السعودية واللعب على الحبلين…سياسة ثنائية الوجه بقلم أحمد حازم
تاريخ النشر: 01/04/21 | 8:03بعد اتفاقيتي التطبيع اللتين أبرمتهما إسرائيل العام الماضي مع الإمارات والبحرين بترتيب من الولايات المتحدة وبضغط منها، قيل الكثير وقتها، أن السعودية ستكون الدولة التالية في الخليج والتي سيتم رفع العلم الإسرائيلي فوق أراضيها. لكن ذلك لم يحصل وكانت الدولة التالية السودان وبعدها المغرب، التي واافقت على اعتراف متبادل مع إسرائيل وأيضاً برعاية أمريكية وبالتحديد حسب ابتزاز من ترامب.
فقد اقترح الرئيس الأمريكي السايق ترامب على العاهل المغربي الملك محمد السادس اعتراف الولايات المتحدة بالصحراء الغربية على أنها جزءأ من الأرض المغربية وخاضعة لسيطرتها، مقابل اعتراف رسمي من المغرب بإسرائيل. فوافق الملك المغربي فوراً بدون اعتراض، وكأن ترامب هو صاحب الحق في قضية الصحراء الغربية، التي أقرت الأمم المتحدة حق شعبها في تقرير المصير، ولكن هذا الحق ظل حبراً على ورق شأنه شأن القرارات الأممية الأخرى. أما السودان فقد اكتفى مقابل التطبيع برفعه عن قائمة الإرهاب مع “شوية ملايين” وهذا هو الثمن بمعنى “كل نظام له سعر” عند واشنطن .
إدارة ترامب راهنت على الاعتراف السعودي خلال وقت قصير، انطلاقا من تبعية السعودية لأمريكاً وانطلاقاً من العلاقات (المستورة) بين السعودية وإسرائيل. في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر الماضي، صرح يوسي كوهين رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، بأن السعودية في الطريق لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، إلا أنه رفض في مقابلة مع القناة الإسرائيلية “12”، تأكيد أو نفي اجتماعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مكتفيا بالقول: “أفضل عدم التعليق”. والمعروف أن كوهين مقرب جداً من نتنياهو ومبعوثه الشخصي السري إلى دول الخليج. حتى أن كوهين وصل به الأمر إلى تحديد وقت الاعتراف قبل انتهاء العام الماضي، لكن ذلك لم يحصل.
ومع أن تقارير كثيرة عربية وغربية أشارت الى قرب توقيع اتفاقات تطبيع بين اسرائيل والمملكة العربية السعودية، إلا أن ذلك لم يحصل لغاية الآن. فما هو السبب؟ وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية، عادل الجبير، أوضح أنّ بلاده لا تزال تصر على أنه لا يمكنها تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلا بعد توصلها إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
وفي مقابلة مع قناة “عرب نيوز” باللغة الإنجليزية بثتها في الثامن عشر من الشهر الماضي، قال الجبير: “موقفنا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني واضح ويكمن في أننا نريد حل الدولتين على أساس مبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بحيث تكون هناك دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية تعيشان إلى جانب بعضهما بعضا في سلام وأمن. وهذا يظل موقفنا”.
بدون شك، فإن كلام الجبير ليس تعبيراً عن رأيه إنما يعكس موقف السعودية في هذا الموضوع. وبالطبع يوجد لدى السعودية سبب في الإصرار على حل الدولتين. فهي من وجهة نظرها تعتبر نفسها أول دولة عربية اقترحت إلغاء لاءات الخرطوم أي “اللاءات الثلاث” التي أعلنت في قمة الخرطوم عام 1967:” لا للمفاوضات، لا للاعتراف ولا للسلام” وذلك من خلال طرحها خطة الثمان نقاط في قمة فاس في مطلع الثمانينات، والتي دعت لحل الدولتين، ولاحقا في قمة بيروت عام 2002 حيث طرحت السعودية مبادرة السلام العربية التي دعت إلى حل الدولتين والاعتراف وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي رفضت كل ذلك.
ويرى بعض المحللين، أن السعودية تقوم بدور ثنائي الوجه: فهي من جهة ترقض التطبيع مع إسرائيل قولاً ، لكن من الناحية العملية (السرية) هناك زيارات متبادلة بين ساسة سعوديين وإسرائيليين، والزيارة الخاطفة التي قام بها نتنياهو للسعودية وتم فضحها خير دليل على ذلك.
فقد كشف موقع “واللا” الاخباري العبري إن رئيس الموساد يوسي كوهين رافق نتنياهو في رحلته السرية إلى مدينة نيوم السعودية، على متن طائرة تابعة لرجل الأعمال أودي أنجل للاجتماع مع ولي العهد محمد بن سلمان. وقد عادت الطائرة إلى إسرائيل بعد خمس ساعات. وذكرت صحيفة “هآرتس” أن الطائرة قامت برحلتها إلى نيوم عندما كان من المقرر عقد اجتماع بين محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي
السعودية، وكما يبدو من خلال سياستها إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تستهدف توجيه رسالتين: الأولى للفلسطينيين أنها لن تتحلى عن حقهم في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وثانيهما إلى إسرائيل مفادها أن العلاقات بينهما جيدة ولا داعي الآن للإسراع بالإعتراف المتبادل ما دام كل شيء يسير بهدوء، وهي بذلك تضرب عصفورين في حجر واحد. وبتعبير أصح “تلعب على الحبلين سياسياً.