نظرة على خطاب منصور عباس… تمخض الجبل فولد فأرا بقلم احمد حازم
تاريخ النشر: 02/04/21 | 9:03استبشر البعض خيراً عندما سمع أن الدكتور منصور عباس سيلقي خطاباً وصفوه جماعته “بالمهم”. واعتقدنا أن سعادة النائب سيتحدث حول موضوع التحالفات فيما يتعلق بمنصب رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبل، وحول المفاوضات التي يشهدها المجتمع العربي واليهودي بخصوص الاتفاق على اسم رئيس الحكومة. حتى أن أحد أعضاء لجنة الوفاق أخبرني قبل بدء الخطاب بثلاثة دقائق أنه يتوقع من منصور عباس أن يعلن عن تفاهم بينه وبين نواب “المشتركة” ليشكلوا مع بعض تحالفاً بقوة عشرة أعضاء يكون بيضة قبان في تحديد هوية رئيس الحكومة المقبل. لكن ما حصل هو العكس تماماً.
ما توقعه الجمهور لم يحدث، وما قاله منصور عباس كان من السطحية ما يخجل حتى مستمعيه العرب. الخطاب لم يكن خطاباً موسعاَ بمعنى الكلمة، بل كلمة مختصرة فيها كل أنواع التملق للمجتمع اليهودي.
قال عضو الكنيست ورئيس القائمة الموحدة منصور عباس، في خطابه مساء أمس الخميس في فندق رمادا في الناصرة : “إن الوقت قد حان، وحان وقت الاستماع إلى الآخر، والبحث عن الحياة المشتركة”. طيب وبعدين يا شيخ منصور؟ منذ 73 سنة ونحن نسمع عنصريتهم ونشعر بتزايدها يوماً بعد يوم، وهم لا يسمعون مطالبنا. نحن نريد حياة مشتركة معهم بمساواة فهل هم كذلك؟
عباس قال وأعلام القائمة العربية الموحدة الخضراء حوله: “دولة إسرائيل تغير وجهها وترفض أن تفتح أعينها. ليس علينا أن نتفق على كل شيء، بالتأكيد سنكون منقسمين، لكننا مدينون لأنفسنا بالحق والفرصة للتعرف على كل واحد آخر.” ما هذا يا دكتور؟ هل شعرت الآن فقط أن إسرائيل تغير وجهها؟ ألا تدري أن إسرائيل منذ تأسيسها لغاية الآن هي صاحبة الوجه القبيح عربياً، وأن عينيها مغمضتين تجاه العرب ولا تريد فتحهما؟ ألا تدري ذلك؟. حقاً انها مصيبة من رجل دين وسياسي يتحدث بمثل هذا الكلام.
قل لي بربك يا شيخ منصور: لماذا أنت مدين لنفسك بالحق والفرصة للتعرف على كل واحد آخر؟ نحن نعرفهم جيدا وكانت عندنا فرصة سنوات كثيرة للتعرف على عنصريتهم وطبيعة زندقتهم وكرههم للعرب، ولماذا تريد فرصة أخرى؟ لماذا هذا التملق؟ هذه ليست من صفة رجل مؤمن بدينه وعقيدته وقضيته.
النائب عباس دعا إلى شراكة يهودية عربية، يعني تقليد ” الجبهة ” و “ميرتس”، ويبدو أنه نسي نفسه كرئيس لقائمة إسلامية. وقال: “على عكس كل السياسيين الذين انخرطوا في الانتخابات ، لم أستبعد أحدًا” كيف يعني؟ فهّمنا اياها لو سمحت؟.
منصور عباس لم يتوخ الصدق عندما قال في خطابه:” “جئت لأمثل جمهور 20٪ من مواطني إسرائيل” هذا كلام غير صحيح بتاتاً. أنت تمثل حوالي 9 بالمائة من جمهور العشرين بالمائة فقط. وإذا كانت “المسؤولية والقيادة مطلوبان في هذا الوقت” فلماذا لا تعمل بهما خصوصاً أنك تعتبر نفسك قائدا ومسؤولاً؟
حتى أن عباس تنكر لفلسطينيته في خطابه واكتفى بالقول “أنا عربي فخور” وهذا يؤكد اعتناقه للصفة التي ابتدعتها إسرائيل لفلسطينيي الـ 48 وهي “عرب إسرائيل” لإبعاد كلمة فلسطينيون من الذاكرة الفلسطينية. وأراد عباس أن يلفت نظر أحفاد هرتسل بأنه رجل محب جداً للسلام إذ قال:” أنا أدافع بقوة عن السلام والأمن المتبادل”. ولكن عن أي سلام تدافع يا سعادة النائب وعن أي أمن؟ يا ريت تتكرم وتشرح لنا ذلك.
آمال مستمعيه العرب، الذين توقعوا أن يتضمن خطابه موقفاً واضحاً وجليا حول ما يقال ويشاع بشأن موضوع تأييد الموحدة ل نتنياهو ، لكن عباس اختار أن يظل هذا الموضوع مبهماً ويبقى حسب القول المعروف “كل شي بوقتو حلو”
منصور عباس تجاهل كلياً الحديث عن التوصية بشأن رئيس الحكومة المقبل وترك هذا الأمر مفتوحا للمناورة مع اليمين ومع اليسار. صحيح أن عباس قال بالحرف الواحد: “لا أريد أن أكون جزءًا من أي معسكر يمينًا أو يسارًا، وأنا في معسكر الذين اختارني”. إلا أن كلامه يبقى في إطار “طق الحنك والكلام الفارغ” ليس أكثر.
وفي حقيقة الأمر فإن خطاب عباس لم يسفر عن أي شيء، ولكن “تمخض الجبل فولد فأراً”، ويا ريت الدكتور منصور ما حكى.