إنطلاق مشروع “قلب البلد”في بلدان الداخل
تاريخ النشر: 02/05/21 | 17:23انتشر مفهوم “صناعة المكان- Place Making” دوليًا كنوع من الرد على أفكار حركة التخطيط الحديث Modern Planning، التي بدأت منذ عشرينات القرن الماضي وأدت إلى تغيير كبير في هيكلة المدن وطبيعة الأماكن. وهدف المفهوم إلى إعادة تصميم وتخطيط الأماكن العامة باعتبارها قلب المجتمع، بشكل يعزز الارتباط بين أفراد المجتمع وبين الأماكن التي يتشاركون فيها، حيث تم تطبيق المفهوم بشكل تعاوني خلاله يتم إعادة تشكيل البيئة والحيّز العام لترسيخ قيمًا مشتركة وهوياتيّة.في فلسطين الـ 48، انطلق عام 2021 مشروع يعزز مفهوم صناعة المكان ويحمل أسم “قلب البلد”، حيث بادر إلى المشروع كل من المركز العربي للتخطيط البديل وجمعية “تشرين”، بمرافقة إعلامية من مركز “إعلام”، علمًا أنّ مركز العربي للتخطيط البديل كان قد بدأ بلورة فكرة المشروع سابقًا من خلال لقاءات مع مختصين بالتخطيط بالناصرة، والتعلم من تجربة “فالنسيا”، ولاحقًا ترجم المشروع إلى أول تجربة في منطقة حي الشونة في عكا مع مجموعة “عكا 5000″، بمرافقة مجموعة مهندسين ناشطين خريجي مساق رواد التغيير في تخطيط المدن وطاقم معهد قضايا لتنمية القيادة الجماهيرية وإدارة الحملات، ليتم اليوم العمل على توسيعه إلى بلدات إضافية.ويتم تطبيق المشروع في 4 مدن رئيسيّة، وهي: الطيبة الطيرة عكا والناصرة، ليقوم بدعم وتشجيع وتوفير الأدوات اللازمة للناشطين للاستمرار في إحياء الأماكن العامة وتسليط الضوء على أهميتها وذلك بعد أن لاحظت المؤسسات الشريكة، اهتمام كبير لدى مجموعات شبابية ناشطة في البلدات المذكورة بإحياء الحيّز العام في بلداتهم، ومنها مجموعة متطوعات في الطيبة، رابطة الأكاديميين في الطيرة، مجموعة “عكا 5000” في عكا وعدّة مجموعات في الناصرة. يُشارك في المشروع في كل مدينة نخبة من الشباب الناشط سواءً في مجال الهندسة أو مجال التصميم والتخطيط، أو العمل الاجتماعي أو التربية والتعليم وما إلى ذلك، حيث سيتم العمل معهم سوية على مشاريع يتم خلالها إضافة لمسات وبناء تصاميم لأماكن عامة في المدن المذكورة بصورة تحاكي وتعزز الهوية الفلسطينية.
وعن المشروع، قالت رناد جبارة، مديرة مؤسسة “تشرين”: “صناعة المكان” هي عملية مُشتركة من قبل السكان المحليين تهدف لخلق وتحسين وادارة أماكن بصورة حضارية إلا أنها تحاكي الهوية المكانيّة والسكانيّة وفي حالتنا الهوية الفلسطينية، مما يجذب المواطنين إلى تلك الأماكن ويعزز تفاعلهم الوطني والاجتماعي والارتباط العاطفي بالمكان، إلى جانب الارتباط بهوية المكان وتاريخه. وأوضحت: من نافل القول أنّ المشروع يأتي كردٍ على مساعي التهويد وطمس هوية المكان، معظم الأمكنة العامة تعاني من الإهمال في أفضل الحالات وتغيب وطمس الهوية، في أسوأها، ذلك في محاولات لتغليب الرواية الصهيونية على الرواية الأصلانية للمكان، عليه يأتي هذا المشروع كنوع من الاحتياج، ليس فقط لتحسين الأمكنة إنما ايضًا لربطها بهوية مجتمع كامل.
وأوضحت عن تركيبة المشروع: يتكون المشروع من أربع فرق عمل شبابية، من مختلف التخصصات والجامعات، والتي بعد تدريبها واكسابها آليات في تعزيز مفهوم صناعة المكان، والقيادة، والحملات الجماهيرية، ستعمل على ترجمة 4 مشاريع عينية على أرض الواقع من خلال تصميم النماذج والتصورات سوية مع طاقم المركز العربي للتخطيط البديل وبمرافقة إعلاميّة وجماهيرية من مركز “إعلام”.
بدورها، قالت د. عناية بنا، المديرة المهنية للمركز العربي للتخطيط البديل: مفهوم صناعة المكان بدأ بالتطوّر في سنوات الـ 60 ويحمل عدة أهداف منها تنمية مجتمعية من خلالها يتم جذب الأفراد إلى الحيز ويعزز انتماؤهم، وضمان العدالة الاجتماعية من خلال خلق أحياز تلائم الفئات المستضعفة في الوقت التي تعاني هذه الفئات من التمييز والتهميش، وايضًا الحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري للمجموعة السكانية في ظل التطور العمراني الحديث والذي يتجاهل خصائص المكان وهويته، وتحسين جودة الحياة في الحارات السكنية ومراكز البلدان التاريخية.