إستياء أردني من وقاحة إسرائيل… ونتنياهو يتلقى صفعة مناسبة بقلم أحمد حازم
تاريخ النشر: 15/03/21 | 11:34تعتقد إسرائيل أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء من إجراءات إزاء الأردن، انطلاقاً من عنجيتها ونظرتها العليائية تجاه هذا البلد العربي الذي عقد مع إسرائيل اتفاقية سلام منذ ستة وعشرين عاماً. والقصة وما فيها، أن ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني أراد الذهاب إلى المسجد الأقصى ليل الأربعاء الماضي، لأداء الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج، وجرى الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي مسبقاً على ترتيب الزيارة.
إسرائيل وكعادتها في كثير من الأحيان لا تلتزم بما تتعهد به وهذه صفة من صفاتها. فإذا كانت إسرائيل لا تلتزم بالقرارات والمواثيق الدولية فكيف سيكون لديها ضميراً أو شعوراً بالمسؤولية للإلتزام بترتيبات معينة، خصوصاً من قبل نتنياهو “المتقلب،” وشريكه في الحكم غانتس بشهد على ذلك.
الجانب الأردني تفاجأ بأن إسرائيل فرضت ترتيبات جديدة على الزيارة وغيرت البرنامج المقرر بشكل سيضيق على المقدسيين في ليلة عبادة وصلاة. وحسب قول نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، “قرر ولي العهد إلغاء زيارة المسجد الأقصى وأن لا يسمح في التضييق على المسلمين في هذه الليلة المباركة وأن لا يعكر صفوها، وحفاظاً على حق المقدسيين في إحياء هذه المناسبة العطرة بحرية ودون تضييق جديد”
الوزير الأردني أفهم إسرائيل بكل وضوح خلال مؤتمر صحافي، عُقد في باريس بعد الاجتماع الوزاري الرباعي في إطار مجموعة ميونخ، الخميس الماضي، “أن الحرم القدسي بمساحته كلها هو مكان عبادة خالص للمسلمين، لا سيادة لإسرائيل عليه، وبالتالي لا نقبل بأي تدخل إسرائيلي بشؤونه”.
ويبدو أن الأردن تصرف بطريقة ” أضرب الحديد وهو حامي”. فقد كان من المقرر أن يغادر نتنياهو إلى الإمارات يوم الخميس الماضي، حيث ستعبر طائرته الأجواء الأردنية، وهو بذلك بحاجة إلى إذن مسبق حسب البروتوكولات المعمول بها دولياً. لكن مكتب نتنياهو أعلن عن تأجيل زيارة نتنياهو للإمارات، وأعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، أوفير جندلمان، في بيان لاحق أن تأجيل زيارة نتنياهو جاء “بسبب صعوبات طرأت على تنسيق مرور رحلته عبر الأجواء الأردنية، وأن سبب هذه الصعوبات يعود إلى إلغاء زيارة ولي العهد الأردني إلى الحرم القدسي الشريف جراء اختلاف طرأ حول التدابير الأمنية التي تتخذ في هذا المكان المقدس “.
حتى أن نتنياهو نفسه وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الهنغاري فيكتور أوربان والتشيكي أندريه بابيس على هامش زيارة أجرياها لإسرائيل، اعترف بأن زيارته للإمارات “لم تكن ممكنة لصعوبات في تنسيق الرحلات الجوية وسوء التفاهم بسبب حادثة وقعت في الحرم القدسي”.
أن قيام الأردن بمنع مرور طائرة نتنياهو في الأجواء الأردنية هو في الحقيقة رد أردني مناسب على وقاحة إسرائيل في تعاملها مع ولي العهد الأردني، وهو رسالة واضحة من العاهل الأردني إلى إسرائيل بأن الأردن يتعامل مع الدول على طريقة “عامل كما تعامل” والأردن دافع بذلك عن كرامته في هذا التصرف.
صحيح أن ما حدث يعكر صفو العلاقات بين البلدين، لكن هذه العلاقات منذ بدايتها تتميز بالفتور. وهناك أيضاً مسألة مهمة جدلً وهي قضية الأقصى. معسكر اليمين الإسرائيلي بشكل عام يريد من الأردن الإعتراف بالأمر الواقع بمعنى بسلطة إسرائيل على الأقصى، ويعمل هذا المعسكر منذ فترة طويلة لفرض وجهة نظره على الأردن. وينطلق اليمين الإسرائيلي في رأيه من زاوية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إسحق رابين هو الذي قرر إبقاء الأقصى تحت الوصاية الأردنية وأن رابين قد مات قبل أكثر من ربع قرن، ولذلك يرى اليمين الإسرائيلي أن التصرّف في المواقع الإسلامية في القدس يجب أن يتمّ على أساس الأمر الواقع، يعني بإشراف إسرائيلي.
وفي هذه الوقت، أي في فترة التحضير ل انتخابات الكنيست المقبلة بعد أيام، فإن نتنياهو يجد نفسه أمام مطرقتين: مطرقة اليمين ومطرق الناخب العربي. فهو من جهة يرغب في كسب اصوات عربية ومن جهة ثانية لا يستطيع المجازفة بإغضاب الناخبين الإسرائيليين المتدينين واليمين بشكل عام، والذي يتزعمه نتنياهو.
من جهة ثانية، ظهر محللون يقولون أن إسرائيل تخطط لتحويل الوصية على المسجد الأقصى للسعودية في حال جرت عملية تطبيع بينهما كمكافأة للنظام السعودي، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي انتبه إلى هذه النقطة، وخلال مداخلة مع شبكة “CNN” الإخبارية يوم الجمعة الماضي، قال أنه “لا يعرف سبب هذه الافتراضات غير المنطقية وأن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي وصاية تاريخية تعود إلى الجد الأكبر للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأن الوصاية تحظى بدعم كل الدول العربية والإسلامية والعالم”
ورد الصفدي على هؤلاء الذين يحاولون الإصطياد في المياه العكرة، ويريدون خلق توتر في العلاقات الأردنية السعودية ، تأكيده على “أن الأردن له علاقة ممتازة مع السعودية، وأنهما ينسقان بخصوص القضية الفلسطينية كما يفعلون في القضايا الأخرى، وأن السعودية تدعم الوصاية الهاشمية، لأنها تاريخية”.