“المشتركة الثلاثية” الخاسر الأكبر… ماذا بعد؟ بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 27/03/21 | 13:44لم أكن تلميذاً نجيباً وذكياً في الحساب أيام الإبتدائية، لكني فهمت “الضرب” و”االجمع ” و”الطرح”. ولم أصدق يوماً ما يقوله المنجمون أو المتنبئون، لكني أصبحت مقتنعاً بتننبؤات علي سلام . فما قاله في انتخابات بلدية الناصرة عن فارق عشرة آلاف صوت بينه وبين خصمه حصل بالفعل، وما توقعه (في التلفزيون) لمنصور عباس من حصوله على خمسة مقاعد حصل من ناحية أولية والمشتركة حصلت على ستة مقاعد بالضبط كما قال،
ولو نظرنا إلى ما آل إليه الوضع المزري “للمشتركة الثلاثية” لرأينا أنها الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات. المشتركة قالت انها تدافع عن “كرامة وحقوق” المواطن العربي. لكن هذا المواطن لم يدافع عنها كما أرادت، لإنه أنزلها إلى الحضيض عددا وإلى أسفل السافلين معنوياً، وعلى المشتركة طرح السؤال: لماذا؟
الجبهة حافظت على عدد مقاعدها في الفترت الانتخابية الماضية خلال الـ 15 سنة الأخيرة بين خمسة مقاعد إلى أربعة مقاعد. لكن هذه المرة انقلب الموقف وحظيت الجبهة بمقعدين عربيين وآخر يهودي فقط. يعني يمثل العرب في البلاد على صعيد الجبهة عضوان في الكنيست. يا لها من خسارة ساحقة خصوصاً المعنوية.
في الأعوام 2003 و2006 و2009 و2013، حافظ التجمع الوطني الديقراطي على ثلاثة مقاعد برلمانية في الكنيست، حتى انضمامه للقائمة المشتركة التي ترشح من ضمنها العام 2015. وحصل على ثلاثة مقاعد ونصف مقعد بالتناوب. وفي الانتخابات التي تلتها حصل التجمع على ثلاثة مقاعد باستثناء انتخابات عام 2019 التي كان نصيب التجمع فيها مقعدان فقط. وها هو التجمع يعود إلى الدرجة السفلى بنائب واحد فقط. ما هذا التطور؟راجعوا حساباتكم.
أما الحركة العربية للتغيير فهي من الناحية العملية خرجت رابحة وإن غابت سندس صالح هذه المرة عن الكنيست. وهناك سبب لذلك: منذ مشاركة “العربية للتعيير في انتخابات الكنيست، كانت ممثلة طول الوقت بشخص الدكتور أحمد طيبي باستثناء الفترات القليلة الأخيرة التي حظيت فيها الحركة بعضوين (الطيبي والسعدي) ومرة بثلاثة (الطيبي، السعدي وصالح) . وبما أن العربية للتغيير حالفها الحظ بمقعدين، فما على الطيبي وأسامة السعدي سوى التضرع لله لشكره، لأنهما أصبحا في مستوى واحد مع الجبهة عربياً.
نتنائج الانتخابات واضحة: المشتركة حصلت على 216 ألف صوت والموحدة على 167 ألف صوت. يعني أن “الموحدة” وكما أظهرت النتائج هي الأقوى في الشارع العربي بين كافة الذين تنافسوا على مقاعد الكنيست. بمعنى أن أنصار “الموحدة” أقوى من كل مركب في المشتركة. وقد لا يروق هذا للبعض لكن هذه حقيقة. والحقيقة لا يريد أيمن عودة تقبلها. فقد ظهر في فيديو يقول منرفزاً ومكفهر الوجه:” بالرغم من كل شيء فإن (الجبهة) هي الأقوى في المجتمع العربي. كيف يا أيمن والنتائج أظهرت غير ذلك. يعني رغم ما أصابكم من انهيار لا تتحدثون بصدق ولا تخاطبون الجمهور بشفافية.
اعترفوا بالأمر الواقع، وبدلاً من الكذب على المواطن، المفروض بكم كمشتركة ثلاثية أن تدعو إلى مؤتمر صحفي شامل وتشرحوا للجمهور ما حل بكم وتخاطبوهم بصراحة وليس “بمواربة” عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انحدار قوتكم بشكل مهين.
في المجتمعات الحضارية التي يوجد فيها أحزاب متنافسة، فإن رؤساء القوائم التي تفشل أو التي تتراجع مكانتها بشكل دراماتيكي يقدمون استقالاتهم احتراماً لجمهورهم، لأنهم هم السبب في الفشل والتراجع. وهذا الأمر ينطبق على المشتركة. وما يحدث عندنا هو العكس.
وإذا “منّ” الله على الجبهة بأيمن، وطيب الله خاطر المثلث بـ “الطيبي” وبعث الله بالمنقذ سامي ليصلح ما أفسده الدهر في مجمعه، فلا جمهور “كرامة وحقوق” اقتنع بتودد الأيمن، ولا الطيبي استطاع أن يغير إلى الأحسن إن كان في مثلثه أو في مربعات المناطق الأخرى، والسامي أصبح يتيماً تمثيلاً لجمهور تجمعه في الكنيست.
والسؤال المطروح: ماذا بعد؟ أليس من الواجب عليكم وأنا أخاطب العشرة أعضاء، أن تتكاتفوا مع بعض في الكنيست وتكونوا صفاً واحداً؟ ما دمتم قد رضيتم بوجودكم في هذه المؤسسة الصهيونية على الأقل أعطوا صورة إيجابية لناخبيكم، وليس الاستمرار في البحث عن مصالح حزبية فقط.