بعيداً عن السياسة وانتخابات الكنيست بقلم احمد حازم

تاريخ النشر: 11/02/21 | 14:16

بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في أواخر ثمانينات القرن الماضي، وتفككه إلى دويلات، أصبح كل شيء مباحاً ومعرضاً للسرقة أو للتجارة في السوق السوداء. صحيح أن المواد النووية كانت الهدف الأساس “للحرامية” الكبار والمافيات، لكن فئة أخرى من (الحرامية) كان لها اهتمام من نوع آخر لا يخطر على بال أحد. فقد خطر على بال بعض الجواسيس في الاستخبارات السوفييتية، استغلال فرصة الفوضى الموجودة في الاتحاد السوفييتي بعد انهيار النظام الشيوعي، وجمع مواد تجسس كان يستخدمها جواسيس جهاز الاستخبارات السوفييتية والمعروف عالمياً باسم “كي جي بي” وعرضها للييع في أوروبا الغربية وأمريكا.

ويبدو أن دار “جوليانز أوكشنز” الأمريكية المعروفة بتنظيمها للمزادات المميزة، حصلت على اكسسوارات تجسسية سوفييتية كثيرة وقررت إقامة مزاد في مدينة بيفرلي هيلز ( ولاية كاليفورنيا) بالولايات المتحدة، لبيع بعض الإكسسوارات التي استخدمتها الاستخبارات السوفييتية خلال الحرب الباردة.
جزء كبير من القطع المطروحة في المزاد، وحسب المعلومات، كانت بأيدي جواسيس فعليين، وقد وصلت إلى الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينات القرن الماضي. وقد جُمعت في متحف “كي.جي.بي” المؤقت الذي فتح أبوابه في نيويورك في يناير 2019 لكنه أغلق أبوابه آذاك بسبب جائحة كورونا.
ويتضمن المزاد الذي يذكر الزائر بعالم أفلام جيمس بوند، كاميرات مصغّرة كان يستخدمها الجواسيس السوفييت خلال الحرب الباردة، وكاانوا يخفونها في أماكن لا تخطر على البال مثل ملابس أو قطع، أو في حقائب اليد النسائية الأنيقة، حتى في مشابك الأحزمة، مرورا بأقفاص العصافير وصولا إلى ربطات العنق وعلب السجائر. ومن الكلاسيكيات أيضا في لوازم العمل لجواسيس “كي.جي.بي”، الميكروفونات التي كانت تخبأ في قطع شتى من منافض السجائر إلى الأقلام مرورا بأطباق الخزف.
وبالاطلاع على كيفية استخدام الجواسيس السوفييت للقطع القديمة المعروضة في المزاد، يستنتج المطلع نوعية الأساليب غير الانسانية التي كانت تستخدم للنيل من الأعداء، أو حتى من المعارضين للشيوعية. فعلى سبيل المثال، يمكن الاطلاع على مظلة بطرف مسموم، تم استخدامها لقتل الكاتب البلغاري المنشق غريغوري ماركوف في لندن سنة 1978.
ومن بين القطع التي يمكن للزائر الإطلاع عليها قطعة لا تخطر على بال أحد، وهي سن مزيف يحوي سم (السيانيد)، وتم تصميمه لينكسر عندما يعضّ به بطريقة ما، بشكل يمكّن العملاء المأسورين من إنهاء حياتهم عند اللازم تفاديا للتعرض للتعذيب والكشف عن معلومات خطرة.
كما تطرح دار جوليانز أوكشنز في المزاد بقايا أخرى من الحرب الباردة، بينها دفتر العلامات المدرسية لتشي غيفارا يعود إلى سنة 1942، ورسائل موقعة بخط يده أو بيد رفيقه فيدل كاسترو، إحداها تكشف خطط التسلل في هافانا إضافة إلى قطع لها صلة بحقبة التسابق الفضائي بين الأميركيين والسوفييت.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن الروس لديهم الكثير مما يقولونه عن جواسيسهم من خلال الوثائق. فقد أقامت موسكو أيضاً معرضاً لأرشيف أكبر جاسوس غربي كان يعمل لحسابها، اسمه “كيم فيلبي”، وهو بريطاني وأشهر عميل مزدوج في العصر الذهبي للتجسس. المعرض يحمل اسم “كيم فيلبي في الجاسوسية وال حياة ” ويكشف اساليب هذا العميل المزدوج الذي استمر حتى 23 كانون الثاني/يناير 1963.
هذا الجاسوس الذي يعتبر الأشهر في تاريخ الجاسوسية أطلق عليه المؤرخون لقب “خماسي كامبريدج”، لأنه تمكن من تجنيد طلاب خمسة سابقين في الجامعة العريقة في ثلاثينات القرن الماضي وعملوا لحساب موسكو طوال عقود. وبالرغم من أن جهاز الاستخبارات البريطاني “ام آي 6” معروف بقوته وقدرته على اكتشاف العملاء، إلا أن العميل فيلبي استعصى عليهم. ولكن عندما اقترب الجهاز من اكتشافه وإلقاء القبض عليه هرب إلى موسكو حيث بقي حتى وفاته عام 1988.
وإذا كانت الحرب الباردة بين الشرق والغرب أي بين الشيوعية والرأسمالية، قد انتهت بجواسيسها وأساليبها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي بشكل عام، إلا أن العالم عملياً لا يزال يشهد حرباً اقتصادية غير معلنة لها جواسيس وعملاء من نوع آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة