مروان البرغوثي …سجين يتحدى عباس بقلم احمد حازم
تاريخ النشر: 04/04/21 | 14:23التاريخ سجل ثورات وانتفاضات شعوب على الظلم والإضطهاد، وسجل مآثر حركات تحرر في هذا العالم المليء بالظلم والإستعباد، لكنه لم يسجل ولا مرة واحدة حكاية مناضل محكوم بالمؤبد خمس مرات يرشح نفسه ل انتخابات رئاسة، كما يفعل المناضل مروان البرغوثي.
المناضل الذي أفنى حياته من أجل شعبه، يفكر بخدمة وطنه حتى وهو في السجن المؤبد. فقد قرر ابن حركة فتح وأحد قادتها البارزين خوض انتخابات الرئاسة الفلسطينية من داخل زنزانته في أحد السجون الإسرائيلية. الخصم هذه المرة ليس يهودياً محتلاً ، بل من أبناء جلدته وحركته. خصمه السياسي هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي حاول كثيراً منعه من الترشيح فلم يستطع.
في الساعات الأخيرة من تقديم لوائح الانتخابات اتخذ مروان البرغوثي قرار الترشيح. هذا القرار أثلج قلوب الفلسطينيين لأن مروان له مكانة عالية وتقدير كبير لديهم. القياديان الفلسطينيان مروان البرغوثي وناصر القدوة، اتفقا على تشكيل قائمة واحدة منفصلة عن قائمة “فتح” المركزية لخوض الانتخابات التشريعية، تحمل اسم “الحرية” تضم 60 مرشحا على رأسهم القدوة وفي المكان الثاني المحامية فدوى البرغوثي زوجة مروان. هدف هذه القائمة: تغيير النظام السياسي الفلسطيني الذي يتبعه الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وكانت القيادة الفلسطينية قد أوكلت القيادي الفتحاوي حسين الشيخ التفاوض مع البرغوثي بشأن القائمة الانتخابية لفتح، في محاولة لاسترضائه وثنيه عن الترشيح، مقابل إغراءات لكن مفاوضات الشيخ لم تنجح.
ألبرغوثي متمسك بقرار الإستمرار في ترشيحه للرئاسة الفلسطينية. ويرى مراقبون سياسيون أن إصرار البرغوثي يعني توجيه ضربة موجعة لعباس، لأن خسارة عباس في الانتخابات ستكون شبه مؤكدة نظراً للثقل الذي يحظى به البرغوثي في الشارع الفلسطيني، وكونه يمثل رمزا لدى قطاع عريض من الفلسطينيين.
وليس من المستبعد أن يتعرض البرغوثي لنفس مصير ناصر القدوة، بعد الإعلان عن عزمه خوض الانتخابات بقائمة انتخابية مستقلة عن فتح تحت اسم “الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني”، ما نتج عنه فصله من حركة فتح. وبررت اللجنة المركزية للحركة الخطوة بـ”تجاوز (القدوة) النظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها. وكل شيء جائز، لكن فادة في حركة فتح يدركون أن هذه الخطوة ستزيد من إضعافها.
وبالرغم من تبجح بعض القادة الكبار لحركة فتح بأن الحركة قوية، وأن قائمة البرغوثي لن تؤثر على القائمة الرسمية للحركة برئاسة محمود عباس، إلا أن الحقيقة هي غير ذلك في ظل مواجهة عباس لأكثر من خصم فتحاوي إضافة إلى لوائح أخرى لمعارضين له. حتى أن جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح “شبه بطريقة غير مباشرة الرئيس الفلسطيني بالرسول الكريم. فقد قال: “حتى مع نبينا محمد كان هناك من فقد الإيمان”، مضيفا “فتح قوية”.
الانتخابات الفلسطينية المقبلة والتي سجل فيها 31 فصيلا فلسطينيا قوائم انتخابية لدى لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، سيكون فيها ثلاث قوائم لحركة “فتح”: قائمة محمود غباس، قائمة البرغوثي وقائمة محمد دحلان. وقد أظهر استطلاع رأي أجري مؤخرا، أن قائمة البرغوثي ستهزم قائمة عباس، إذ قال 28% ممن شملهم استطلاع الرأي إنهم سيصوتون لقائمة البرغوثي، في حين قال 22% إنهم سيصوتون لقائمة عباس.
على أي حال، ليس مستبعداً أن يعيد الرئيس الفلسطيني حساباته، خصوصاً أن المؤشرات الحالية للإنتخابات تدل على أنه سيخرج منها بلقب خاسر. وبناءً عليه فإن محمود عباس بالتالي يقف أمام طريقين لا ثالت لهما: إما إلغاء الانتخابات أو تزوير نتائجها. وبالنسبة للإلغاء فالأجواء مؤاتية له بشأن الموقف غير الواضح من إسرائيل فيما يتعلق بأهل القدس الشرقية، لكنه سيصطدم مع الموقفين الأممي والأوروبي المصران على إجراء الإنتخابات.
الوزير الفلسطيني السابق غسان الخطيب، استبعد أن يذهب عباس إلى إلغاء الانتخابات وان أفضل أمل بالنسبة إلى عباس هو أن تتدخل السلطات الإسرائيلية في الانتخابات، حسب رأيه. أما المحلل السياسي الإسرائيلي غال برغر، فيرى “أن محمود عباس يستطيع بمرسوم واحد، أن يوقف كل شيء أو يؤجله أو يلغيه بحجة أو بأخرى، كأن يقول إن إسرائيل لا تسمح له بإجراء انتخابات في القدس الشرقية”. وإذا تم إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد فلن يضمن أبو مازن نجاحه إلا في عملية تزوير متقنة مع أصحاب الإختصاص (بالحرمنة) من حوله وما أكثرهم.
الفرصة الآن مؤاتية للرئيس الفلسطيني أن يكون حكيماً ويعود إلى رشده ويقدم استقالته وينهي حياته السياسية (بشرف؟!) لأنه في وضع صعب جداً مع تيارات “فتح” المعارضة لسياساته كونه لم يعد قادرا على إعادة احتواء هذه التيارات، وهو لا يحظى بدعم كل أعضاء اللجنته المركزية لفتح، والأهم من ذلك رصيده الشعبي المتدني في الشارع الفلسطيني. فهل تفعلها يا أبا مازن؟