تصريحات سلام حول نتنياهو.. حالة شاذة أم مصلحة للناصرة؟ بقلم: الإعلامي أحمد حازم
تاريخ النشر: 01/05/21 | 16:22ذكرت في مقال سابق أن ما يجمعني برئيس بلدية الناصرة علي سلام (أبو ماهر) هو الاحترام المتبادل وحالة من الود الذي يرجع إلى سنوات طويلة قبل توليه منصب رئاسة بلدية الناصرة. ولغاية اليوم نتعامل مع بعض على هذا الأساس. لكن ما يلفت نظري في الفترة الأخيرة هو “حالة العشق” الكبير التي يعبر عنها أبو ماهر دائماً تجاه صديقه نتنياهو في كل مرة تتوفر فيها الفرصة له للحديث عنه. “المحبة من الله يا بيبي”.
يستغرب البعض من تصريحات علي سلام تجاه نتنياهو ويرى فيها خروجاً عن المألوف العربي، وبعض آخر يتظر إليها بعين أخرى تجسد النظرة الواقعية وهي نظرة تعكس العلاقة بين رئيس بلدية ورئيس حكومة. فما المانع أن تكون هذه العلاقة جيدة؟ وبالتالي فإن رئيس البلدية من ناحية رسمية مرتبط بصورة مباشرة مع رئاسة الحكومة وهو بحاجة له.
وهؤلاء المؤيدون لمحبة علي سلام لنتنياهو يرون أن سلام له مصلحة من وراء تقوية العلاقة مع نتنياهو، وهذه المصلحة ليست شخصية إنما عامة أي لمصلحة البلدية. فرئيس الحكومة يستطيع تقديم ميزانيات إضافية للبلدية الأمر الذي يساعد في تطوير المدينة، وأبو ماهر يتعامل مع نتنياهو على هذا الأساس. طبعاً هذه وجهة نظر نحترمها. لكن هناك وجهة نظر أخرى يتطلب الأمر الإشارة إليها واحترامها أيضاً، على أساس وجود رأي ورأي آخر ومن حق الناس وضع الرأيين تحت مجهر الحقيقة.
لا شك أن الناصرة وعلى مر التاريخ مشهورة بمواقفها الوطنية ضد اليمين الإسرائيلي. ورئيس الحكومة الحالي هو رئيس حزب يميني معروف بعنصريته ضد العرب اسمه حزب “الليكود”. علي سلام اختار أن يغرد خارج السرب ويمدح نتنياهو وهذه سابقة في تاريخ رؤساء بلدية الناصرة. والأمر لا يتوقف فقط على المديح من قبل علي سلام بل تجاوز حدود ذلك لدى نتنياهو الذي وحسب خبر بثه راديو “مكان” قي مطلع شهر شباط/فبراير الماضي: ” أن رئيس بلدية الناصرة علي سلام كشف النقاب عن ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عرض عليه تولي أي منصب وزاري يختاره والمكان الرابع في قائمة الليكود ولكنه رفض”. وتفسير ذلك هو أن علي سلام له مكانة لدى نتنياهو أهم من مكانة قادة معروفين في حزب الليكود رفاق نتنياهو منذ سنوات طويلة لكن (بيبي) يفضل سلام عليهم. هكذا يفهم من كلام أبو ماهر.
حتى أن مراسل وكالة الأنباء العالمية “رويترز” ذكر في تقرير له في الحادي عشر من شباط الماضي بعد استقبال علي سلام لنتنياهو في بلدية الناصرة خلال فترة التحضير للإنتخابات الأخيرة، “: قليل من الساسة العرب على مدار تاريخ إسرائيل هم الذين سعوا صراحة لخطب ود اليمين الإسرائيلي أو أقروا بتأييد مرشحه الرئيسي لمنصب رئيس الوزراء”.
فما الذي دفع مراسل رويترز للحديث بهذا الشكل؟ طبعاً تصريحات أبو ماهر هي الدافع الرئيس . فعندما يقول سلام ” إنه لا يرى خيارا أحسن للعرب من نتنياهو” وعندما يقول علانية:” “نحكي بصراحة ووضوح: زمن بيبي أحسن وضع اقتصادي وتحسن بالوسط العربي”. وحتى أن سلام ذهب إلى أبعد من ذلك في مدحه لرئيس حزب الليكود بقوله:” “بيبي، إذا بتسألني، أحسن واحد يكمّل كمان خمس سنين”.
ويبدو أن رئيس بلدية الناصرة علي سلام مؤمن جداً بشخصية نتنياهو ومقتنع بممارساته السياسية تجاه المواطنين الفلسطينيين في هذه الدولة الوحيدة في العالم التي تبنى (برلمانها) المسمى كنيست قانوناً عنصرياً ضد من هو غير يهودي أسموه قانون القومية. لكن وعلى الأكثر فإن علي سلام يصدق ما صرح به نتنياهو للزميل فايز شتيوي في برنامج “مواجهة” في العشرين من آذار/مارس الماضي قوله:” إن قانون القومية لم يسن ضد العرب بل ضد دخول اللاجئين الأفارقة إلى إسرائيل بشكل غير قانوني”. وبالرغم من أن اللغة العربية كانت لغة رسمية في البلاد وجاء قانون القومية يقول ان اللغة العبرية هي فقط اللغة الرسمية إلا أن نتنياهو يصر على أن هذا القانون ليس ضد العرب، لكن الحقيقة هي عكس ذلك ونتنياهو يعرف هذا الأمر وعلي سلام يعرف هذا أيضاً.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن اعتبار تصريحات علي سلام إزاء نتنياهو حالة شاذة خارجة عن الإطار الوطني مرفوضة شعبياً أم أنها تصرف رسمي يبتغي سلام من ورائه لما هو خير البلد، على أساس المثل العربي القائل: ” ببوس الكلب من تمو لآخذ حاجتي منو”. ؟ سؤال مشروع.