نتنياهو في وضع صعب.. من سينقذه ومن سيفشله بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 03/04/21 | 22:05يعيش بنيامين نتنياهو هذه الأيام حالة عصبية لا مثيل لها، لأنه لم يجد بعد طريقة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية. فأنصاره من اليمين مع الثلاثين نائباً لحزبه لا يشكلون النصاب القانوني لتشكيل الحكومة، أي 61 نائباً من مجموع المائة وعشرين نائبا في الكنيست، وهو بذلك بحاجة لخصمه من نواب يمين آخر ومن نواب عرب. ولذلك تراه دائماً يخرج من اجتماع إلى آخر وعلامات الإرتباك والنرفزة بادية على وجهه.
حتى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أبدى اهتماماً بإشكالية تأليف حكومة إسرائيلية، رغم اهتمامه وانشغاله بمشكلة تأليف حكومة لبنانية من خريف العام الماضي. فقي حفل تأبين الراحل القاضي الشرعي الوطني النهج الشيخ أحمد الزين، قال نصر الله: “إن وضع نتنياهو صعب بسبب احتمالية عدم قدرته على تشكيل حكومة، وال انتخابات تعكس عمق أزمة القيادة غير المسبوقة في إسرائيل، والتي تشمل فقدان ثقة الجمهور وانقسامًا صعبًا في القيادة”.
زعيم حزب الله على حق في وصفه للوضع الانتخابي في إسرائيل. وبالفعل فإن نتنياهو يتخبط يمنة ويسرة، ويحاول بكل ما أوتي من قوة أن يضمن ألواحد وستين نائيا للإستمرار في رئاسة الحكومة، لكن ذلك ليس بالأمر السهل. فأمامه الآن خصمان قويان: خصم يميني من جلدته، وخصم آخر (مشكّل). نفتالي بينيت زعيم حزب “يمينا” و جدعون ساعر رئيس حزب “تكفا حدشاه”. يمينيا التوجه. الأول خصم تقليدي والثاني منشق عن الليكود. إضافة إلى أفيغدور ليبرمان اليميني رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”.
نتنياهو استغاث بالإثنين ودعاهم متوسلاً، إلى تشكيل ما أسماه ” حكومة يمينية مستقرة”. نتنياهو المعروف عه استخدامه لهجة الكبرياء والغطرسة، كان هذه المرة وديعاً في كلامه مع الإثنين، وطبعاً “لحاجة في نفس يعقوب”. فقد قال في تصريح له:”ليس سرا أن لدينا خلافات على مر السنين، لكننا عرفنا كيف نتغلب عليها ونعمل معا، دعونا نشكل حكومة يمينية مستقرة تستمر لسنوات،العودة إلى البيت إلى مكانكم الطبيعي، هذا ما يجب ان يحصل”.
لكن العين التي يرى بها “بيبي” هي ليست العين التي “يبحلق” بها ساعر، او تلك التي “يبصبص” بها نفتالي، أو التي “يقشع” بها ليبرمان. صحيح أن الأربعة رضعوا حليب اليمين ونشأوا وترعرعوا على مبادئه، لكن المصالح تطغى على الحزبية. ساعر لم يلتزم الصمت إزاء تصريح نتنياهو، بل استخدم طريقة “أضرب الحديد وهو حامي”. فقد رد على مطلب نتنياهو بتشكيل حكومة يمينية مع الليكود: إنه لا ينوي الانضمام إليها. وقال ساعر:” سأفي بالتزامي تجاه الناخب، ولن انضم الى الحكومة التي يرأسها نتنياهو ولن اؤيدها”. حتى أن ساعر أفهم نتنياهو بأن “استمراره في الحكم يضر بإسرائيل وأنه ” يفضل مصلحته الشخصية على مصلحة الدولة”.
نفتالي بينيت أفهم أيضاً نتنياهو بكل وضوح، أنه “يهتم بالمواطنين وليس بالمقاعد المضمونة وأنه سيواصل بذل قصارى جهده لإقامة حكومة جيدة ومستقرة تنقذ إسرائيل من الفوضى”. إذاً موقف بينيت واضح فهو لا يريد ائتلاف مع نتنياهو. وليبرمان مصر على الابتعاد كلياً عن نتنياهو وله العديد من التصريحات الرافضة للإنضمام لحكومة برئاسة نتنياهو.
لكن، رغم تصريحات ساعر وبينيت، وليبرمان، فإن المواقف السياسية ولا سيما في إسرائيل تتقلب باستمرار، وعندنا من التجارب ما يكفي. ألم يقل غانتس ذات يوم أنه ضد نتنياهو وبريد تشكيل حكومة؟ وبالتالي انضم لنتنياهو وخدع مناصريه. وقد يغير ساعر وبينيت موقفهما. لكن الواضح الآن انهما ليسا مع نتنياهو.
ويبقى النواب العرب هدف نتنياهو وبالتحديد نواب “القائمة العربية الموحدة ” التي يرأسها النائب منصور عباس. ولو نظرنا إلى “فلسفة” عباس بشأن رئيس الحكومة القادم، فإنه مثل الذي يفسر الماء بعد الجهد بالماء. هو يفول:” أنه في معسكر من انتخبوه وليس في معسكر اليمين أو اليسار. طيب فهمنا. السؤال المطروح : من ستوصي يا دكتور منصور بتشكيل الحكومة؟ جواب منصور عباس:” من هو على استعداد لتحقيق مطالب شعبنا”. سننتظر وسنرى من سيحقق لك مطالبك. وبالتوفيق إن نجحت.
نتنياهو وفي محاولة منه لجذب الصوت العربي، تعهد بتسيير رحلات جوية من تل أبيب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج. لكن السعودية ردت على نتنياهو بأسلوب الرفض المبطن للإقتراح. ففي حديث مع قناة “CNN” أول أمس الخميس، تعليقا على تعهد نتنياهو، قال وزير الخارجية السعودي فرحان بن فيصل: ” هذا الموضوع يعتمد بحد كبير على التقدم في عملية السلام”. وسبق أن تعهد نتنياهو، يوم 21 مارس، قبل يومين من الإنتخابات الإسرائيلية، بإطلاق رحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى مكة في حال فوزه.
المشهد الإسرائيلي غير مريج كليا لنتنياهو، وقد يساعده الحظ والتقلبات في المواقف في مواصلة عمله كرئيس للحكومة الإسرائيلية. ولكن إذا تمسك كافة الرافضين لنتنياهو بموقفهم من يمين وغير يمين وشكلوا جداراً أمام نتنياهو لمنعه من تشكيل حكومة، قسيكون السجن حتماً وجهته المقبلة وليس مقر رئاسة الحكومة.