وقت ونضوج ظروف سياسية تقود الى عودة الجماهير الى التظاهر ورفع شعار “الشعب يريد اسقاط النظام” في وجة الاستبداد والفساد والظلم.. ناخذ بالحسبان ان كورونا الحقت ضررا كبيرا بملايين كانوا أصلا فقراء واصبحوا اكثر فقرا في ظل وجود حكومات الاستبداد والفساد التي ستقود البلدان العربية الى هاوية بعد هاوية وخاصة على المستوى الاقتصادي والمعيشي والنتيجة ستكون اجلا ام عاجلا ثورات عربية جديدة نحن في انتظارها وانتظار التغيير… ذباب الاستبداد والفساد منظومة لابد من اسقاطها ودحرها اذا ارادت الشعوب الحرية والعيش بكرامة والشعوب اذا هبت حتما ستنتصر..!!