الرئيس عباس متخوف من البرغوثي… عروض مقابل التراجع عن الرئاسة بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 14/02/21 | 0:06في الأول من تموز/ يوليو عام 1994 كانت الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة على موعد مع قدوم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، في إطار اتفاق أوسلو، الذي وقعت عليه منظمة التحرير باعتراف دولي. ومنذ تلك الفترة شهدت الأراضي الفلسطينية جولتين انتخابيتين: الأولى جرت في العام 1996 أي بعد تأسيس السلطة الفلسطينية بسنتين. ولاثانية في العام 2006.
ومن الطبيعي في ال انتخابات الأولى، أن يكون الراحل ياسر عرفات مرشح للرئاسة الفلسطينية، كونه زعيم حركة التحرير الفلسطيني (فتح) ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ولم يكن سهلاً على أحد الترشح لمنافسة أبو عمار لعدم التجرؤ على فعل ذلك وعدم وجود أمل بسيط في الفوز ضد عرفات. لكن أبو عمار أراد أن تكون للانتخابات (صبغة ديمقراطية) . فقد تم ترتيب ترشيح السيدة سميحة سلامة خليل. وهم بذلك “ظلموها بل حرقوها سياسياً، عندما دفعوها لمنافسة أبو عمار، خصوصاً وهي غير ضليعة وقوية في السياسة، بل كانت ترأس جمعية إنعاش الأسرة في البيرة في الضفة الغربية. حركة حماس وغالبية القوى الفلسطينية قاطعت الانتخابات..
أما الانتخابات التشريعية الثانية فقد جرت عام 2006، وقد سبقت الانتخابات الرئاسية الانتخابات التشريعية، وذلك بسبب رحيل الرئيس عرفات أواخر العام 2004، وهذه الانتخابات أسفرت عن انتخاب محمود عباس كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية وكرئيس لدولة فلسطين.
والآن يتم التحضير لانتخابات فلسطينية ثالثة قد تكون الأهم منذ تأسيس السلطة الفلسطينية. ولذلك اجتمع 14 فصيلاً فلسطينياً في القاهرة فبل أيام لمناقشة عملية الانتخابات الثالثة. وبالرغم من أن الاجتماع كان يحظى بأهمية فلسطينية كبيرة خصوصاً أن المتوقع منه الخروج بموافقة شاملة على كيفية إجراء هذه الانتخابات، إلاّ أن الواضح أن المجتمعين تعرضوا للعديد من انتقادات بعض المحللين السياسيين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، على اعتبار أن المجتمعين (رتبوها مع بعضهم) ولم تتم مناقشة فضايا أساسية أبداً.
يقول الباحث والكاتب الفلسطيني الدكتور أيوب عثمان في مقال له نشره موقع العرب في الثاني عشر من الشهر الحالي:” كيف لاجتماع يلتئم بأربعة عشرة فصيلاً لا يستطيع أربابه أن يكتشفوا – جميعهم أو بعضهم – أنه لا صواب ألبتة، يمكن أن يخرج من بين ثنايا قرار هو في أصله وفي منطلقه وفي توجهه وفي مفرداته خاطئ، وللقانون مخالف، وما قيمة انتخابات قامت على مرسوم رئاسي مخالف للقانون الأساسي أولاً، ومخالف لقانون السلطة القضائية ثانياً، ومخالف لقانون الانتخاباتً ثالثاً، ومخالف للطبائع السليمة أولاً وأخيراً؟!”
الرئيس الفلسطيني يستطيع ترتيب الأوراق مع التنظيمات الفلسطينية الأخرى، فالمصالح في هذه الأيام (لدى البعض وليس الكل) هي التي تتصدر المشهد السياسي وليس المباديء. لكن مشكلة أبو مازن ليس مع الفصائل الفلسطينية بل مع شخصيات في حركة (فتح) التي يرأسها. فهناك توجيهات منه لقيادة الحركة بمنع ترشح أي شخص للرئاسة غيره. وهنا يواجه عباس مشكلة ترشح مروان البرغوثي للرئاسة. فالبرغوثي الذي يقضي محكومية بالسجن المؤبد في اسرائيل هو رمز كبير من قيادات حركة فتح، وهو محبوب شعبياً وبإمكانه نظراً لشعبيته الواسعة الفوز في انتخابات الرئاسة إذا جرت بصورة ديمقراطية وبدون تزوير.
فماذا فعل أبو مازن؟ لقد كلف حسين الشيخ عضو مركزية فتح، بالذهاب لزيارة البرغوثي في سجن هدريم ، وناقش معه موضوع تنازله عن الترشح. لكن الزيارة لم تكن فقط للمناقشة أوالإقناع بالعدول عن الترشح، بل كانت أكثر من ذلك. وحسب المعلومات المتوفرة، والتي أوردتها القناة الإسرائيلية (12) نقلاً عن مصادر فلسطينية، فإن حسين الشيخ حمل معه عرضاً يتضمن مجموعة من المزايا مقابل عدول البرغوثي عن الترشح: الحصول على المكان الأول في قائمة “حركة فتح” للانتخابات البرلمانية، وحجز 10 أماكن في القائمة وفقا لاختياره ومنح عائلته مساعدات اقتصادية.
ويبدو بكل وضوح أن الأسير مروان البرغوثي غير مقتنع برئاسة أبو مازن، وإلاّ لماذا يرشح نفسه؟ أمر آخر واضح تماماً هو تخوف الرئيس الفلسطيني من تأثير البرغوثي عليه لدرجة التأكد من أن ترشح البرغوثي يشكل خطراً علليه فأراد إسكاته أو محاولة إسكاته عن طريق (رشوة سياسية ومالية) لعل البرغوثي يوافق عليها.
صحيح أن البرغوثي لم يقدم حتى الآن ردا نهائيا على العرض، لكن ما الذي يستهدفه البرغوثي من ترشحه للرئاسة الفلسطينية وهو قابع في سجن محكوم عليه بالمؤبد؟ لا شك في أن البرغوثي يتصرف بذكاء، لأن فوزه في انتخابات الرئاسة الفلسطينية سيخلق ضجة إعلامية كبيرة على الصعيد العالمي، وسيضع إسرائيل في مأزق كبير، وتكون هناك مطالبات دولية للإفراج عن رئيس فلسطيني منتخب.
ولكن ماذا سيفعل أبو مازن لو أصر البرغوثي على تمسكه بالترشح للرئاسة الفلسطينية؟ سؤال مشروع بحاجة إلى جواب، رغم أن الرد عليه واضح ضنياً لمن يعرف ما يدور بعقل الرئيس الفلسطيني.