ضربة سياسية جديدة لإسرائيل بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 09/02/21 | 11:02أحمد حازم
القرار الذي اتخذته قبل أيام قليلة محكمة العدل الدولية في لاهاي (هولندا) اعتبار الأراضي الفلسطينية من ضمن اختصاصها القضائي، هو بلا شك ضربة موجعة لإسرائيل بصورة عامة، ولكمة مؤلمة ل نتنياهو بصورة خاصة. هذا القرار يعني أن المحكمة الدولية تستطيع فتح تحقيقات بشأن ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية. المدعية العامة فاتو بنسودا كانت قد أعلنت في كانون الأول/ديسمبر الماضي رغبتها في فتح تحقيق كامل ضد إسرائيل، ولذلك طلبت الرأي القانوني للمحكمة حول اختصاصها في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وصدر بيان عن المحكمة بالغالبية، أن اختصاص المحكمة القضائي الإقليمي يمتد إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، وهي غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
نقطة مهمة في هذا الصدد لا بد من الإشارة إليها، وهي أن فلسطين، الدولة المنضوية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية،هي عضو في المحكمة التي تأسست عام 2002، بينما إسرائيل والولايات المتحدة ليسا عضوين فيها.
الولايات المتحدة أعربت عن “قلقها العميق” حيال قرار المحكمة، الأمر الذي خيب الآمال في بايدن الذي من المفترض أن تكون له نظرة سياسة مختلفة عن سلفه ترامب فيما يتعلق بالمحكمة الدولية، لكن ما حصل هو العكس، ولم يكن مستغرباً من ردة الفعل الأمريكية السلبية على القرار، وهذا ليس بجديد على بايدن، الذي أعلن عن عدم التراجع فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل .
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أراد الثأر من المدعية العامة للمحكمة الدولية بسبب موقفها الداعم للقضية الفلسطينية. فأصدر في شهر أيلول/سبتمبر الماضي. قراراً بفرض عقوبات عليها وأيضاً على مسؤول آخر كبير في المحكمة، وذلك بعد فشل حظر التأشيرات السابق على بنسودا ومسؤولين آخرين. الرئيس الأمريكي المنتخب بايدن، لم يقم لغاية الآن برفع تلك العقوبات عن القانونية الدولية الإفريقية الولادة والتربية، رغم حثه مراراً لرفع العقوبات. وبدلاً من ذلك أعرب عن قلقه إزاء قرار المحكمة المتعلق بالأراضي الفلسطينية.
من الطبيعي جداً أن يقيم نتنياهو الدنيا ولا يقعدها بسبب هذا القرار الجريء، خصوصاً وأنه يمر في فترة سياسية حرجة لا يعرف كيف التخلص منها، بسبب فضائحه في الرشاوى. فقد وصف المحكمة الدولية، بأنها:” “هيئة سياسية وليست مؤسسة قضائية وتلحق ضررا بحق الديمقراطيات في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب”. شوف مين بحكي.
ويبدو أن نتنياهو كان يتخوف من المحكمة الدولية في لاهاي ويتوقع صدور مثل هذا القرار. ولأجل مواجهته، كما تقول صحيفة يديعوت أحرونوت، قام في السابق بتعيين أفيحاي مندلبليت مستشارا قضائيا للحكومة في حينه، كون مندلبليت، مدعي عام عسكري سابق وخبير في هذه المحكمة ورسالة الدكتوراه التي أعدها كانت حول محكمة لاهاي. لكن مندلبليت لم يستطع فعل أي شيء في هذا الإطار.
محللة الشؤون القانونية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، طوفا تسيموكي، قالت “ان المؤسسة القانونية والدبلوماسية الإسرائيلية نعتبر قرار المحكمة الدولية في لاهاي قراراً دراماتيكياً وله تأثير نفسي وتأثير على صورة إسرائيل”، وأفهمت المحللة قادة إسرائيل بأن عليهم انتظار ما هو أسوأ من ذلك بقولها:” إسرائيل تستعد لسيناريوهات سوداء، مثل طوفان دعاوي ضد أي قرار لتنفيذ أعمال بناء في المناطق المحتلة – أي المستوطنات”.
أما المستشار السياسي والدبلوماسي الإسرائيلي، ألون بنكاس، فله موقف مهم آخر مزعج لإسرائيل رغم تقليله من أهمية قرار المحكمة الدولية . فقد ذكر في مقال في صحيفة هآرتس، “إن قرار قضاة محكمة لاهاي إشكالي من الناحيتين القانونية والسياسية وينطوي على تبعات سلبية محتملة على إسرائيل. لكن هذا واقعي للأمد الأبعد”. لكنه من جهة ثانية لم ينكر الأهمية التي يتمتع بها قرار المحكمة ، إذ قال في مقاله:” أن القرار يعترف عمليا بدولة فلسطينية، وحتى أنه يرسم حدودها، وإن كان ذلك لغرض التحقيق فقط. وقد يؤدي القرار إلى تحقيق وكذلك إلى اعتقال مئات الإسرائيليين، بينهم وزراء أمن، رؤساء أركان الجيش، قادة مناطق عسكرية، عاملي الإدارة المدنية، قادة مناطق في الشرطة وحرس الحدود ورؤساء شعب في الشاباك”.
إسرائيل لديها أمل واحد فقط في إنقاذها من قرار المحكمة: المدعية العامة للمحكمة الدولية في لاهاي، سينتهي عملها في المحكمة في شهر يونيو/حزيران القادم، ولا توجد إشارات بعد عن خلفها. ولذلك تأمل إسرائيل في أن يكون المدعي العام القادم أكثر ولاءً لها. : لكن خبراء في القانون الدولي يرون، أنه إذا بدأت المدعية العامة العامة للمحكمة الدولية بإجراء تحقيقات ضد إسرائيل قبل انتهاء عملها، فإن خلفها عليه تكملة التحقيقات وليس إلغائها. والسؤال المطروح: هل تبدأ بنسودا في تحقيقاتها ضد إسرائيل وجنرالاتها قبل نهاية ولايتها؟ لننتظر.