منصور عباس الواقف بين العلمين الإسرائيليين.. فضيحة أم رسالة مقصودة؟ – أحمد حازم
تاريخ النشر: 23/04/21 | 17:33ذكرت في مقال سابق لي على صفحات هذا الموقع أن منصور عباس يتمتع بموهبة معينة في التعامل، يسميها البعض ذكاءً وبعض آخر يرى فيها “لعبا على وتر المصالح” التي يطلقها عباس متى يشاء. وفي كلا الحالتين فإن الدكتور منصور “شاطر وبعرف يلعبها”. الهيئة العامّة للكنيست شهدت مساء الاثنين الماضي حدثاً يجب التوقف عنده. هذا الحدث يتعلق بموقف “الموحدة” التي يشرف على تسييرها وإدارتها سياسياً د.منصور عباس. فقد صوتت القائمة العربية الموحّدة ضدّ اقتراح قانون قدّمه حزب الليكود بشأن اللجنة التنظيمية في الكنيست، وسقط الاقتراح في اللحظات الأخيرة.
الموحدة أصدرت بياناً حول هذا الموضوع في التاسع عشر من الشهر الحالي، جاء فيه أنّ “ما حدث اليوم في التصويت على تشكيلة اللجنة المنظمة في الكنيست يؤكد ما قلناه منذ البداية أننا لسنا في جيب أحد، وأن همنا الأول والأخير هو قضايا ومطالب مجتمعنا العربي، ومن شكك في ذلك أخذ اليوم الجواب”، تعالوا نفحص مضمون البيان وخلفيته:
بالتأكيد كان بإمكان “الموحدة” التصوت لجانب قرار الليكود أي لصالح نتنياهو ولكن منصور عباس تراجع في اللحظات الأخيرة. والسبب هو موقف سموتريتش وبن غفير اللذين يرفضان كلياً العمل مع عباس، الذي أراد توجيه رسالة تأديبية لنتنياهو وجماعته من اليمين بأن “الموحدة” هي “بيضة قبان” مهمة لا يمكن تجاهلها وهو درس أولي ليفهمه نتنياهو ليعيد النظر في حواره مع زملائه في اليمين والضغط عليهم لقبول عباس “وإلا ما في حكومة”.
الليكود عقد صفقة مع حزب يمينا في اللحظات الأخيرة يكون وفقها حزب “يمينا” هو بيضة القبان بينما تخرج الموحدة من دائرة التأثير ولا تكون هي بيضة القبان. وهذا ما أزعج عباس ودفعه لتأييد لبيد وفشل اقتراح الليكود وتبقى الموحدة بيضة القبان”. ما شاء الله المهم لدى الموحدة “بيضة القبان”.
في الأول من شهر نيسان/أبريل الحالي عقد عباس مؤتمراً صحفياً في فندق رمادا في الناصرة ألقى خلاله خطابا سبب له انتقادات واسعة، وقتها كان العلم الإسلامي الأخضر شامخا على يمينه وعلى يساره. لكن في مؤتمره الصحفي الذي عقده في التاسع عشر من الشهر الجاري في الكنيست كان المشهد مختلفاً صورة ومضموناً. ففي مؤتمره الصحفي الأخير كان عباس يتحدث بفخر وشموخ وهو بين علمين إسرائيلييين كبيرين والشمعدان وراءه. شي ملفت للنظر يا دكتور. مشهد رائع(؟!). هذا المشهد له أبعاداً سياسية بطبيعة الحال، وإلا لماذا اختار عباس هذا المكان؟ الخلفية السياسية لهذا المشهد أضعه أنا في إطار الولاء والإنتماء. فالدكتور منصور إسرائيلي الجنسية ورئيس قائمة (إسلامية جنوبية) لها ممثلين في الكنيست الإسرائيلية، بمعنى أنه ابن هذه الدولة شئنا أم أبينا، صحيح أن الجنسية فرضت عليه فرضاً، لكن الكنيست والولاء والإنتماء خيار. البعض وصف وقوف عباس بين العلمين الإسرائيليين فضيحة وبعض آخر قال ان ذلك رسالة مقصودة موجهة لذوي الأمر.
د.عباس قالها صراحة في المؤتمر: ” أن الموحدة لا تستثني أي احتمال لتشكيل الحكومة وأن كل الاحتمالات ممكنة، حتى حكومة بقيادة نتنياهو أو بينيت” . هذا يعني أن الموحدة مع “الحيط الواقف” بمعنى أن منصور عباس يسير حسب المصالح وليس حسب مبدأ.
الإعلام الإسرائيلي الرسمي وأيضاً الإعلام العبري بشكل عام، يبدي منذ فترة ليست بقصيرة اهتماما كبيراً بالدكتور منصور عباس. وعلى سبيل المثال تم قطع نشرات إخبارية باللغة العبرية للحديث عن خطاب عباس الأخير والذي صادف في يوم (كذبة نيسان) الحالي. موقع “تايمز أوف إسرائيل) الرسمي فاجأ الجمهور بأنه مهتم أيضاً بمدير حملة “القائمة العربية الموحدة” عايد كيال، لدرجة أن المقابلة التي أجراها معه الموقع ونشرت في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، تميزت بأمرين: أولهما وضعها كخبر أول رئيس وثانيهما المساحة التي تم تخصيصها للمقابلة. اهتمام لا يحظى به سوى شخصيات معروفة. “كلو منشان عيون الدكتور”.
عايد كيال استخدم أسلوب مدح “بمعلمه” يكاد يصل إلى الأوحدية. فالدكتور عباس بنظر كيال لم يخلق الله له سياسياً مثيلاً عندنا في المجتمع العربي. فقد قال في المقابلة بالحرف الواحد:”لا يوجد شخص آخر مثل منصور على الخريطة، فيما يتعلق بالسياسة العربية في إسرائيل”. طيب ليش يا عايد؟ ماذا فعل الدكتور عباس للمجتمع العربي الفلسطيني في البلاد لغاية الآن غير التصريحات؟ والتي من ضمنها شعار”بيضة القبان” و ” لا في جيب اليمين ولا في جيب اليسار”. هذا كل شيء. وعلى هذا تريدون أن تصنعوا له تمثالاً ذهبياً؟
ولو أن الوضع السياسي في إسرائيل أدى إلى إجراء انتخابات خامسة فإن ذلك سيكون مفيداً جداً “للموحدة” حسب رأي كيال. فقد ذكر في المقابلة:”سوف تحصل القائمة الموحدة على 20% إضافية من الناخبين مما حصلت عليه في هذه الجولة. نهج عباس جريء وجديد وقد استغرق الأمر وقتا حتى يعتاد الناس عليه”.عايد كيال مسح كل ساسة المجتمع العربي عن الخريطة السياسية، حيث اعتبرهم لا شيء أمام القادم من طب الأسنان، وكأنه “المنقذ المنتظر” للمجتمع العربي. وفعلاً شر البلية ما يضحك.