حزب الله في قفص الاتهام… قراءة في اغتيال لقمان سليم – أحمد حازم
تاريخ النشر: 12/02/21 | 13:56ظهر بكل وضوح أهمية ومكانة الناشط السياسي والناشر الشيعي اللبناني لقمان سليم في المجتمع اللبناني وعلى الصعيد الغربي، من خلال حجم المشاركة الكبيرة في وداعه، والذي شارك فيه شخصيات سياسية وسفراء لدول غربية إلى جانب مفكرين وكتاب وإعلاميين من مختلف الأطياف. ولقد أحدث مقتل لقمان سليم شقاً في الشارع اللبناني ولا سيما الشيعي منه. فبعض اللبنانيين يرى فيه “شيعيا حراً” لأنه انتقد أداء حزب الله ومن حقه الإنتقاد لأن القانون اللبناني يسمح له بذلك، لكن قانون “حزب الله” يمنع توجيه أي انتقاد له ولا سيما من أبناء طائفته الشيعة. وبعض آخر يرى فيه “شخصية عميلة” خصوصا أن السفيرة الأميركية في بيروت شاركت في وداع لقمان، ووقفت بقوة في الدفاع عنه، وهذا دليل حسب البعض الآخر، على أن لقمان لم يكن سائراً في النهج الوطني، لأن الأميركيين لا يدعمون وطنياً مخلصاً لبلده، بل وفياً لهم. ومهما تكن الآراء في الشارع اللبناني، تبقى قضية لفمان قضية رأي عام محلي ودولي. والقوانين ال محلية والدوالية تحرم بشدة اغتيال مخالف لفكر الآخر.
وقد لوحظ في الوداع غياب السفير الفرنسي عن المشاركة في وداع لقمان، خصوصاً أن فرنسا تؤمن بقوة بحرية الرأي. ويرجح بعض المحللين إلى أن عدم المشاركة لم يأت من فراغ، بل لها أيضاً خلفيات سياسية. فلا تزال فرنسا تلعب دوراً رئيساً في حل معضلة تشكيل الحكومة اللبنانية وتحاور جميع الأطراف، ولا تريد المشاركة في وداع شخصية لبنانية معارضة بشدة لحزب الله الذي ينظر إلى فرنسا نظرة احترام ووقار بصورة عامة، وإلى رئيسها ماكرون بصورة خاصة، خصوصاً أن ماكرون وخلال زيارته الأخيرة للبنان التقى بقيادي كبير في الحزب.
المؤسسات الإعلامية المفروءة والمسموعة والمرئية لا تزال منشغلة بعملية مقتل الاعلامي والناشر اللبناني لقمان سليم، لما تحمله هذه العملية من معاني سياسية مخيفة، خصوصاً أن المقتول كان من أشد معارضي حزب الله اللبناني، حسب تصريحات لذويه. وإنه لشيء طبيعي أن توجه أصابع الاتهام لحزب الله، لسببين: أولهما تهديدات مسبقة بالقتل تلقاها لقمان من الحزب نفسه حسب تصريحات ذويه، علماً أن لقمان يسكن في الضاحية الجنوبية من بيروت، والتي تعتبر المعقل الأساس لشيعة حزب الله. وثانيهما معارضة لقمان الواضحة والعلنية لممارسات حزب الله في لبنان وسوريا. كما أن المنطقة التي تم فيها قتل لقمان هي منطقة خاضعة لسيطرة ميليشيا حزب الله، الذي يرصد كل التحركات هناك.
بعد مقتل لقمان سليم، هبت الصحافة بكل أط يافه ا متضامنة مع لقمان، باستثناء إعلام حزب الله، الذي شن حملة قوية ضد الذين يتهمونه باغتيال الناشط لقمان سليم، “مستخدما كل الأساليب بما فيها اللعب على الوتر الديني والمظلومية ممن يستهدفون ما أسماه الحزب المقاومة وشرعيتها”.
حتى أن مذيعة قناة “المنار” التابعة لحزب الله، اقتبست في إحدى نشرات الأخبار مقولة الإمام علي “حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق” وذلك في ختام مقدمة النشرة الإخبارية لاستنكار الاتهامات التي وجهتها وسائل إعلام لبنانية لحزب الله باغتيال الناشط لقمان سليم. وفي مثل هذه الحالات أي حالات الهجوم على حزب الله إعلامياً، فإن الجيوش الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تتولى مهمة الدفاع عته، لكن وعلى ما يبدو فإن قوة غضب الشارع اللبناني لاغتيال لقمان وتعالي الأصوات ضد سيطرة الحزب وسلاحه دفع بقيادة حزب الله إلى تكليف قناة المنار بالمبادرة لمهاجمة الصحافيين المنتقدين لحزب الله.
ويقول مطلعون على خلفية اغتيال لقمان سليم، إن حزب الله له محاولات سابقة لكتم صوت لقمان، فقد تم الاعتداء عليه أيضا من قبل مناصرين لحزب الله أثناء الانتفاضة الشعبية خلال مشاركته في ندوة داخل إحدى الخيام وسط بيروت، في خريف العام الماضي، وتعرض مراراً لتهديدات لاسيما حين تجمع العشرات أمام منزله الكائن في معقل الحزب مرددين هتافات تخوينية وشتائم ضده.
إذا، حزب الله تحت المجهر الآن، خحصوصاً وكما يقال في الشارع اللبناني وينشر في وسائل إعلام لبنانية، أن حزب الله له سوابق عديدة في اغتيال شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية، وكانت المحكمة الدولية في لاهاي (هولندا) قد أثبتت العام الماضي أن لبنانياً تابعاً لحزب الله يدعى سليم خضر عياش ضالع في عملية إغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري، وحكمت عليه بالسجن مدى ال حياة خمس مرات. ويرفض حزب الله تسليمه للقضاء اللبناني.