إنشقاق رابع جديد في حركة فتح …ومحمود عباس يلعب بالنار بقلم: احمد حازم
تاريخ النشر: 12/03/21 | 15:48يبدو أن الرئيس الفلسطيني تعلم شيئاً من الرئيس الأمريكي السابق ترامب، ولكن ليس بالمعنى الإيجابي بل السلبي. فالمعروف عن ترامب الذي ذهب بلا رجعة، وعسى أن يكون ذهابه حسب المثل الشعبي:” درب يسد ما يرد” وهو مثل يُقال في ذهاب الثقيل والمزعج والمؤذي والمكروه، عسى أن تُسد الطريق في وجهه لكي لا يعود.
لكن ماذا تعلم عباس؟ المعروف أن ترامب كان يفرض عقاباً معيناً على كل رئيس لا يطيع أوامر البيت الأبيض .بمعنى من يخالفه الرأي ولا ينفذ ما يقوله يتعرض لعقوبات. وهذا ما تعلمه محمود عباس كما ما يبدو من ترامب. الرئيس الفلسطيني، وحسب مصادر فلسطينية موثوق بها، يعتزم فرض عقوبات على كل شخصية فتحاوية تنضم لقائمة انتخابية معارضة له في ال انتخابات التشريعية الفلسطينية التي ستجري في شهر مايو/أيار المقبل والانتخابات الرئاسية في يوليو القادم.
ولا شك أن الصراع الدائر الآن داخل قيادات حركة فتح ، لم يعد من الممكن التستر عليه بسبب قوة هذا الخلاف الحاصل بين معارضة (فتحاوية) لمحمود عباس ونهجه ومجموعة مؤيدة له كونه هو الزعيم رقم واحد في حركة فتح، وفي السلطة الفلسطينية وفي منظمة التحرير الفلسطينية وهو القائد العام الأول لكل شيء. ما شاء الله عليه “جمعها من كل النواحي”.
ما يحدث داخل فتح ليس جديداً. فقد عاشت حركة فتح قبل ذلك ثلاثة انشقاقات والتاريخ شاهد عل ذلك. الإنشقاق الأول قام به القيادي في حركة فتح صبري البنا المعروف بـ (أبو نضال) عام 1974بدعم سوري، والانشقاق الثاني وقع في العام 1983 وقاده نائب قائد قوات العاصفة أبو صالح (نمر صالح) والعقيدين أبو موسى و أبو خالد العملة. وقد أطلقوا على حركتهم الانفصالية “فتح الانتفاضة”. أما الانشقاق الثالث عن فتح فقد قام به محمد دحلان وأطلق عليه”التيار الإصلاحي الديمقراطي” في حركة فتح. فبعد صراع داخل الحركة تم فصل القياديّ السابق محمّد دحلان من لجنتها المركزيّة وإنهاء علاقته معها في الثاني عشر من حزيران/يونيو عام 2011، إثر اتّهامه بقضايا فساد ماليّة، غير أن محكمة جرائم الفساد في رام الله رفضت في العام 2015 التهم الموجّهة له وأغلقت الملف. وبقي دحلان يعيش في الإمارات العربية المتحدة حتى اليوم.
الواضح للعيان أن المنافسة في الانتخابات الفلسطينية المقبلة ستكون حامية الوطيس، ولا سيما بين قائمة “فتح” الرسمية وقائمة “فتح” المعارضة الإصلاحية التي يقودها ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية لفتح وإبن شقيقة الراحل ياسر عرفات. والقدوة ليس الشخصية الاعتبارية الوحيدة، بل سيكون معه الأسير مروان البرغوثي، إذا تمت الأمور كما يجب، لأن هناك مراسلات بين الإثنين حول هذا الموضوع، حسب مصدر فلسطيني موثوق به.
ولكن لماذا يصر القدوة على التغريد خارج السرب الرسمي لفتح؟ يرد القدوة على ذلك بالقول:” أن الفلسطينيين سئموا الوضع الحالي… سواء التصرفات أو سوء التصرفات الداخلية؛ أمور مثل غياب سيادة القانون وغياب المساواة وغياب العدل”. ويرى القدوة “أن قائمة عباس لن تلبي شرط الجدارة التي تحتاجها فتح في هذه الانتخابات”. وقد طرح القدوة برنامجا يتضمن إلى جانب الأهداف المعروفة عن الدولة والقدس، مطالب مشتقة من اللحظة الفلسطينية الراهنة، وفي مقدمتها إعادة الوحدة بين قطاع غزة والضفة الغربية، وإعادة بناء منظمة التحرير، وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون ومكافحة الفساد.
وفي ظل هذا التطور كيف تنظر القيادة الفلسطينية إلى خطوة القدوة؟ الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرر فصل ناصر القدوة من عضوية الحركة ولجنتها المركزية خلال اجتماعها الأخير الذي انعقد في رام الله الاثنين الماضي، مما يكشف عمق الأزمة التي وصلت إليها قيادة عباس للسلطة وفتح ومنظمة التحرير.
وأكد مصدر فلسطيني موثوق به أن الحركة أمهلت القدوة 48 ساعة للتراجع عن مواقفه المعلنة، والتي وصفتها بـ”المتجاوزة للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدته،ا وتعتبر قرارها بفصله نافذا من تاريخه”.” وكانت ردة فعل القدوة على ذلك:” فلسطين.. أولا وأخيرا”. ولم يكتف عباس بفصل القدوة. فقد كشفت مصادر داخل الحركة في وقت سابق أن الرئيس عباس سيدفع باتجاه فرض عقوبات على ناصر القدوة، بعد قراره الترشح في قائمة انتخابية مستقلة عن الحركة.
ويرى مراقبون أن الخلافات بين قيادات فتح قد تنتهي بحركة فتح إلى المزيد من التشرذم، في ظل إصرار عباس والفريق المحيط به على هندسة انتخابات وفق مقاسهم. ومن المؤكد أن عباس يلعب بالنار، واللاعب بالنار يحرق أصابعه.